في الوقت الذي يعانى فيه كثيرٌ من حملة الدرجات العلمية قلة الدخل، وعدم توافر فرص عمل، نقرأ في إحدى الصحف إعلانا عن حاجة أحد الفنادق الشهيرة بدولة شقيقة ل 3 راقصات شرقيات بخبرة وبدون براتب شهري يبلغ 60 ألف دولار أي ما يُعادل مليونا ومائتي ألف جنيه مصري، شريطة أن تكون المُتقدمة للوظيفة حسنة المنظر، وتحمل مؤهلا عاليا، ولا يزيد سنُها على 35 سنة، مع إجادة تامة للغة الإنجليزية. ولو قبلنا شرط الجمال باعتباره من مُتطلبات تلك المهنة، فإن الشروط الأخرى ليس لها غرضٌ إلا استفزاز القارئ، ودفعه للعض على إبهامه غيظا ! إن إعلانا كهذا يجعل الكثيرين ممن حرصوا على الحصول على أعلى الشهادات؛ ظنا أنها سفينة الوصول لبر الأمان يبكون بدلا من الدموع دما على أيام العمر المُهدرة في جهد لا طائل من ورائه إلا الفقر والحرمان، وشدة الجوع بعد التخرج ! إن راتب كثيرٍ من العاملين في الهيكل الإداري للدولة يكفيهم بالكاد لمدة 10 أيام من الشهر ويبقون ثلثي الشهر يدورون بين رحى السلف من الزملاء، والسحب من المحلات لحين قبض الراتب الجديد، ورغم هذا فإن هؤلاء أفضل حالا ممن لم يحظوا بفرصة الوظيفة "الميري"، التي تضمن راتبا شهريا، يُعتبر رغم قلته أفضل من عدمه. إن أمة تفيض ببذخ على راقصات يرتدين ثيابا تكشف أكثر مما تستر، و يتمايلن بأجسامهن فتتمايل معهن قلوب الغارقين في الملذات، في الوقت الذي تُقطر فيه على حملة الدكتوراره وأصحاب الاكتشافات والأبحاث العلمية، لهى أمةٌ يجبُ أن نُكبر عليها أربعا ! والمؤكد أن مثل هذه الإعلانات تقتلُ الطموح، ودافع التفوق في نفوس الناشئة، إذ يترسخُ في وجدان الناشئ بعد قراءة مثل هذه الإعلانات أن تعبَه وجهده أشبه بحرث في ماء، وغرس في قيعان، بعدما صار العلمُ والتفوق سلعة كاسدة، على عكس حال لاعبي الكرة والراقصات، الذين يتقاضون الملايين بل المليارات ! إن إعلانا كهذا سيجعل الكثيرات - ممن سلكن طريق العلم الوعرة، التي تتطلب صبرا وجلدا، وبعد ذلك يلتحقن بطابور العاطلين - يفكرن في تحويل المسار رغبة في المكسب السريع والشهرة الواسعة ! إن نظرة لحال حاملي الشهادات تكشف عن أزمة حقيقية، حيث إن راتب راقصة ممن تنطبق عليها شروط الإعلان السابق يزيد على راتب أكثر من 500 خريج من خريجي كلية الطب، التي تُعتبر من كليات القمة، التي يبذلُ الطالب وأسرتُه الغالي والنفيس للالتحاق بها . إن إعلانا كهذا يتطلبُ من الدولة أن تُعيد النظر في دخول حملة الشهادات العلمية والنوابغ باعتبارهم فرس رهان التقدم وليس الراقصات ممن على شاكلة الراقصة محاسن الصدف في فيلم صاحب الجلالة ! Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى;