كثُرت مُؤخرا البرامج المُوجهة، التى يقدمها إعلاميون، يزيدون الفتنة اشتعالا، وينفخون فى النار تحت الرماد، زاعمين أنهم يُحسنون صُنعا، وأنهم وطنيون حتى النخاع، مع أن الواقع يُكذب ذلك. براءةُ الرئيس مبارك، كانت صدمة لقطاع كبير من الشعب، خاصة أسر الضحايا، وذوى الأبرياء الذين قُتلوا غدرا، فجاءت تلك البراءةُ لتؤكد ذهاب دمائهم رخيصة، وضياعها هدرا، وتزيد لوعة الأم الثكلى، والأب الكسير، والزوجة الأيم، والطفل اليتيم. وإن كنا لانملك التعليق على حُكم القضاء، الذى لانشك أبدا فى نزاهته، لأنه يحكُم اعتمادا على أوراق وأدلة، فإننا نملك، مُعارضة الإعلام المستفز، الذى يزيد المكلومين احتقانا، ويؤكد لسان حاله أنه يسير وفق أجندات خاصة، ويعمل لصالح أناس لايريدون استقرار مصر، خاصة بعد إقصائهم عن حلبة المنافسة فى الحياة السياسية بمصر. والمتأمل يجد أن أكثر إعلامينا أحدَ نوعين : نوعٍ اتخذ من برنامجه (الملاكى) مسرحا للطبل والزمر؛ تعبيرا عن فرحته بحكم البراءة، دون أن يُعير المُخالف اهتماما، أو يُراعى مشاعره وصدمته بهذا الحكم. وآخر ممّن امتلأت بهم الشاشات، لايعرف قامُوسه اللغوى سوى كلمات الشتم والتجريح للمُخالف، دون مراعاة لمشاهد أو تقدير لمستمع، والقليل منهم هو من عرف الواجب المنوط به، والرسالة التى يحملها على كاهله. إن الدور المنوط بالإعلام، والذى حاد عنه كثيرٌ من مُقدمى البرامج، دورٌ تنويرى، يهدف إلى رأب الصدع وتضميد الجراح، أما ما نراه من سكبٍ للبنزين على النار، وإثارة الفتن، واستضافة أصحاب الفكر المنحرف، والشماتة فيمن يُخالفهم الرأى، فليس إعلاما هادفا، بل هو إعلامٌ موجهٌ للهدم والتخريب، هلّل أصحابُه لنظامٍ غابر لم يُقدم لمصر سوى الفقر والمرض، وبمجرد أن دالت دولته، غيروا جلدهم، واندسوا فى زمرة الوافد الجديد. إن ميثاق الشرف الإعلامى يتطلب، ممن يعتلى منبر الإعلام أن يتحلى بالموضوعية، ويتجنب ألفاظ الشتم، ونبش القضايا التى تغرس بذور الشقاق. وأخيرا فلابد أن يعلم إعلاميونا الكرام أن الكلمة التى ينطقها الإنسان، هى وسيلة ارتقائه فى الجنة درجات، أو سقوطه فى النار دركات، وأن الكلمة نور وبعضَ كلماتِ الناس قبور، لهذا أوكل الله مَلكين بتسجيل كلمات العباد، فقال ربنا: (ما يلفظُ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، كما اعتبر الرسول الكلمة الطيبة دليلا على إيمان العبد، فقال صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). وإذا علموا هذا فلابد أن يتجنبوا كلمات الشتم والإهانة، ويخلعوا ثوب القضاء الذى لبسوه دون حق، ويحرصوا على أن يكونوا دُعاة سلم لا أبواق فتنة. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى