ليس مصادفة أن كل المعارك والمكائد التى تصيب منطقة الشرق الأوسط دائما تصب أخيرا فى مصلحة إسرائيل، وهذا ليس بجديد فمنذ اتفاقية سايكس – بيكو 1916 عقب الحرب العالمية الأولى والتى بها تم تقسيم باقى الكعكة بين انجلترا وفرنسا جاءت الضربة القاصمة بوعد بلفور 1917 الذى ينص على تأسيس دولة لليهود فى فلسطين وظلّت تتوحش وتقضم باقى فلسطين قطعة قطعة بمساعدة الغرب الذى يخترقه اللوبى الصهيونى بالهيمنة الاقتصادية والسياسية حتى جاء عهد الرئيس الأمريكى جيمى كارتر (1977 – 1981) حين تولى «برنارد لويس» منصب مستشار وزير الدفاع الأمريكى لشئون الشرق الأوسط وهو المستشرق الذى جمع بين الأصول البريطانية والجنسية الأمريكية والديانة اليهودية والتعصب الصهيونى وعهدوا إليه بمشروع تفكيك الشرق الأوسط إسلاميا وعربيا، وتدبير المكائد فبدأ بدفع العراق وإيران والأكراد وسوريا وتركيا ليقاتل بعضهم بعضا، وأشعل نار الفتن بين التجمعات العرقية والمذهبية والدينية، وتم تنفيذ خطة هذا المشروع التفكيكى بدأب وتصميم مع تسخير الإعلام الغربى لخدمته وتغييب الشعوب العربية والإسلامية، وقد أغروا قطر بأن تعرض نفسها لخدمة المشروع برغم أنها تملك أكبر حقول الغاز بعد روسيا ولكنها ارتضت دور الخادم المطيع، وقناة الجزيرة ما هى إلاّ صنيعة الصهيونية، ويجند المشروع البعض من داخل الدول المستهدفة كطابور خامس بإنشاء المنظمات والجمعيات الوهمية والإغداق عليها بالأموال والمساعدات المقنعة. والنتيجة النهائية أنهم نجحوا فى مخططهم فيما عدا مصر المحروسة المستعصية التى كانوا يخططون لتقسيمها إلى دولة للبدو فى سيناء، ودولة فلسطينية بضم شمال سيناء إلى غزة، ودولة إسلامية سنية عاصمتها أسيوط، ثم دولة للنوبة عاصمتها أسوان، والدلتا مسيحية عاصمتها الإسكندرية!! ولكنها كنانة الله هو حاميها بإذنه .. أليس غريبا أنه لم تنج دولة عربية وإسلامية فى الشرق الأوسط من الاعتداءات الإرهابية بجماعات موجهة مثل داعش والإخوان وأخواتهما لاستنزاف قواها وأموالها وبنياتها الأساسية لكى تصبح خرابا، أمّا إسرائيل التى تصدع الجماعات الإرهابية رؤوسنا بالهتافات الخاوية التى ترددها فى الهواء ضدها «ع القدس رايحين بالملايين»، لا يستطيعون مسّها بأى أذى وليس أدل على ذلك من اعتذار داعشى علنى على الملأ عن قذيفة أطلقت بالخطأ على إسرائيل، ولم تسبب أى خسائر مع التأكيد على عدم تكرار هذه «الخطيئة»!.. أقول إن إسرائيل هى المحرك الرئيسى لهذه الفتن وهى تبحث دائما عن منابع القوة، ولا تجرؤ أمريكا أو أوروبا أن ترد لها أمرا عدا بعض التصريحات الشكلية، فالمصالح متبادلة وحمايتها مهمة مقدسة، وبريطانيا هى العقل المدبر لكل ما هو ضد منطقة الشرق الأوسط ولمصلحة إسرائيل التى لا تكل ولا تمل من الدسائس فى المنطقة وليس هذا غريبا على طباعهم من قديم فقد فعلوها من قبل بين الأوس والخزرج فى المدينةالمنورة عندما ضاعت منهم الزعامة الاقتصادية فأججوا الخلاف بين القبيلتين بعد أن أصبحوا إخوانا.. وكان ذلك على يد فتى من اليهود اسمه «شأس بن قيس» قال: (والله لا بد أن نعيدها جذعة ونرجعهم إلى ما كانوا عليه من أحقاد وعداوات فلا استقرار لنا ما داموا قد اجتمعوا) وذكّرهم بيوم «بعاث «فحدث النزاع واستيقظ التباغض ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم تدخل بينهم، ودفعتهم كلماته إلى إلقاء السلاح وعانق بعضهم بعضا، أليس هذا ما يفعله اليهود دائما، فمتى نصحو من غيبوبتنا بعد انتهاء زمن الأنبياء؟! د. مصطفى شرف الدين