قتال ونضال, كفاح وجهاد, عزيمة واصرار, مناورة واقتحام تحد وعصيان, لا للظلم والطغيان, ضد القهر والعدوان أنه عنوان جميلة لمرحلة ناصعة سطرتها ثورة الجزائر بحروف من نور في التاريخ العربي الحديث. في الخامس من يوليو1962 انتزع الثوار الجزائريون استقلالهم من فرنسا فيما بات يعرف في الأدبيات السياسية بثورة المليون ونصف مليون شهيد التي تعتبر بحق أشرس وأعنف معارك التحرير الوطني التي عرفتها البشرية خلال العصر الحديث, أتون ملتهبة استمرت في مقاومة الاحتلال الفرنسي بدءا من المقاومة الشعبية بقيادة الأمير عبدالقادر والمقاومة المسلحة والمقاومة السياسية وانتهاء بثورة التحرير التي اندلعت في أول نوفمبر1954 واستمرت عدة سنوات دفع فيها الشعب الجزائري الكثير من الدماء والدموع لنيل حريته واستقلاله. لم يكن الاستقلال هو المحطة النهائية بل كان نقطة البداية لمعركة مستمرة في التنمية والبناء والتحديث ومحارلة إرث الاستعمار لا تقل في أهميتها عن معركة التحرير. ها هي النتائج تتجسد علي أرض الواقع لتؤكد ان ما حدث لم يكن مجرد اندلاع ثورة شعب وإنما كان نقطة تحول خطير في مسار حركة النضال الوطني في العالم الثالث ضد قوي الاستعمار بكل أشكاله. حكايات الشعب الجزائري تضرب في عمق التاريخ لكن الكيان السياسي يعود لأكثر من400 عام, لكن البداية في قصة الملحمة البطولية تعود إلي ما قبل اندلاع شرارة ثورة نوفمبر بأكثر من قرن وربع قرن من الزمان. بدأت القصة في29 ابريل عام1827 حينما استدعي الداي حسين حاكم الجزائر في ذلك الوقت قنصل فرنسا ليسأله عن سبب مماطلة فرنسا في دفع ثمن القمح الذي اشترته من الجزائر, وأجاب القنصل الفرنسي في صلف بأنهم لن يدفعوا وهب الداي حسين من مقعده وطلب من القنصل الفرنسي ان يغادر المكتب فورا, ولما لم يمتثل القنصل لهذا الأمر هوي عليه الداي بمنشته وضربة الضربة التاريخية المعروفة, واتخذت فرنسا من هذا الحادث ذريعة لغزو الجزائر, وهاجمت القوات الفرنسية سيدي فريح في14 يونيو1830 وواصلت توغلها في الأراضي الجزائرية حتي تمكنت من احتلال العاصمة, ومنذ اللحظة الأولي لم يدخر شعب الجزائر جهدا في تصعيد مقاومته للاحتلال بكل صفوف المقاومة وكانت البداية مع حركة الثورة والمقاومة التي قادها عبدالقادر الجزائري ثم توالت بعد ذلك ثورة بومعزة وثورة بوبغلة وثورة مولاي محمد عبدالله وثورة بوسعده ومع بداية القرن العشرين تجدد لهيب الثورات مرة أخري في أعوام1916,1914,1902, وقد كانت هذه الانتفاضات والثورات المتتالية مجرد ارهاصات للثورة الكبري التي تفجرت في كل انحاء الجزائر يوم أول نوفمير1954 ووقف الفرنسيون مشدوهين أمام تلك الروح الجسورة التي دبت في الجبال والحقول والشوارع والأزقة والمنازل والمصانع هكذا انطلقت أول رصاصة في جبال الأوراس معلنه بدء ثورة التحرير والخلاص. ومنذ استقلالها في الخامس من يوليو1962 شهدت الجزائر في العام1965 انقلابا علي الرئيس الأول أحمد بن بلة الذي اطاح به وزير دفاعه حينها هراري بومدين ولسنوات طويلة سمي الانقلاب التصحيح الثوري لكن الرئيس بوتفليقة الغاه كيوم وطني كنوع من الاعتذار من بن بلة الذي وافته المنية قبل شهور قليلة فقط. بوتفليقة الذي حدد الزمان والمكان في الذاكرة البيضاء يعلن ان بلاده تمر بمرحلة حساسة علي المستويين الداخلي والخارجي تستدعي التعامل معها بكل حكمة ورصانة لذلك قام بخطوات ثابتة وواضحة في طريق الاصلاح وحدد موعدا لتحديات خريطة طريق تنموية وأدار انتخابات ناجحة وشفافة واعلن نيته عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة عام.2014 وتأتي احتفالات الجزائر الآن ولمدة عام تكريما للثورة التي هزت الوجدان, امتزج فيها الفن بالسياسة بعبق التاريخ, غير ان الانصاف والحق يتطلبان مزيدا من التوثيق والتاريخ ودراسة جوانب الثورة من كتب وأفلام وصور ومراجع.