هناك صوت تمنيت لو سمعته وأنت تستقبل العيد يقول لك كل سنة وأنت طيب ولكنك لن تسمعه.. ربما أخذته منك أحداث الزمن والحياة.. ربما اختفى صوته إلى الأبد فى رحلة سماوية قدرية..ربما لأن جبال الجليد امتدت بينكما وأصبحت سداً فلا أنت تراه ولا هو يسمع صوتك.. فى كل المناسبات التى يجتمع فيها الناس نعيش مثل هذه الأحداث رفاق سافروا وأحباب رحلوا وأناس اخذوا فى القلب مكانا لم يحافظوا عليه.. فى مثل هذه المناسبات أحاول أحيانا أن أفتش عما بقى عندى من ذكريات هؤلاء.. ربما أراهم فى صور على الجدران..ربما اسمعهم فى أغنية غابت من سنين.. وأنا أتذكر دائما صوت أم كلثوم وهى تحلق «ياليلة العيد آنستينا» خاصة إذا كان التسجيل القديم وهى تشدو بهذه الأغنية فى النادى الأهلى العريق.. فى هذه المناسبات أتذكر وجوها اختفت فى ظروف غامضة كما ظهرت تماما.. بعض الناس يظهر فى حياتك ويتسلل من وراء القضبان ويصبح حقيقة لا تستطيع أن تنكرها وفجأة يذهب مثلما اتى ويختفى خلف سحابات ثقيلة من النسيان.. إننى احزن كثيرا حين أجد إنسانا ملأ حياتى يوما وقد أصبح مجرد طيف عابر لا اذكر من ملامحه شيئا.. مثل هؤلاء لا ينبغى أن تحزن عليهم أنهم مجرد كلام فى الهواء لا تستطيع أن تلمس منه شيئا.. إنه غبار يتطاير حولك إذا وجدت لديك الفرصة حاول أن تسأل عن إنسان مريض لأنه أحوج الناس إليك.. إن السؤال عنه يعيد له الحياة التى سرقتها منه الأيام والجحود والمرض..حاول أن تسمع صوت صديق غاب عنك كثيرا وليتك تسأل عن حب لم يعد له مكان فى حياتك وإن بقى شعاعا مضيئا فى حياة إنسان آخر.. هناك أشياء صغيرة فى حياتنا ينبغى أن تبقى رغم قسوة الظروف ورغم تلال الجليد التى تغطى أيامنا وتستبيح أفراحنا.. وأنت تستقبل العيد حاول أن تجدد فرحتك به حتى لو كبرنا تبقى بعض الأشياء التى نتمنى لو عشناها ألف مرة..قد تكون فى لقاء عابر أو ايد تصافحت أو عيون عرفت طعم البريق أو أغنية سمعناها وعشنا معها لحظات جميلة ويمضى بنا العمر ونتمنى لو سمعناها ألف مرة..كل عيد وأنت طيب. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة;