رغم كل ما كان بيننا من الود إفترقنا دون ان نقول كلمة عتاب واحدة.. كل واحد منا حمل جراحه ومضي.. جمعتنا مناسبات كثيرة وكانت العيون تقول كل شئ.. ولكن الكلمات تجمدت.. لاهي عاتبت ولا انا عاتبت وبقي بيننا سؤال حائر لماذا افترقنا ولماذا كانت النهاية ومضت سنوات العمر وكلما زادت اتسعت فجوة الفراق وحلت مواكب النسيان.. وبقي شئ ما بيننا.. لا ادري لقد أخذت جزءا بعيدا في القلب وسكنت فيه.. احيانا نغلق صفحة من اوراقنا القديمة لنبدأ صفحة جديدة ونتوهم ان الأشياء القديمة ماتت ثم نكتشف فجأة انها مازالت تسكننا ونحن لا ندري.. قد تعبر في مكان أو تجلس فيه علي غير موعد ثم تجد امامك وجها تصورت انه اختفي.. تجد امامك طيفا ربما غاب.. قد تسمع اغنية نسيتها من زمن وتقطعت كلماتها مع الأيام, وفجأة تتذكر كل حرف وكل نغمة فيها.. وربما وجدت الشخص نفسه يقف امامك دون ان يحمل شيئا من هذا الماضي وهنا يكون الفرق بين الإنسان.. والذكري.. ان الإنسان لم يعد يمثل شيئا في حياتك, وانت لا تعني شيئا في حياته, لقد اختفي وجوده المادي وبقي وجوده المعنوي.. نحن لا نملك الإنسان ولكننا نملك الذكري.. وبعض الناس لا يكون حريصا علي ان يبقي له شئ من الماضي.. انه يحرق كل شئ قبل ان يودع البيت وهناك شخص آخر يحتفظ بكل ذكرياته وقد يجتمع الاثنان يوما وتري أحدهما غارقا في اوراقه القديمة وهي تتناثر حوله بينما الآخر يجلس مبتسما لأنه لا يحمل شيئا غير نفسه, لقد انفصل تماما عن ماضيه.. منذ ايام رأيتها.. كبرت مثلما كبرت.. تخفي وراء نظارتها سنوات العمر ومتاعب الرحلة ولكنها مازالت تعاند الزمن وتكابر السنين.. سنوات طويلة عبرت وكلما جمعتنا الصدفة تمنيت لو جمعتنا للحظة كلمة عتاب لم نقلها.. وسؤال حائر لم نجد الإجابة عليه ومازال يؤرقني.. لماذا افترقنا.. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة