وصل السفير النبوى جعفر بن أبى طالب ومعه أصحابه إلى الحبشة فجعفر من ألقيت على عاتقه مهمة عظمى لا يؤديها إلا الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من بيت النبوة، علاوة على أنه كان أرجح المهاجرين عقلاً ومن أسبقهم إلى الإسلام، و إحاطته بأحكام الإسلام ومبادئه واسعة كما كان أعظمهم شجاعة. وهو أهل لهذه المهمة، وما إن حط رحاله حتى بادر بالسؤال عن قصر النجاشي، وهناك التقى بالحاكم الذى أكرمه وأحسن وفادته، ومن معه، ثم قام بالرد على الرسالة الدبلوماسية النبوية: إلى محمد رسول الله من النجاشى الأصحم بن أبحر سلام عليك يا نبى الله من الله ورحمة الله وبركاته لا إله إلا هو الذى هدانى إلى الإسلام فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقرَّبنا ابن عمك وأصحابه وأشهد إنك رسول الله صادقاً ومصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وقد بعثت إليك يا نبى الله إبنى أرها بن الأصحم بن أبحر فإنى لا أملك إلا نفسى وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله فإنى أشهد أن ما تقوله حق. وبهذه الرسالة الدبلوماسية أصبحت دولة الإسلام فى مكة حقيقة واقعة إضافة إلى ما أسهمت به من التأسيس لمفهوم الدولة الوليدة على أرض الحبشة وذلك بتصرفه الحكيم صلى الله عليه وسلم من خلال (نظرية المخزون الإستراتيجي) إن هلك النبى وأتباعه فى مكة كان المسلمون الذين فى الحبشة هم المكملون للدور النبوى بمتابعة الدعوة إلى الله هناك ، ثم الخروج إلى أرجاء الأرض ؛ ولكن حكمة الله اقتضت غير ذلك فأقام المسلمون فى الحبشة حوالى خمس عشرة سنة شكلوا الجالية المسلمة فى أرض الحبشة وكان مقدمهم فى أول السنة السابعة للهجرة ، لله درك يا سيدى يا رسول الله، وما أبعد نظرتك، لقد أذنت لهم بالعودة بعد أن انتشر الإسلام ولم يعد هناك خوف عليه، عادوا وأنت ترسل الكتب والرسائل إلى حكام وملوك وأمراء الأرض تدعوهم إلى الإسلام، بعد انتصار صلح الحديبية، وبذلك أقام النبى صلى الله عليه وسلم نظاماً دبلوماسياً يضاهى الأنظمة الدبلوماسية السائدة آنذاك فى الدول الكبرى.