تزايدت الضغوط حول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى المطالبة بالاستقالة بعد أن فشل حزبها» المحافظون» فى نيل الأغلبية المطلقة فى البرلمان البريطانى لكنها أكدت رفضها الاستقالة وتوجهت للملكة اليزابيث الثانية لطلب الإذن بتشكيل الحكومة. وأظهرت النتائج خسارة ماى لأغلبيتها البرلمانية المطلقة التى كانت تتمتع بها، مما يجبرها على تشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية، وهى عملية عسيرة ومليئة بالتحديات تدخل بريطانيا فى حالة من الغموض وعدم الاستقرار السياسى يزيد فداحتها أن مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبى يفترض أن تبدأ يوم 18 يونيو الجاري. وبحسب نتائج الانتخابات، فقد حصل المحافظون بزعامة ماى على 318 مقعدا من أصل 650 مقعدا هى أجمالى مقاعد البرلمان بانخفاض 12 مقعدا عن البرلمان المنتهية ولايته، حيث كانت ماى تتمتع بغالبية 17 مقعدا. فيما حصل حزب العمال المعارض على 262 مقعداً بارتفاع 29 مقعداً. ويعنى عدم تحقيق أى من الحزبين الكبيرين أغلبية برلمانية، أن البرلمان الحالى «بات معلقا» بإنتظار المشاورات الخاصة بتكوين إئتلاف من عدة أحزاب، أو تشكيل حكومة أقلية، يجب لتمريرها أن تنال تصديق غالبية أعضاء البرلمان. وتشكل النتيجة فشلا شخصيا ذريعا لماى التى دعت إلى الانتخابات المبكرة أملا فى تعزيز غالبيتها فى البرلمان واطلاق يدها فى مفاوضات البريكست. ومع ظهور تراجع مقاعد المحافظين، توالت الدعوات على ماى للإستقالة. إلا أن رئيسة الوزراء البريطانية ردت بالتوجه إلى قصر باكنجهام صباح أمس، حيث طلبت من الملكة إليزابيث الثانية الإذن بتشكيل الحكومة الجديدة، بوصف المحافظين ما زالوا أكبر الأحزاب فى البرلمان، برغم تراجع عدد مقاعدهم. وقالت ماى عقب ظهور النتائج «فى هذا الوقت، أكثر ما يحتاجه هذا البلد هو فترة من الاستقرار». وأضافت»إذا كان حزب المحافظين قد فاز بأكبر عدد من المقاعد وعلى الأرجح بأكبر عدد من الأصوات فسيكون لزاما علينا أن نضمن تحقيق تلك الفترة من الاستقرار وهذا هو ما سنفعله بالضبط». وذكرت مصادر الحكومة فى «10 داوننج ستريت» إن ماى «لن تستقيل»، وإنها ملتزمة بقيادة الحزب والحكومة. إلا أن خروج ماى «ضعيفة» و»جريحة» من الانتخابات هو ما يهز صورتها ويلقى بظلال من الشك على أستمرارها كرئيسة للوزراء لفترة طويلة. وترددت أسماء بالفعل يمكن لها أن تخلف ماى فى حالة انقسام حزبها عليها، ومن بين هذه الأسماء وزيرة الداخلية أمبر راد، ووزير الخارجية بوريس جونسون. وفيما سادت حالة من الذهول حزب المحافظين، سادت حالة من الفرحة حزب العمال الذى حقق نتائج أفضل كثيرا جدا من استطلاعات الرأى العام. وقال زعيم العمال جيرمى كوربن عقب ظهور النتائج «لقد خسرت ماى مقاعد المحافظين، وخسرت الدعم والثقة. هذا كاف من أجل أن ترحل وتفسح المجال لحكومة تمثل حقا» البريطانيين. وخرجت أصوات مماثلة من حزب المحافظين تدعو ماى للاستقالة، من بينها الوزيرة السابقة آن سوبرى التى قالت إن على ماى التفكير فى الاستقالة، مضيفة أنها «فى وضع صعب للغاية». وبات على المحافظين الأن تشكيل تحالف حكومى مع حزب آخر، مثل الاتحاد الديمقراطى الأيرلندي، أو الاكتفاء بتشكيل حكومة أقلية، وفى الحالتين فإن المفاوضات ستستمر أسابيع عدة ما قد يوجه ضربة قاسية إلى الجدول الزمنى لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. وإذا تعثرت ماى فى نيل دعم البرلمان لحكومتها الائتلافية وبرنامجها للحكم، ستدعو الملكة إليزابيث حزب العمال بوصفه الحزب الثانى فى البرلمان لتشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية. لكن العمال أيضا قد لا يستطيع تشكيل أغلبية مريحة فى البرلمان. وهذا يطرح الخيار الثالث وهو «حكومة وحدة وطنية» من حزبى المحافظين والعمال، لكن هذا مستبعد بسبب الخلافات الكبيرة بين الحزبين. ومع استبعاد ذلك الخيار، يبقى الحل لتشكيل حكومة مستقرة وقوية هو إجراء انتخابات جديدة بعد عدة أشهر، سيأمل خلالها الحزبان الكبيران نيل أغلبية برلمانية مريحة. ولم تكن نتائج الانتخابات مفاجئة فقط فيما يتعلق بالمحافظين والعمال، فقد فشل حزب «استقلال بريطانيا» الذى يمثل اليمين القومى البريطانى فى الفوز بأية مقاعد، وأعلن زعيم الحزب بول نوتال استقالته من منصبه، كما منى «الحزب القومى الاسكتلندي» بخسائر غير متوقعة وانخفض عدد مقاعده من 55 مقعدا ل34 مقعدا. اقتصاديا، تراجع الجنيه الإسترلينى أمام اليورو والدولار مع ظهور النتائج، وتأكد أن بريطانيا سيكون لديها برلمان معلق. ..و مخاوف أوروبية من تداعيات النتائج فيينا مصطفى عبدالله بروكسلبرلين وكالات الأنباء : عكست خسارة رئيسة الوزراء البريطانية الأغلبية البرلمانية فى الانتخابات العديد من المخاوف الأوروبية من تداعيات النتائج، حيث حذر دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى بريطانيا من أن التأخر فى بدء مفاوضات الخروج “البريكست” من الاتحاد الأوروبى قد يعنى خروجها دون اتفاق.وطالب توسك بريطانيا ببدء المفاوضات فى أقرب وقت ممكن، والقيام بما فى وسعها لتفادى موقف عدم التوصل إلى اتفاق نتيجة لعدم بدء المفاوضات من الأساس. وأضاف رئيس المجلس الأوروبى “لا نعلم متى تبدأ مفاوضات خروج بريطانيا، ولكن نعلم موعد انتهائها”، وذلك فى إشارة إلى الموعد النهائى فى مارس 2019. من جانبها، أعربت فيديريكا موجيرينى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى عن إحباطها إزاء موقف بريطانيا “غير الواضح” من مفاوضات خروجها من الاتحاد الأوروبى “بريكست”، وذلك بعد مرور عام من تصويت الشعب البريطانى بالموافقة على قرار الانسحاب. وقالت موجيرينى إنه وبعد مرور عام “لا نعلم موقف بريطانيا من مفاوضات الخروج”، مشيرة إلى أنه فى المقابل عملت ال27دولة المتبقية جاهدة لتحديد موقفها التفاوضى بشكل مفصل استعدادا للمحادثات التى أملت أن تبدأ فى 19 من يونيو الجاري. وفى برلين، امتنعت الحكومة الألمانية عن التعليق على نتائج الانتخابات. وقالت أولريكه ديمر نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن «الحكومة الألمانية لا تريد التعليق على نتائج الانتخابات البريطانية وتنتظر تشكيل الحكومة». وعن موعد بدء مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أشارت ديمر إلى أن بريطانيا تقدمت بطلب للخروج من الاتحاد فى 29 مارس الماضي، وقالت: «منذ ذلك الحين تسير مهلة لمدة عامين»، مضيفة أن الاتحاد الأوروبى مستعد للتفاوض. لم يتغير شيئا فى هذا الأمر». وفى باريس، اعتبر إدوار فيليب رئيس وزراء فرنسا أن خسارة حزب المحافظين الأغلبية فى البرلمان، لا تعيد النظر فى موقف البريطانيين من البريكست. وأضاف «لست متأكدا أنه يمكن قراءة نتائج هذا الاقتراع بأنه يعيد النظر بأى شكل فى الموقف الذى عبر عنه بشكل سيادى البريطانيون حول البريكست، و على أى حال ستكون مناقشات طويلة ومعقدة». وفى فيينا، دعا مندوب النمسا لدى الاتحاد الأوروبى عقب إعلان نتائج الانتخابات إلى عدم إضاعة الوقت وسرعة البدء فى التفاوض على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بعدما باتت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى تكافح للاحتفاظ بمنصبها. وقال «نحن بحاجة للبدء فى المفاوضات فى أقرب وقت ممكن.