◙ التقليد يظلم الصوت ويكتم الموهبة والأصوات الحسنة تحتاج إلى من يبحث عنها
حباه الله بصوت عذب قوى يطرب القلوب قبل الآذان، دخل عالم الابتهال صغير السن، ولكنه مزود بقواعد وآداب المدرسة المصرية العتيقة فى فن الابتهال، إنه القارئ والمبتهل الشاب الشيخ محمد عبد الرءوف السوهاجى، الذى أكد فى حواره مع “الأهرام”، أن التقليد فى فن الابتهال وتلاوة القرآن، يظلم الصوت ويكتم الموهبة، ويحصرها فى مساحة ضيقة، وأن المصريين هم رواد وشيوخ فن الابتهال، وأفضل المدارس الوافدة هى “اللون الشامى”، كما أن الابتهالات إذا تمت تأديتها بلغات متعددة تسهم فى مواجهة التطرف وتصحيح صورة الاسلام فى الغرب.. والى نص الحوار. كيف كانت البداية والنشأة؟ وماذا تعلمت من الكُتَّاب؟ عام 1990 كان المولد والنشأة فى نجع سليمان حمد بمركز أخميم بسوهاج، والبداية كانت على يد والدى - رحمه الله- الشيخ عبد الرءوف خلاف مدير شئون القرآن الكريم بالأزهر، وكان قارئاً للقرآن وخطيباً للجمعة، ومنذ نعومة أظافرى كنت ألازمه فى الليالى القرآنية، وأرى مكانته عند الناس بفضل القرآن، وكان يتمنى أن يرانى مثل إخوتى حافظاً للقرآن وقارئاً مثلهم، ولا أنسى فضل أمى حفظها الله فى حفظى للقرآن الكريم، وفضل أبى رحمه الله فى التحاقى وإخوتى جميعا بالأزهر الشريف، حيث إننى تخرجت فى كلية أصول الدين قسم الدعوة والثقافة الاسلامية عام 2012. وكان أبى رحمه الله يقوم بالتفتيش على الكتّاب، وكنت أصحبه فى بعض الكتاتيب القريبة من منزلنا، فتعلمت الكثير والكثير من الكتاب، وكان عمى القارئ الشيخ جبريل خلاف محفظاً للقرآن الكريم فى كتّابه بمنزله، ومن أهم ما نصحنى به عمى وشيخى الالتزام بمخارج الحروف. متى دخلت عالم الابتهال؟ ومن هم شيوخك فى هذا المجال؟ وكيف التحقت بالاذاعة والتليفزيون؟ حدث ذلك وأنا فى الصف الرابع الابتدائى بمعهد جزيرة محروس، حيث سمعت أول ابتهال فى حياتى بصوت الشيخ عبدالتواب البساتينى المبتهل المعروف، ورددت هذا الابتهال فى الإذاعة المدرسية، وفى حفلات المعهد، ثم فى مسرح قصر ثقافة سوهاج أنشدت نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي. والتحقت بالإذاعة المصرية عام 2011 حيث كانت تجوب المحافظات لاكتشاف المواهب، وتقدمت للاختبار أمام اللجنة الموقرة بإذاعة جنوب الصعيد ثم قمت بتسجيل الفواصل فى مبنى الإذاعة المصرية “ماسبيرو”، ثم قدر الله أن يكون أول بث مباشر لصوتى عبر أثير موجات الإذاعة المصرية بشبكة البرنامج العام فى الاحتفال بعيد الإعلاميين عام 2012 . ما رأيك فى مدرسة التقليد؟ وكيف يتم اكتشاف المواهب فى فن الابتهال؟ وما دور وسائل الإعلام فى ذلك؟ مدارس التقليد لا بأس بها فى البداية، لأنها تعتبر إحياء للتراث، ولكن من يستطيع أن يأتى بجديد فليفعل، لأن الإرث موجود ولأن القارئ أو المبتهل لو اقتصر على التقليد يظلم صوته ويكتم موهبته فى دائرة ضيقة، ويتم اكتشاف المواهب فى الابتهال، عن طريق البحث عن الأصوات الحسنة فى المحافظات المختلفة، والإعلام له دور كبير، فلابد أن يبحث عن المواهب التى تستحق الرعاية والعناية ولا ينتظر أن تأتى المواهب إليه لأن المواهب كثيرة ولا تعرف من أين تبدأ، والإعلام يقتصر على ظهور المواهب فى بعض المناسبات فقط. فى الصعيد أيهما محبب لدى الناس الإنشاد ام الابتهال؟ وكيف يتم إحياء ليالى رمضان؟ الابتهالات الدينية والأناشيد من أجمل ما يهتم به الناس فى الصعيد، خاصة فى كل المناسبات والليالى القرآنية، فدائما نسمع الابتهال فى كل المناسبات والليالى القرآنية وحفلات الزفاف بالصعيد، وفى الصعيد يتم إحياء السهرات الرمضانية بقراءة القرآن الكريم والابتهالات الدينية، فكل عائلة لها دار مناسبات يقومون بتبادل الزيارات وسماع القرآن الكريم فى كل يوم حتى السحور. وكيف تختار الأبيات التى تنشدها؟ أختار من كلمات بعض الشعراء المقربين، مثل الدكتور على عبده عبد الراضى وطارق إسماعيل والمهندس أبو طالب محمود والأستاذ الدكتور طلعت المغربى وغيرهم، كذلك أختار من التراث، وبالنسبة للألحان، فعادة الابتهال لا يلحن بل هذا اللون يعتبر من ألوان الارتجال، أما بالنسبة لألحان الأناشيد الإسلامية فأقوم بتلحينها بنفسى وبمساعدة أخى الأكبر الأستاذ بسام عبد الرءوف خلاف، وأراجع الكلمات على يد أخى الأكبر هانى عبد الرءوف خلاف خريج اللغة العربية بجامعة الأزهر. لماذا لم يعد لدينا نجوم فى عالم الابتهال؟ وما رؤيتك لتطوير هذا الفن؟ لأن أكثرهم يعتمد على التقليد ومحاكاة كبار المشايخ القدامى، ولا يهتمون بالتجديد المواكب للزمن، ولا يقومون باختيار الكلمة المناسبة للمقام، ولابد من التجديد فى الكلمة والأداء ولابد من جعل التراث القديم لوقته والأداء الجديد لوقته، ولابد من مذاكرة وتعلم الموسيقى والمقامات لمعرفة كيفية التلحين، مع مراجعة القصائد لغوياً على يد متخصص قبل الأداء، وأهم من كل ذلك الإخلاص والإحساس بالكلمة، فإن ما يخرج من القلب يتجاوز السمع ليصل إلى القلب. وما شروط المبتهل الناجح؟ وكيف تنظر إلى مستقبل الإنشاد الدينى فى مصر؟ أن يكون دارساً للمقامات، مجيداً للنطق السليم، صوته جميل رخيم قوى خاشع، ولابد أن يكون فيه إخلاص وخشوع وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يكون على صلة دائمة بربه، وأن يكون حسن المظهر متواضعا ولين الجانب، ليكون قدوة حسنة للناس جميعا. وأتوقع أن يكون للإنشاد الدينى فى مصر مستقبل باهر ومزهر بمشيئة الله، حيث إننى عضو لمجلس إدارة نقابة المنشدين والمبتهلين، ونرعى فن الإنشاد الدينى والابتهال من خلال نشاطات النقابة، ونكتشف المواهب من خلال مدرسة الإنشاد الدينى بالنقابة، وتم تخريج عدة دفعات مشرفة ومبشرة لمستقبل الإنشاد الدينى فى مصر أكثرها من الشباب صغير السن والفتيات. هل أنت مع من يقول إننا فقدنا الريادة فى هذا الفن؟ لم ولن نفقد الريادة فى هذا الفن بفضل الله، ما دام هناك اهتمام كبير بالأصوات الجميلة، وأذكر أنى رأيت العجب حينما كنت محكماً بمسابقة الأصوات الحسنة بالجامع الأزهر الشريف عام 2015 ، ورأيت مواهب جميلة جداً ومستويات ممتازة تحير العقول وأسست مسابقة عالمية بإحدى القنوات الفضائية السعودية، كانت مسابقة فى الإنشاد الدينى والابتهالات وسافرت 4 محافظات لاكتشاف المواهب، ولكن سامحهم الله لم يجيدوا إدارة المسابقة وسأكملها بمشيئة الله فى قناة أخرى . وما رأيك فى مدارس الإنشاد الوافدة من الخارج؟ جميلة جدا وأفضلها اللون الشامى الأصيل والعريق، ونحن فى مصر نحب التنوع فى الأداء، ولكن أقولها بأفواههم إن معلمى وجهابذة الإنشاد الدينى مصريون، ولذلك يعتبرون المنشد المصرى فى الخارج شيخهم ومعلمهم يجلسون على يديه ليتعلموا منه أصول هذا الفن . وكيف يكون الابتهال وسيلة لمواجهة التطرف؟ من خلال اختيار الكلمة، ولا سيما القصائد التى تشرح العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتوضح تعاليم الإسلام السمح. ما الجوائز التى حصلت عليها؟ حصلت على العديد من الجوائز المحلية والعالمية فى الإنشاد الدينى وقراءة القرآن، منها المركز الأول على العالم فى تجويد القرآن الكريم عام 2005 فى المسابقة العالمية لحفظ وتجويد القرآن بوزارة الأوقاف المصرية، وقرأت القرآن الكريم أمام الرئيس الأسبق مبارك فى أول ظهور لى بالإعلام، كما حصلت على المركز الأول على الجمهورية فى مسابقة الإنشاد الدينى بوزارة الشباب عام 2007، وحصلت على جائزة أفضل أداء فى الإنشاد الدينى مناصفة لعام 2007 من دار الأوبرا المصرية، وعلى المركز الثانى على الجمهورية فى مسابقة المزمار الذهبى لتجويد القرآن الكريم، وحصلت على المركز الأول فى مسابقة الإنشاد الدينى من جامعة الأزهر الشريف عام 2012.