بحسابات الأيام والشهور قد مر عام واحد فقط على فراقك.. أو فراق جسدك عنى, توأمى الغالية .. لكن قلبى له قول آخر وله حسابات مختلفة , فقد افتقد وجودك إلى جواره فى كل نبضة من نبضاته التى تساوى لديه عاما كاملا .. هل حقا لم أرك 365 يوما ؟ هل حقا لم نتحاور؟ الإجابة عندى هى النفى القاطع, حبيبتى الحاضرة .. حقيقة الأمر إننى أتنفس هواءك؛ تحلقين فوق سمائى .. أفكارك وآراؤك هى التى تدور برأسى, بل وأصدقك القول إن قلبك هو الذى ينبض بين ضلوعى بعد أن توقف قلبى كمدا بعد رحيلك .. نعم, أسمع نبرات صوتك؛ تنصحنى, ترشدنى, توجهنى حينما تضيق بى السبل, وكثيرا ما ضاقت واستحكمت الحلقات.. وأسترجع كلماتك:« اوعى تشيلى هم حاجة ».. وكأن لسان حالك كان يقول: ادخريها لما بعد الفراق .. وبالفعل ادخرتها الأيام لى فى مكان أمين الى أن حان وقت المواجهة وسقطت أقنعة الكثيرين, وكانت الصدمات التى لم يتوقف خلالها أنين قلبى .. ياااه يا أمى..أين أنت ؟ من عالمك الآخر تسمعين استغاثتى ودموعى تنهمر على وسادتى ليلا .. على الفور يتجدد لقاؤنا فى واحتك الخضراء؛ أدفن رأسى فى أحضانك.. من عبيرك فقط أستمد طاقة متجددة قادرة على الصمود. تربتين على كتفى: «اصبرى واحتسبى». وحدة قاتلة تعانق أيامى, بل تطوقها وتحكم الخناق .. حاولت مرارا أن أعيد قراءة واقعى المؤلم الجديد أو أن أعقد صلحا مع أيام جافة صماء..نادرا ما نجحت وكثيرا ما أخفقت.. سر الاخفاق أدركه جيدا, فقد عشت معك ومع والدى الكريم بين آفاق عالم تجمعه لغة واحدة مشتركة لم ولن يتمكن أحد من فك شفرتها سوانا .. نعم, حبيبتى, فهنا يكمن سر شقائى بدونكما , لا أدعى البحث عن يوتوبيا توماس مور صاحب المدينة الفاضلة .. ولكننى فقط أبحث عن مفردات ذلك العالم الآن فأجدها ضلت الطريق إلىّ, بعد أن استرد الله عز وجل ودائع غالية فى أحضانهما كان _ وما أصعب كلمة كان _ عنوانى ومقر سكنى الذى يتحقق لى فيه مزيج لن يتكرر من الدفء والامان والراحة والحنان .. أنشودة الحب الخاصة بنا ستظل فى أعماقى الى أن يأذن لى الرحمن بالرقود الى جواركما .. لكننى الى أن يحين اللقاء لا أملك إلا دعوات لكما أغلى الناس؛ استجيبا لأمر الخالق الاعظم: «كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية».