أحسن الأستاذ عبدالمحسن سلامة مدير تحرير الأهرام والمرشح لمنصب نقيب الصحفيين فى تحديده الدقيق لطبيعة المعركة المقبلة لنقابة الصحفيين على أنها مهنية فى المقام الأول، والحقيقة أن هذا التحديد يستعيد نقابة الصحفيين إلى الموقع الصحيح، ويخرج بها من ظلمات المصالح الخاصة التى قادها إليها من رأوها وسيلة سياسية لتحقيق صعود المسفسطين ومحترفى الديماجوجية، كما يخرج بها من مربع الرؤية النفعية البلهاء لمن رأوها تقتصر على أن تكون مالية. المعركة اليوم يجب أن تكون مهنية أولا ثم لها جوانب سياسية أو مالية لأن الأزمة التى تواجهها الصحافة الآن هى أزمة حياة أو موت، أمام الضرورات الاقتصادية التى راكمها تعويم الجنيه على أسعار الورق وأحبار الطباعة والأفلام، فضلا عن حتمية العثور على إجابة عن سؤال منافسة وسائل الإعلام الأخرى تليفزيونية أو إلكترونية، وهو بالمناسبة ليس سؤالا مستحيلا وإنما من الممكن استلهام إجابته من تجارب بعض الدول الأخرى مثل الهند، أو اختراع إجابته من خلال استنباط وسائل جديدة للتحرير الصحفي، أو إقرار احجام متطورة للصحف، أو تعامل عصرى أرقى من الإعلان يقلص مساحته وينقص تكلفته سواء للمعلن أو الزبون، وغير ذلك من القضايا التى تؤكد قولا واحدا أن التحديات التى تواجه الصحافة الآن هى مهنية أولا، ومُطعمة بعد ذلك بما هو مالى أو سياسي. الاحتشاد الزاخر والكبير للصحفيين اليوم ينبغى أن يكون خلف المهنية التى طال إهمالها وإلقاؤها من حالق إلى الطابق الأرضى من كل ما يستهدفه الصحفيون والذين قادهم البعض إلى مستنقعات اللغو البيانى والشللية وراحوا يدفعون المشهد المهنى إلى ما يشبه صراع عصابات الأرياف. لابد أن يتكاتف كل المرشحين سواء لمنصب النقيب أو المرشحين لمقاعد مجلس النقابة حول القضية «المهنية» حيث بدونها سيسلمنا الوضع الحالى إلى الإفلاس، فى ظل تقلص قدرة الدولة على إعانة المؤسسات الإعلامية ماليا، وضرورة اعتماد المؤسسات الصحفية بدرجة أكبر على نفسها تدريجيا. بدون مهنية لن ينفعنا إغراق أنفسنا فى السياسة، ولن تجدى الأموال التى نتسولها من الحكومة فى أى شيء، وربما تنقرض مهنتنا ونصبح صحفيين سابقا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع;