لم تكن تجمعا فئويا أو مهنيا فقط يخص الصحفيين بل كانت بوتقة أنصهرت فيها قضايا الوطن الساعى إلى الحرية والإستقلال والتقدم مع قضايا المهنة وحريه الفكر والتعبير وضد الإستبداد ومكائد القصر وضيق المسئولين منها فى سعيها لتعريف الشعب وتنويره وتعليمه وفى تأكيد حقه فى حياة كريمة خمسة وسبعين عاما من عمر نقابة الصحفيين ومن عمر الوطن أمتزجت فيها المهنة مع أحوال الوطن فى أفراحه وأحزانه فى لحظات النصر والإنكسار كانت الصحافة والمهنة والنقابة هى صدى ومرآة هذا الوطن فكلما قويت الصحافة نهض المجتمع وكلما زادت مساحة الحرية أنتعشت الصحافة وأرتقى الوطن معارك كثيرة وكبيرة كانت الصحافة إلى جانب الشعب فى الكفاح ضد المستعمر و المطالبة بالديمقراطية والتغيير حتى أصبح سلم نقابة الصحفيين اليوم هو محطة الشعب فى توصيل رسائله إلى صاحب القرار و لم تكتف النقابة بقضايا الوطن بل أمتدت إلى أرجاء الوطن العربى الكبير تدعم تطلعاته فى التحرر ونيل حقوقه بدءاً من مناهضة الصهيونية إلى دعم الجزائر وفلسطين فى رفض التطبيع وفضح جرائم الصهاينة » فى هذا الملف نعرض لمسيرة النقابة ومعاركها دعوة الأهرام الأهرام أول صحيفة انطلقت منها الدعوة لإنشاء نقابة الصحفيين عام 1891 وتكررت على صفحات جريدة المؤيد عام 1909 وتبعتها صحف أخرى وفى عام 1912 قام عدد من أصحاب الصحف بإنشاء نقابة الصحفيين المصريين وأنتخبت جمعيتها العمومية «مسيو كانيفيه» صاحب جريدة «لاريفورم» بالأسكندرية نقيبا وفارس نمر وأحمد لطفى السيد وكيلين لكنها انتهت بقيام الحرب العالمية الأولي. وبعد انتهاء الحرب قام خمسة من الصحفيين وهم «داود بركات وإسكندر سلامة ومحمد حافظ عوض وجورج طنوس» بتكوين رابطة هدفها العمل على إنشاء نقابة الصحافة وعقب دستور 1923 أسرع ثلاثة من الصحفيين وهم «أمين الرافعى ومحمد حافظ عوض وليون كاسترو» لمقابلة رئيس الوزراء وطلبوا منه إصدار قانون لإنشاء نقابة للصحفيين ثم إجتمع عدد من أصحاب الصحف ومحرريها وبدأوا فى إعداد مشروع النقابة وأعلنوا قيامها عام 1924 وبالرغم من تعدد المحاولات فإن أيا منها لم تنل إعترافا رسميا إلى أن صدر مرسوم بإعتماد نظام جمعية الصحافة فى 20 أبريل سنة 1936 فى عهد وزارة على ماهر إلا أن هذا المرسوم لم يقدرله الإنتقال لحيز التطبيق لأن البرلمان لم يعتمد المشروع المقدم وفى 27 نوفمبر 1939 تقدم رئيس الوزراء على ماهر إلى مجلس النواب بمشروع إنشاء نقابة للصحفيين أعده محمود عزمى وظل فى حالة نقاش إلى أن صدر القانون رقم 10 لسنة 1941 فى 31 مارس بإنشاء النقابة الإشتغال بالسياسة كانت أولى المعارك حظر الإشتغال بالسياسة ففى مجلس الشيوخ عند مناقشة مشروع قانون النقابة رفض النائب يوسف أحمد الجندى الشهير برئيس جمهورية زفتى نصا كانت لا تخلو منه قوانين النقابات المهنية فى ذلك الوقت بحظر الإشتغال بالسياسة قائلا «كيف يحظر على نقابة الصحفيين الإشتغال بالسياسة لأن تنظيم مهنة الصحافة وتكوين نقابة يستلزم الإشتغال بالسياسة فإذا سنت الحكومة قانونا من شأنه الحد من حرية الصحف مما يستدعى أن تناقشه هيئة النقابة تم منعها بحجة اشتغالها بالأعمال السياسية مع أن طبيعة تنظيم المهنة تقتضى من النقابة الكلام فى السياسة كما أن العمل على رفع شأن الصحافة وإعلاء كلمتها يستدعى حتما تعرض النقابة للشئون السياسية» وكانت نقابة الصحفيين هى أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة واستطاع الوعى الجمعى للصحفيين منذ هذه اللحظة ألا يخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبى ولم تسمح الجمعية العمومية أو مجالس النقابة التى أبدت رأيها فى كثير من أمور السياسة العامة للوطن أن تكون بوقا حزبيا لأى تيار أو جماعة سياسية المجلس الأول«معين » وعندما رأت النقابة النور وفور صدور القانون صدر قرار وزارى فى مارس 1941 بتعيين أول مجلس للنقابة مكون من أثنى عشر عضوا ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من المحررين ومن أصحاب الصحف محمود أبوالفتح باشاالذى إختاره المجلس نقيبا حيث كان يتم إختيار النقيب من بين أعضاء المجلس وجبرائيل بشارة تكلا باشا وفارس نمر باشا وعبدالقادر حمزة باشا ومحمد التابعى باشا وإدجار جلاد باشا ومن المحررين خليل ثابت بك وإبراهيم عبدالقادر المازنى ومحمد فكرى أباظة ومحمد خالد وحافظ محمود ومصطفى أمين كما صدر قرار وزارى بتعيين أنطون الجميل ممثلا لمجلس النقابة المؤقت فى لجنة القيد التى تتكون من المستشار رئيس محكمة إستئناف وعضوية النائب العام وأقدم المستشارين بجانب ممثل النقابة ومدير ادارة المطبوعات بوزارة الداخلية شروط القيد قرر أنطون الجميل ممثل النقابة فى لجنة القيد أنه لا يدخل الجدول غير المؤهلين علميا أو تأهيلا صحفيا معترفا به فلم يقبل فى الجدول عام 41 إلا حوالى مائة عضو تقريبا فى جدول المشتغلين المجلس المنتخب والمهمة الأولى لهذا المجلس المعين هى الإعداد لأول جمعية عمومية للصحفيين التى انعقدت فى الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من ديسمبر 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق لاختيار أول مجلس منتخب وكان عدد الأعضاء الذين حضروا الاجتماع الأول 110 أعضاء من 120 عضوا هم كل أعضاء النقابة فى سنتها الأولى سدد كل منهم الاشتراك السنوى وقيمته جنيه واحد وكان أول خمسة أعضاء تقدموا للنقابة كمؤسسين هم حافظ محمود ومحمد لطفى غيث ومحمد أحمد الحناوى ومصطفى أمين وصالح البهنساوي. وحفلت هذه الجمعية الأولى بنجوم فى الفكر والصحافة والسياسة منهم أحمد حسن الزيات وعبدالعزيز الإسلامبولى وفيليب حنين وجلال الدين الحمامصى ونبوية موسى ومصطفى أمين وأحمد قاسم جودة وتوفيق حنا الشمالى وسلامة موسى وعباس محمود العقاد وحسين أبوالفتح وكامل الشناوى ومحمود العزب موسى وفاطمة اليوسف ويوسف جوهر وفاطمة نعمت رشاد وكريم ثابت وأبوالخير نجيب وأنطوان نجيب مصر وإميل وشكرى زيدان وأختارت الجمعية أول مجلس منتخب فى تاريخ النقابة وكانت مدته طبقا للقانون عاما واحدا من ديسمبر 41 إلى ديسمبر 1942 «شقة الايموبيليا» مقر مؤقت منذ صدور المرسم الملكى بإنشاء النقابة فى 31 مارس عام 1941 وحتى عقد أول جمعية عمومية فى ديسمبر من العام نفسه لم يكن للنقابة مقر فكانت تعقد اجتماعات مجلسها المعين المؤقت فى دور الصحف وهى الأهرام ثم البلاغ ثم المصرى وبعد إنتخاب أول مجلس وبسبب إقتران موافقة الحكومة على إنشاء النقابة بشرط توفير مقر لها سارع محمود أبوالفتح بالتنازل عن شقة كان يستأجرها بعمارة الإيموبيليا مكونة من غرفتين لتصبح أول مقر لها وعندما حان موعد عقد إجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942وجد مجلس النقابة أن الصحفيين فى أشد الحاجة إلى مكان أكثر إتساعا لعقد جمعيتهم وأنتقل المجلس إلى قاعة نقابة المحامين الكبري، وأثناء عقد الاجتماع إسترعى انتباه المجلس وجود قطعة أرض فضاء مجاورة لنقابة المحامين عليها بضع خيام وفى اليوم التالى توجه محمود أبوالفتح إلى جهات الإختصاص فى الدولة وطلب هذه الأرض ليقام عليها مبنى النقابة لكنه علم أنها مملوكة للقوات البريطانية وقد أنشأت عليها خياما يقيم فيها جرحى الحرب العالمية الثانية ورفض الطلب إنذارللقوات البريطانية خلال هذه الفترة سعت النقابة لإيجاد مقر آخر وفى عام 1944 كان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية قد أمر بالإستيلاء على مبنى من طابق واحد بشارع قصر النيل ومصادرته لصالح النقابة بعد أن كان ناديا للعب القمار وظل هذا المبنى مقرا للنقابة وناديا لها تم دعمه بمكتبة قيمة والعديد من الدوريات الصحفية وأصبح يتوافد عليه الزائرون من كبار رجال الدولة والأدباء والفنانين وعلى الرغم من أن مصطفى النحاس رئيس الوزراء قد أمر بتخصيص قطعة الأرض المجاورة للمحامين ليقام عليها مبنى نقابة الصحفيين فإن مساعى فكرى أباظة نقيب الصحفيين فى ذلك الحين عام 1944 لم تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء لأن جهات الإختصاص فى الدولة لم تكن قادرة على أن تأمر القوات البريطانية بالجلاء عنها ولم ييأس الصحفيون وغامر حافظ محمود وكيل النقابة فى ذلك الوقت وقام أثناء غياب فكرى أباظة بالخارج بتوجيه إنذار إلى القيادة البريطانية بالقاهرة للجلاء عن هذه الأرض وكانت المفاجأة أن استجابت على الفورفى ذلك الوقت مرآة مصر وتواجه النقابة مأزقا جديدا وهو مشكلة تمويل إقامة المبنى وهنا يظهر دور مصطفى القشاشى سكرتير عام النقابة وأحد أشهر من تربعوا على هذا الموقع لعدة دورات وبذل جهودا مضنية مع محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء آنذاك الذى قرر تمويل إقامة المبنى وقال فى رسالة: «أريدكم أن تعرفوا أننى قررت أنه عندما يحضر وفد أجنبى إلى مصر أن أعزمه فى نقابة الصحفيين لأنها مرآة صادقة للمجتمع المصري» وقد عهد إلى المهندس الدكتور سيد كريم أن يعد تصميما نموذجيا للنقابة ووضع النقيب محمود أبوالفتح حجر الأساس أول يونيو 1947 وتم افتتاحه رسميا برئاسة النقيب فكرى أباظة فى 31 مارس 1949 وبلغت تكاليفه 39801.701 جنيه ساهمت الحكومة فيها بمبلغ 35 ألف جنيه دفعتها للنقابة على خمسة أقساط وغطت النقابة بقية التكاليف من إيراداتها الخاصة ضد الرقابة خاضت النقابة منذ اللحظة الأولى وفى سبيل الدفاع عن كرامة الصحفيين والمهنة والوطن معارك كبرى فبعد إختيار المجلس الأول للنقابة بدأ يواجه أشد القضايا عبئا فقد كانت قضية الرقابة على الصحف تشتد بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وتعددت حالات حبس الصحفيين كما أدت هذه الظروف إلى تقليل عدد صفحات الجريدة اليومية إلى أربع صفحات مما كان يهدد المحررين بالاستغناء وواصل هذا المجلس اجتماعاته ولأول مرة يسمع صوت الصحافة تحت قبة البرلمان للمطالبة بتخفيف الرقابة على الصحف ومعالجة أمر حبس الصحفيين وعدم الاستغناء عن أى محرر مهما قل عدد صفحات الصحف عقد العمل وظل أحد الهموم النقابية هو توفير الضمانات اللازمة للصحفى لممارسته مهنته فى حرية ورفض نقل الصحفيين إلى أعمال غير صحفية إلى أن صدر القانون النقابى الحالى عام 1970 وتوج نضال الصحفيين بمنع نقل الصحفى إلى عمل غير صحفى, ووضع المجلس فى السنة الثانية له أول لائحة استخدام والتى تعرف بعقد العمل الصحفى, وكان فى مقدمة موادها تقرير مكافأة تعادل راتب شهرعن كل سنة من سنى اشتغال الصحفى فى حالة انتهاء مدة خدمته وحق المواطنين فى المعرفة فى عام 1995 حين تصدوا لقانون اغتيال حرية الصحافة 93 وأسقطوه وقرروا الأضراب العام وأصبح يوم 10 يونيه منذ ذلك العام يوما للصحفي قانون المعاشات أولى المعارك النقابية بدأت على الفور حين اجتمع «المجلس المؤقت» ودارت حول نص يجعل قانون المعاشات يطبق على الصحفى بعد السنوات العشر الأولى، وتعتبر الصحفى تحت التمرين خلال هذه المدة الطويلة ثم ترتب له فى السنة الحادية عشرة مكافأة تقدر بنصف شهر من اجره عن كل سنة بعد السنوات العشر الأولى. ثار المحررون وأعدوا مشروع لائحة تنزل مدة التمرين من عشر سنوات الى سنتين ورفع قيمة المكافأة من نصف شهر الى شهر كامل عن كل سنة ابتداءً من اولى سنين الخدمة محررون وأصحاب صحف وانقسم الصحفيون فى أول الأمر إلى اصحاب صحف ومحررين, الجناح الأول قاده الصحفيون الشوام الذين سيطروا على الصحافة المصرية منذ سبعينيات القرن التاسع عشر إلى أربعينات القرن العشرين والجناح الاخر قاده حافظ محمود وأيده البعض من اصحاب الصحف وكانت أزمة ترك حلها للمجلس المنتخب. ودارت المعركة الإنتخابية الأولى بين هذين الجناحين وتقرر ترشيح محمود أبو الفتح صاحب ورئيس تحرير جريدة المصرى الموالية للوفد فى منصب نقيب الصحفيين كما تقرر ترشيح مرشحين من المحررين لكل المناصب ورغم ما أنفقه أصحاب الصحف من أجل اسقاط المتحمسين لحقوق المحررين إلا أن الجمعية العمومية إنتخبت محمود أبو الفتح بالتزكية أول نقيب للصحفيين وتم أنتخاب حافظ محمود كأول وكيل عام للنقابة والمحررين لا للحبس حبس الصحفيين واحدة من أقدم معارك نقابة الصحفيين التى ظلت مفتوحة منذ انتخاب المجلس الاول وحتى اليوم وفى فبراير سنة 1942 أصدر أول مجلس منتخب فى نقابة الصحفيين قراراً بالإحتجاج على تقييد حرية الصحافة فلما تعذر نشر هذا الإحتجاج بفعل الرقابة على الصحف أعطيت نسخة منه الى الدكتور محمد حسين هيكل عضو مجلس الشيوخ فتلاها وسجلها فى مضابط المجلس ونشرت فى الصحف نقلاً عن المضابط قانون باسيلى ولعل معركة القانون المعروف بقانون باسيلى كان واحدة من المعارك النقابية المبكرة حيث تصدت النقابة فى سنة 1951 لتعديلات قانونية تم طرحها على البرلمان بهدف وضع قيود على الصحافة والصحفيين على اثر هجمات وحملات صحفية على حكومة الوفد فتقدم استفان باسيلى عضو الهيئة الوفدية وعضو مجلس النواب بمشروع قانون لتغليظ عقوبات النشر فى «قانون العقوبات ويحظر نشر أخبار السراى أو أحد أفراد الأسرة الملكية إلا بعد موافقة من الديوان الملكى نفاقاً للملك وحاشيته واستطاعت الصحافة أن تنتفض لحريتها ومن داخل مجلس النواب نفسه وقف النائب عزيز فهمى صارخا كيف تكون حكومة الوفد التى تنادى بالحريات معولا لهدم الحريات». وعقدت نقابة الصحفيين جمعية عمومية حضرها كل أصحاب الصحف ومحرروها للاحتجاج على هذه التعديلات التى تقدم بها باسيلى وأصدرت الجمعية قرارا بإحتجاب الصحف المصرية يوماً تسجيل إحتجاجا على التعديلات, واضطر باسيلى أمام ضغط الرأى العام وغضبة نقابة الصحفيين لسحب المشروع وعندما سأله الصحفيون عن سبب سحبه لمشروع القانون لم يجد إجابة مقنعة وقال «العذراء جاءتنى فى المنام وقالت لى اسحبه». لا للتطبيع وفى هذا التوقيت تحول رفض التطبيع إلى واحدة من أهم المعارك الوطنية لنقابة الصحفيين كانت البداية عندما اشتدت المعارضة ضد الرئيس محمد أنور السادات حين قرر الذهاب إلى إسرائيل وإلقاء خطابه الشهير فى الكنيست ثم توقيعه اتفاقية كامب ديفيدوشرعت أقلام الصحفيين المصريين فى الداخل وفى الخارج فى انتقاد نهج وسياسات السادات وشهدت النقابة أنشطة فى هذا الاتجاه أثارت غضب الرئيس السادات الذى سخر من لقاءات ومناقشات الصحفيين التى كانت تعج بها حديقة النقابة فى المبنى القديم بمكانها الحالى ووصفهم بأنهم أعضاء «حزب الحديقة» وبلغ غضب السادات على نقابة الصحفيين ذروته عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى «نادى للصحفيين» وقاد كامل زهيرى الذى كان نقيبا للصحفيين فى هذا الوقت حملة معارضة لقرار الرئيس السادات. وتحت ضغط الرفض الرهيب لهذا القرار وتصاعد مظاهراحتجاجات الصحفيين ومساندة قطاعات واسعة من الرأى العام ومؤسسات وقوى سياسية لموقف النقابة تراجع مخطط تحويل النقابة إلى ناد ورفع النقيب كامل زهيرى شعار »العضوية كالجنسية« بل ذهب مجلس النقابة إلى أبعد من ذلك فقرر »حظر التطبيع النقابي« مع الكيان الصهيونى حتى يتم تحرير جميع الأراضى العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطينى وفى مارس سنة 1980 صدقت الجمعية العمومية للصحفيين على هذا القرار وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف وتبعتها بعد ذلك النقابات المهنية والعمالية معركة القانون 93 كانت معركة القانون 93 لسنة 1995 معركة مجيدة وفريدة فى نوعها ورائعة فى ايجابياتها وعظيمة فى دروسها وكانت معركة تاريخية بحق قادها مجلس النقابة برئاسة النقيب إبراهيم نافع فى ذلك الوقت إمتدت لأكثر من عام وظلت خلاله الجمعية العمومية غير العادية التى انعقدت فى العاشر من يونيو 1995 فى حالة انعقاد مستمر لمواجهة القانون 93 لوضعه قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية ويؤدى إلى ترويع الصحفيين والذى إشتهر بقانون حماية الفساد ووصفه الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل فى كلمته التى وجهها للجمعية العمومية بالجريمة وقال: «وأشهد آسفا أن وقائع إعداد هذا القانون كانت أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب وأنه يعكس أزمة سلطة شاخت فى مواقعها». لم يكن صدور هذا القانون الخطيئة من قبيل المصادفة على أى نحو فقد تم دعوة أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية لمجلس الشعب بشكل عاجل يوم 27 مايو سنة 1995 ودون إخطارهم بطبيعة المشروع الذى سيعرض عليهم ومن بعد تم عرضه على المجلس وإقراره خلال ساعات. وتم تمرير المشروع خلال ساعات قليلة ووقعه رئيس الجمهورية فى الليلة نفسها 27 مايو 1995 ونشر فى الجريدة الرسمية تحت رقم 93 لسنة 1995وقرر أعضاء المجلس عقد اجتماع طارئ يوم 29 مايو سنة 1995 , على رأس هذه القرارات كانت الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة فى 10 يونيو يسبقها مؤتمر عام للصحفيين فى الأول من يونيو وحضره أكثر من 1500 صحفى فى مؤتمرهم العام الأول. وأعقبه اعتصام احتجاجى يوم 6 يونيو لمدة 5 ساعات بمقر النقابة شارك فيه مئات الصحفيين من كل المؤسسات والأجيال والاتجاهات فى أكبر حركة احتجاجات شهدتها النقابة على مدى تاريخها وغطى الصحفيون جدران نقابتهم بالرايات السوداءوتوالت مبادرات الغضب فاحتجبت صحف الوفد والشعب والأحرار يوم الجمعة 2 يونيه واحتجبت صحيفة الحقيقة يوم السبت 3 يونيه واحتجبت صحيفة الأهالى يوم الأربعاء 7 يونية. وقررت بعض الصحف تنظيم حركات اعتصام بكامل محرريها بحديقة النقابة. قبل عقد الجلسة الطارئة لمجلس النقابة تقرر إصدار بيان سريع يوم 28 مايو أعلن فيه الرفض القاطع لهذا القانون الذى يستهدف حرية الصحافة ولا يحترم المصالح العليا للوطن وتقرر أن ينقل الأستاذ جلال عيسى موقف النقابة فى كلمته فى الأحتفال بعيد الإعلاميين أمام الرئيس محمد حسنى مبارك وطلب إعادة القانون لمجلس الشعب من جديد وطرحه للمناقشة العامة واستطلاع رأى الصحفيين فى القانون وتسلم الدكتور أسامة الباز ملف الأزمة وبدأ اتصاله بعدد من كبار الصحفيين والنقابيين للبحث عن صيغة للخروج من الورطة ثم لقاء ثانٍ مع رئيس الجمهورية فى يونيه 1996 حضره مع النقيب وأعضاء المجلس كل النقباء والنقابيين السابقين وكان فى مقدمتهم كامل زهيرى وشيخ الصحفيين حافظ محمود وعلى مدى أكثر من عام ظلت الجمعية فى حالة انعقاد مستمر برئاسة النقيب ابراهيم نافع ولكن الجمعية العمومية سهرت على رعاية قراراتها وتحقيق هدفها الرئيسى بإسقاط القانون وتوحد الإيقاع ولم تتعارض لحظة حكمة الكبار مع ثورة الشباب واستغلت النقابة مساندة قوى كثيرة لها فى معركتها ونوعت فى وسائل حركتها باستغلال النشر فى الصحف فى سيل مقالات لم يتوقف وإعداد مشروع قانون بديل دخلت به مواجهة مع لجنة مشتركة أغلب عناصرها حكومية ودارت معركة لتعيد بعض التوازن إلى تشكيلها أدرك الصحفيون مبكراً أن معارك الحرية هى معركتهم الأم ومنها تأتى الكرامة والحقوق المشروعة وعلاقات العمل المتكافئة وأن حرية الصحافة ليست حرية الصحفيين وإنما هى حرية كل مواطن فى المعرفة والمشاركة وبالتالى لم يكن غريبا فى كل المعارك التى خاضتها النقابة أو خاضها الصحفيون لم يكونوا وحدهم بل ساندهم الرأى العام كما نجحت النقابة فى معركتها فى لإنشاء مبنى حديث يليق بمكانة المهنة والصحفيين لتنتقل الى مقر مؤقت خلف قسم الازبكية فى ظل الاتفاق على انشاء المقر الجديد والدائم والمجهز بقاعات للتدريب والمحاضرات والإجتماعات . شارك فى الإعداد: محمد جميل- رانيا شعلان - سالى رفعت - رشا خليل -محمد عبده - سحر حسنى - عصام الدين صلاح - عبدالفتاح محمود - إنتصار حلمى - أحمد عبدالعال - محمد منير - مروة عزت