عندما تحدثنا مع بعض العاملين بتلك الأماكن والذين رفضوا ذكر أسمائهم, أكدوا جميعا أن أصحابها لا يعرفون عنهم أي معلومات, ◄ هل تكون واقعة محمود عابرة أم فاصلة لتصحيح المسار؟ ◄ لا توجد آلية للرقابة.. وعدم الترخيص يهدر مليارات على الدولة وأنهم بمجرد أن تقدموا للعمل بهذه «الكافيهات» تم تشغيلهم علي الفور دون التحري الكافي الآمن عنهم, خاصة وأنهم كما قالوا يتنقلون للعمل من «كافيه» لأخر, وأصحاب تلك الاماكن يعلمون ذلك جيدا,وبالتالي فهم لا يهتمون أصلا بالتحري عن اي عامل جديد حيث انه قد يترك المكان في أي لحظة ويأتي غيره. اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق الخبير الأمني يوضح ان كل ما يتعلق بإدارة تلك «الكافيهات» في مصر يدار بما أسماه «العشوائية الخارجة عن القانون» بداية من أن معظم تلك الأماكن غير مرخصة ومرورا بأنها تتسبب في اشغال للطرق والأرصفة و بعضها يقتطع أجزاء كبيرة من الحدائق العامة ولا يلتزم أصحابها بمواعيد محددة لإغلاقها، وختاما بصعوبة التحكم في نوعية المترددين عليها من الزبائن كذلك عدم وجود آلية للرقابة علي العاملين فيها. وأشار إلي أن عدم وجود تراخيص لمثل هذه الأماكن ليست مشكلة أمنية فقط ، بل انه شكل من أشكال التهرب الضريبي ففي الوقت الذي ينعم أصحاب تلك « الكافيهات « بإيرادات بالآلاف يوميا ، لا يدخل لميزانية الدولة منها شيء لأنها لا تخضع للمساءلة الضريبية ، وبالتالي تقاعس الدولة الرقابي تجاه تلك الأماكن يزيد من فرصة تهربها من الضرائب. وهنا يشير البسيوني إلي أن مخالفات تلك الأماكن وعدم حصولها علي تراخيص شجع أصحابها علي التوسع بشكل غير قانوني بوضع اليد علي مساحات واسعة خارج حدود المحال سواء بإشغال الأرصفة والأماكن المخصصة لركن سيارات سكان العقارات المجاورة ل» الكافيهات» أو بالاستيلاء علي الحدائق العامة وجعلها ساحة واسعة لمريدي التدخين خارج « الكافيه»، الأمر الذي يسلط الضوء علي مشكلة أخري يعاني منها سكان المناطق المجاورة لتلك « الكافيهات « وهي تلوث الهواء المحيط بتلك الأماكن. أمر آخر تطرق اليه البسيوني في غاية الأهمية، وهو « البعد الامني» لتلك الظاهرة التي تفشت في مجتمعنا تحت اسم « الكافية» ، حيث يقول مساعد وزير الداخلية الأسبق إن مثل هذه الأماكن مواقع لرصد الخارجين عن القانون وغير خاضعة لأي رقابة أمنية، وذلك لصعوبة رصد تلك الأعداد الكبيرة التي تتردد عليها، وعدم وجود رقابة أو قانون يحكم العاملين بها، فهي تفتح ابوابها حتي الساعات الأولي من الصباح الأمر الذي يسهل علي الخارجين عن القانون الاجتماع بها ومن ثم الانطلاق منها لتنفيذ مختلف أنواع الجرائم الجنائية والارهابية أحيانا، لذلك يطالب البسيوني بوجود ضوابط من شأنها وضع مواعيد محددة لاغلاق تلك الأماكن يلتزم بها الجميع . وأضاف البسيوني أن تأخر مواعيد إغلاق تلك الأماكن لا يضر فقط سكان المناطق المجاورة ل»الكافيه« انما قد يتسبب في زيادة معدل حوادث الطرق ليلا نظرا لسهر مرتادي تلك الأماكن حتي ساعات الصباح الباكر، كذلك تأخرهم عن موعد الذهاب الي أشغالهم صباح اليوم التالي. الامر الآخر الذي يجب النظر اليه هنا كما يقول البسيوني هو ضرورة وضع معايير ملزمة لاصحاب « الكافيهات» في اختيار العاملين بتلك الأماكن حيث يجب الكشف الصحي عليهم بشكل دوري حتي يتم التأكد من حالتهم الصحية وعدم اصابتهم بأي أمراض معدية ، كذلك ضرورة الكشف عن صحفهم الجنائية حتي يتم استبعاد من لهم سوابق جنائية ، او من هم تحت المراقبة حيث أكد البسيوني أن معظم تلك الأماكن تستعين « ببلطجية « لحمايتها من مضايقات بعض الزبائن وهو ما يجب تقنينه ووضع آلية لمراقبته وتطبيق عقوبات صارمة علي كل من يقوم بتوظيف عمالة بتلك الاماكن مجهولة الهوية . وطالب البسيوني بوقفة جادة من المحليات وكل مؤسسات الدولة والتصدي لكل المخالفات السابقة بشكل مستمر حتي لا يكون الحادث الأخير الذي راح ضحيته شاب في مقتبل العمر هو المحرك فقط، ثم يصبح الامر طي النسيان كغيره من الحوادث التي تعصف بمجتمعنا بين الحين والأخر مثل حوادث العبارات والحرائق ومن ثم تتكرر من جديد، متمنيا ألا تكون تلك الإجراءات الأخيرة من إغلاق كل « الكافيهات « المخالفة مجرد رد فعل سريع ووقتي لامتصاص غضب الجماهير بعد الحادث ثم يتم فتحها من جديد بعد فترة وجيزة . في الوقت نفسه، يؤكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق ان إعمال القانون خير من اهمال تطبيقه, ومن المفترض ان القوانين تصدر لتنظم الحياة في المجتمع ويتعين علي الكافة الالتزام بها والا تعرضوا للعقاب المقرر لكل من يخرج عن أحكام تلك القوانين. وأشار الي انه يجب ايضا ان تكون الموافقات التي ينبغي الحصول عليها تحت مظلة واحدة, وهو الامر الذي شكا منه جميع المستثمرين الاجانب والمصريين عند رغبتهم في مباشرة انشطة استثمارية في مصر. فإذا كان الامر يقتضي ان يحصل صاحب النشاط علي ميزة اضافية, وهي انه يتعامل في النشاط السياحي وبالتالي تكون اسعاره وخدماته مميزة, فإنه سيحصل أيضا علي موافقة وزارة السياحة وأجهزتها التابعة لها علي ان نشاطه يعد من الانشطة السياحية, ويجب ألا يصدر هذا الترخيص او الموافقة قبل ان يحصل صاحب النشاط علي الترخيص الاصلي من الاحياء التابعة للادارة المحلية . ويشير المستشار رفعت لما تم نشره أخيرا بأن هذه «الكافيهات» والمقاهي والمطاعم كانت في الاصل وحدات سكنية تم تحويلها الي انشطة تجارية دون الحصول علي ترخيص بذلك من أجهزة الاحياء المختصة التي تحذر من اجراء اي تعديلات او تغييرات علي المباني قبل الحصول علي ترخيص بذلك, ثم يقوم اصحابها بالحصول علي موافقة وزارة السياحة علي اعتبار ان هذه «الكافيهات» تعد مطاعم سياحية بعد معاينتها, ويستندون الي هذه الموافقة ضاربين عرض الحائط بالقوانين التي من تحذر تغيير الوحدات السكنية الي وحدات تجارية, والترخيص الذي يجب ان يصدر من مجلس المدينة او الحي. وهنا يؤكد ان هناك فسادا في الادارة المحلية معروفا للجميع, والتي تغمض أعينها دائما عن المخالفات التي تحدث تحت بصرها, وكم من العقارات والابراج والانشطة التي تعمل ليلا ونهارا دون ترخيص منها أو تحرك تجاهها الا في حالة حدوث مصائب, او ما يهدد الامن العام أو ما تتناوله الصحافة وأجهزة الاعلام صراحة, فتنشط وقتها اجهزة الحكم المحلي في ممارسة اختصاصاتها لبضع ساعات وقد تصل احيانا الي بضع ايام علي اكثر تقدير, ثم تعود الامور الي سيرتها الاولي فيتم افتتاح ما تم اغلاقه لعدم حصوله علي الترخيص, وازالة الشمع الاحمر الذي تم وضعه عقب حدوث الواقعة . أما بالنسبة للعمالة كما يستكمل رئيس محكمة الاستئناف فإن العمل في الاماكن السياحية او الانشطة السياحية عموما يجب ان تتوافر في من يعمل فيها شروط خاصة, منها مثلا اجادة اللغة الاجنبية, والحصول علي شهادات سياحية من الاجهزة المتخصصة في ذلك, وشهادات طبية ومظهر لائق للتعامل مع ضيوف مصر من السياحة, وقبل كل ذلك التأكد من سيرته الاخلاقية وصحيفة سوابقه الجنائية, اما ان يتم استخدام بلطجية يجيدون فن القتال لترويع وارهاب مرتادي هذه «الكافيهات» عند الخلاف علي الاسعار التي يفرضونها والتي عادة ما تكون مبالغا فيها وغير معلن عنها, ويفاجأ بها زبائن تلك الاماكن, فيستخدمون هؤلاء المجرمين في الزام الرواد بالانصياع لما يطلبون والا نالهم اشد الضرر, فهذا أمر مرفوض شكلا وموضوعا ويجب التصدي له بكل قوة وحسم . المهم .. كما يقول المستشار رفعت السيد اننا الآن نبني دولة جديدة شعارها سيادة القانون وخضوع الجميع لأحكامه والالتزام به وتطبيقه علي الجميع,فإذا ثبت ان هناك مقاهي او مطاعم او حانات او اي من دور اللهو ك «الكافيهات» وغيرها غير مرخصة, او تم تحويل وحدات سكنية الي انشطة تجارية ايضا بدون ترخيص, فإنه يجب قبل ان نحاسب من ارتكب هذه الافعال, وان نحاسب اولا من سمح بهذا النشاط المخالف للقانون, ولتكن عقوبة الفصل من الوظيفة هي الحد الادني لكل من يغمض عينيه عن تنفيذ القانون, ويسمح بممارسة الانشطة المخالفة للقانون ولا عذر لأحد في ذلك .. فالمخالفات ظاهرة واضحة وتخرج لسانها للقانون والمطالبين بالالتزام به .