قرأت رسالة القلب المغلق للفتاة التي ترفض من يتقدمون إليها لأنها لم تجد من ترتاح إليه منهم, والتي تشغل نفسها بالعمل والارتقاء فيه, ودعني أقول لها بكل وضوح لا تبالي بكلام الناس.. وافعلي ما أنت مقتنعة به, فلقد كنت أتمني ألا تسمع ابنتي كلامي وتوافق علي الزواج ممن اخترته لها دون مناقشة, حيث أنها رجعت إلي مطلقة بعد وقت قصير وخاوية من كل شيء.. ودعني اشير إلي الحكاية بسرعة فانا سيدة وحيدة ليس لي إخوة, وتزوجت من رجل طيب عمل في السعودية سنوات طويلة, ومات ودفن فيها رحمه الله, وانجبت ابنا وثلاث بنات تخرجوا من الجامعات, والتحقوا بوظائف مرموقة, وتزوجت الابنة الكبري في حياة والدها.. وبعد رحيله جاء لابنتي الثانية عرسان كثيرون رفضتهم جميعا دون أن تلتقي بهم أو حتي تتيح لنفسها فرصة التعارف عليهم, وبلغ عمرها28 سنة, وتضاءلت فرص الزواج امامها. فهي لا تعمل, ولا تخرج من المنزل ولا أحد يراها.. وذات مرة حدثتني زميلة لي في العمل عن ابن عم زوجها, ورشحته للارتباط بابنتي, وشكرت لي في اخلاقه وإمكاناته, وعندما فاتحت ابنتي بشأنه رفضت بشدة كعادتها لكني أجبرتها علي القبول به, وقلت لها إنني لم أجد ما يعيبه خصوصا بعد ما بدا منه من معاملة طيبة, واستجابت لأوامري.. وأقمنا حفل خطبة, وقد حرص بعدها علي زيارتنا واشتري هدايا كثيرة لها ولأختها الصغري وحتي أختها المتزوجة وأولادها.. وتبين أنه اشتري ارضا بمبلغ تسعمائة ألف جنيه, وفيلا في جمصة, وعقدنا القران, وكتبنا المؤخر جنيها واحدا, وقلت لها الاموال لا تصنع السعادة وعند الخلاف قد تتخلي الزوجة عن كل شيء مقابل الخلاص ممن لا ترتاح إليه. ولم يمض وقت طويل حتي سافرت إليه محملة بالهدايا ردا علي هداياه, ومعها ذهبها وكل متعلقاتها.. لكني فوجئت ببكائها المرير من أول يوم سافرت فيه بسبب المعاملة السيئة التي عاملها بها منذ لحظة وصولها.. وحاولت التهدئة بينهما ونصحتها بان تتحمل المتاعب الطبيعية في بداية الزواج.. ولما استمرت المشكلات بينهما ذهبت الي بلدته لكي أرجو إخوته أن يتحدثوا معه لكي يعامل زوجته بشيء من اللين والرحمة, فاذا بي أفاجأ بانه تزوج ثلاث مرات, وأنه طلق اثنتين تزوجتا بعده واستقرت حياتهما.. أما الثالثة فمازالت علي ذمته.. علاوة علي عشرات الخطوبات الفاشلة, والغريب حقا هو أن قسيمة الزواج مكتوب فيها غير متزوج. لقد تنازلت ابنتي له عن كل شئ حتي الذهب أخذه منها مقابل تطليقها مع أنه عقد صفقة في الوقت نفسه بخمسة ملايين ريال.. إنني انصح كل أم ان تتحري عن أي عريس لابنتها بنفسها في حالة غياب الأب, فالدرس الذي عشته مع هذا الرجل قاس جدا. .. وأقول لكاتبة هذه الرسالة: بكل تاكيد ياسيدتي يجب التحري والتدقيق في اختيار الزوج, ولا يكفي بالطبع أنه قريب زميل أو صديق أو خلافه, فالزيجات القائمة علي الانطباعات تفشل دائما.. وانما لابد لنجاح اي زيجة من توافر الشروط المتعارف عليها من التوافق الاجتماعي والمادي والثقافي أيضا. والخطأ الذي وقعت فيه هو أنك اندفعت نحو اتمام هذه الزيجة لمجرد أن العريس يمت بصلة قرابة لزميلة لك.. والحقيقة أنها لم تكن أمينة معك, ولم تشرح لك ظروفه كاملة.. وانه سبق ان ارتبط عدة مرات, وان هناك زوجة مازالت علي ذمته.. وكان الواجب ان تقوموا بزيارته في منزله والتعرف علي أسرته وسؤال الجيران عنه.. وليس معني ان ابنتك كانت ترفض فكرة الزواج أنها علي حق, فالأمور لا تؤخذ بشكل مطلق, ولابد من أن يحدث حوار ونقاش مستمر بين الآباء والبنات في كل ما يتعلق بمسألة الزواج بلا حساسية للوصول إلي الزوج المناسب, فتستقر الأسرة وتمضي بها سفينة الحياة في هدوء وأمان.