أكد خبراء الاقتصاد وأعضاء مجلس النواب أن جذب الاستثمارات الجديدة وزيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر، لاتحتاج فقط لإصدار قانون جديد للاستثمار او اجراء تعديلات فى القانون الحالي، وإنما يتطلب الأمر اعادة نظر فى مناخ الاستثمار بشكل عام، ووجود تناسق بين التشريعات المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية، ووضوح السياسات الاقتصادية والضريبية، وتبسيط إجراءات الحصول على التصاريح والتراخيص، والاهتمام بتدريب العمالة ورفع كفاءتها ، وتوفير الأراضى الجاهزة للاستثمار بأسعار معقولة تناسب الأنشطة للمختلفة. جاء ذلك خلال الجلسة الثانية للندوة التى ينظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع شعبة المحررين الاقتصاديين وبحضور عدد كبير من الخبراء واعضاء مجلس النواب. وقال الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى السابق، ان مصر بحاجة ملحة لاستثمارات جديدة من أجل توفير فرص عمل للشباب وزيادة الانتاج ، مشيرا الى ان قرار تحرير سعر الصرف يمكن ان يكون احد العوامل المهمة فى تشجيع المستثمر الأجنبي، خاصة أن تكلفة الاستثمار فى مصر حاليا تعتبر محدودة جدا للمستثمرين الاجانب بسبب انخفاض سعر الجنيه . وأضاف أنه يجب تغيير الفكر السائد منذ عام 1971 حول إعداد قوانين استثمار بصورة عاجلة بسبب ضغوط تفرضها الاحداث، داعيا إلى إصلاح المنظومة الاستثمارية كحزمة متكاملة، وإصدار القوانين المكملة لقانون الاستثمار مثل قانون الافلاس وقانون الشركات الموحد وتعديل قانون العمل، بالإضافة إلى الاهتمام بتدريب العمالة وتحسين البنية التحتية، ومحاربة الفساد الموجود فى الجهاز الإدارى للدولة، وان تعتمد فكرة محاربة الفساد على محاربته بشكل مؤسسى ووضع الاطر التى تمنع ظهوره فى التعاملات المختلفة ، وليس على مطاردة الأفراد. ورفض بهاء الدين فكرة الإعفاءات الضريبية الواردة بمسودة قانون الاستثمار الجديد ، مؤكدا ان المستثمر الاجنبى اذا تم اعفاؤه من الضرائب فى مصر فانه سيدفعها فى بلده، وهو مايعنى تنازل مصر عن حصيلة ضريبية هى فى حاجة ماسة لها إلى بلد أجنبي. وقالت الدكتورة بسنت فهمى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، ان المستثمر الأجنبى يبحث عن الدخول والخروج من السوق بسهولة ، وهو ما لا تعكسه مسودة قانون الاستثمار الجديد التى تشير إلى انه قانون طويل ومعقد ويصعب على المستثمر فهمه والتعامل معه، مؤكدة أن المستثمر فى حاجة الى قواعد ونصوص محددة وواضحة وسهلة الفهم بلا تعقيدات. واشارت الى اهمية أن يحدد القانون كيفية تخصيص الأراضى للمستثمرين، وأماكنها بالتحديد وتعريف المقصود بالانشطة التى تمس الامن القومى ، حتى لاتكون نصوصا مطاطة يمكن تفسيرها وفقا للأهواء الشخصية. وطالب إيهاب منصور عضو مجلس النواب بضرورة التناسق بين القوانين المرتبطة بالانشطة الاستثمارية وعدم التضارب بينها ، والتنسيق بين الوزارات والجهات المختلفة للتيسير على المستثمر ، ووضع ضمانات محددة للمستثمر حول حرية دخول وخروج أمواله. وأضاف ان تهيئة مناخ الاستثمار تتطلب تسهيل اجراءات الحصول على التراخيص ومكافحة الفساد فى الهيئات الحكومية ، ووضع خريطة استثمارية فى المدن المختلفة، ووجود قاعدة بيانات قوية وحديثة، وآلية واضحة لضبط الأسواق، بالإضافة إلى وضوح المنظومة الضريبية. وأشار محمد عبد الغنى عضو النواب إلى ان قرار رفع سعر الفائدة يتنافى مع الدعوة لجذب الاستثمارات، كما ان الإعفاءات الضريبية لم تعد من المحفزات التى يسعى لها المستثمر، حيث يتقدم عليها تسهيل الحصول على الاراضى المرفقة والجاهزة للاستثمار الصناعي، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات الحصول على التراخيص، ومكافحة الفساد، وتدريب العمالة. من جانبه اكد المهندس خالد يوسف عضو البرلمان، ضرورة تقديم حوافز حقيقية للاستثمار بعيدا عن الإعفاءات الضريبية، وإعادة النظر فى قوانين العمل، وإصلاح منظومة التجارة الداخلية والخارجية، وضبط السوق والرقابة والسيطرة عليه، لافتا الى إن السياسات الاقتصادية المتبعة فى العقود الماضية لم تترك امامنا خيارات، ولامناص من إصلاح الاقتصاد، ولابد من تقشف حكومى حقيقى وبرنامج للحماية الاجتماعية، والبحث عن حلول كى نحمى الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وقال عمر مهنا رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ان وجود مجلس اعلى للاستثمار يمكن ان يحل العديد من مشاكل عدم التنسيق بين الوزارات المختلفة، مؤكدا ان قرار تحرير سعر الجنيه سيسهم بشكل كبير فى زيادة الاستثمارات القادمة لمصر فى المرحلة المقبلة، مطالبا بإصلاح المناخ العام للاستثمار بشكل عام وليس فقط التركيز على اصدار قانون للاستثمار. وقال المهندس طارق توفيق وكيل اتحاد الصناعات ان قانون الاستثمار الحالى به عوار شديد وادى الى تراجع الاستثمارات بدلا من زيادتها ، لانه لم يعالج مشكلة تخصيص الأراضى بشكل صحيح، ولم يحل مشكلة تعقد إجراءات إصدار التراخيص، مشيرا إلى أن نظام الشباك الواحد لا يمكن ان ينجح الا اذا تم تبسيط اجراءات اصدار التصاريح والتراخيص اللازمة للنشاط الاستثمارى . وطالب بضرورة ان يتم وضع آلية محددة وواضحة لتخصيص الأراضي، ووضع ضمانات للمستثمر حول عدم تجريمه بصفته، وعدم فرض هامش للربح، مع ضمان تحويل إرباحه بسهولة ويسر. وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية انه لابد من اعلان جدول زمنى لاى تغيرات محتملة فى التشريعات أو القرارات الاقتصادية، ووضوح السياسات بما يمكن المستثمر من وضع استراتيجيته الاستثمارية على أسس سليمة.