هل تعجز وزارة الأوقاف عن تطبيق قراراتها بتوحيد الأذان وبإغلاق الميكروفونات أثناء تأدية الشعائر؟ وهل اتخذت إجراءات ضد رافضى قراراتها المركزية؟ أم أن القائمين على المساجد أثبتوا أنهم أقوى؟ حتى فى شهر رمضان الذى تزامن مع امتحانات الثانوية العامة، لم يرحموا الطلاب، المضغوطين أصلاً لأسباب أخري، وكانت الميكروفونات على أعلى درجة فى صلاة التراويح. طبعاً، ليس هنالك سند شرعى فى أصول الفقه للتمسك باستخدام الميكروفون ليصل الصوت خارج المسجد، دع عنك أن يكون بدرجة مؤذية للطالب الدارس وللمريض المتألم وللرضيع النائم. لأن الحقائق التاريخية التى يعرفها تلاميذ المدارس أن الميكروفون اختُرِع عام 1877، أى بعد نحو 12 قرناً من بدء الدعوة. وهذا أدعى للتفكير فى كيف وفى أى ظروف وبأى منطق جرى إضفاء القداسة على الميكروفون، وابتزاز من يطالب بمنعه، أو حتى بتخفيض صوته. بل إن الغريب أن سنوات هوان المسلمين، فى العالم وداخل بلادهم، قد تزامنت مع استخدام الميكروفون فى المساجد، وطبعاً ليس بسببه، ولما انتشر وصار أساساً يُعتمَد عليه كانت أوضاع المسلمين قد انحدرت إلى أسوأ حالاتها عبر التاريخ أمام نهضة وقوة الأمم الأخري. وصار المسلمون إما تحت قهر الاستعمار الخارجي، وإما تحت وطأة الاستبداد المحلي، وإما فى هوان الفقر والجهل والمرض! بل إنه كثيراً ما يُستخدم فى ترسيخ التخلف، ومثل واحد يكفى عن كثير عندما اجتهد الواعظ فى خطابه الذى فرضه على كل من فى الجوار فى الألفية الثالثة، وأراد أن يعطى نموذجاً لعظمة الإسلام، فراح يحكى عن كيف كان الصحابة يذبحون الكفار فى إحدى الغزوات ويلقونهم فى النهر حتى إن المياه ظلت حمراء ثلاثة أيام! فهل قصد الواعظ أن يثبت التزام الداعشيين بتراثهم؟ قبل اختراع الميكروفون بقرون، وصلت قوة المسلمين إلى حدود الصين شرقاً وإلى جنوبى فرنسا غرباً، ولم تكتف المساجد بإقامة الشعائر ومدح السلاطين، بل كانت أيضاَ مدارس يتلقى فيها الصبية والشباب العلم على شيوخ أجلاء هضموا علوم عصرهم. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب