لمصلحة من تعمل داخلية اللواء مجدى عبدالغفار على تفكيك تحالف 30 يونيو الذي جمع الغالبية الساحقة من أطياف الشعب المصرى فى مواجهة جماعة فاشية تحاول اختطاف الدولة، وتبنى هذا التحالف الواسع خريطة طريق للمستقبل لم يكن من بينها بالتأكيد عودة الممارسات القمعية ضد المواطنين والهيئات والنقابات، ولماذا الافتعال المتواصل للأزمات مع المجتمع رغم أن الشرطة أحوج ماتكون الآن لتكاتف الجميع حولها فى مواجهة بقايا الإرهاب؟ أسئلة كثيرة تثيرها بعض تصرفات أجهزة وزارة الداخلية فى الفترة الأخيرة، وعلى رأسها جريمة اقتحام مبنى نقابة الصحفيين فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ 75 عاما وبالمخالفة للقانون ولكل الأعراف، وعشية الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة، ليتحول الأمر إلى فضيحة دولية تتصدر كل وسائل الإعلام العالمى، فى وقت نحاول فيه تحسين صورة مصر فى الخارج ومواجهة المؤامرات التى تستهدفها، ولكن من الواضح أن المؤامرة الحقيقية هى مثل هذه التصرفات التى لا تفيد سوى أعداء 30 يونيو. وخلال الفترة الأخيرة تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي مرات كثيرة لمواجهة تجاوزات الداخلية، وإعادة الأمور إلى نصابها ومعالجة أى شروخ بين الشرطة والشعب، ليس ابتداء من مقتل شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبى التى لقيت مصرعها بالخرطوش فى تظاهرة بميدان طلعت حرب، ونفت وزارة الداخلية بشدة وقتها تورطها فى الجريمة أو إطلاق أى خرطوش، وفى مواجهة الغضب الشعبى تعهد الرئيس السيسى بتقديم القاتل للمحاكمة، لتكشف التحقيقات كذب الداخلية وتورط أحد ضباطها فى القتل. وعندما تصاعد الغضب الشعبى عدة مرات من ممارسات بعض رجال الداخلية التى وصلت إلى حد قتل المواطنيين، مثلما حدث فى باب الخلق والرحاب، تدخل الرئيس للعمل على سرعة تعديل قانون الشرطة بما يكفل وضع حد لهذه التجاوزات والتعامل الحاسم معها. ورغم ذلك استمر رجال الشرطة فى تجاوزاتهم، وشهدت الفترة الأخيرة توسع غير مبرر فى القبض على الشباب، وتوجيه عشرات الاتهامات الجاهزة لهم، ولم تستطع الداخلية التفرقة بين المحرضين الحقيقيين على العنف، والشباب العادى الذى يحاول التعبير عن رأيه دون عنف على صفحات التواصل الإجتماعى، وبدلا من احتواء هؤلاء ومد جسور الحوار معهم، لجأت الداخلية إلى القبضة الأمنية العنيفة وعاد زوار الفجر مرة أخرى، لتتسبب هذه السياسة القمعية فى إشعال نار الضغينة والوقيعة بين المجتمع وشباب كثر، والمساهمة بدأب فى تفكيك تحالف 30 يونيو. والآن بعد جريمة اقتحام نقابة الصحفيين، فإن تدخل الرئيس لإقالة مجدى عبدالغفار، ومحاسبة المسئولين عن هذه الجريمة أمر حتمى، للحفاظ على الكتلة الصلبة التى تشكل القوام الأساسى لدولة 30 يونيو، والتى بدونها لن ننجح فى تثبيت دعائم الدولة أو مواجهة الأخطار الداهمة التى تحيق بنا، خاصة مع استمرار استخفاف وزارة الداخلية بالجريمة التى ارتكبتها، والتصريحات المستفزة لمسئولى الإعلام بها والبيانات الساذجة الصادرة عنها والتى تذكرنا ببياناتها عن عصابة خطف الأجانب فى قضية "ريجينى" الشهيرة والتى تسببت فى أزمة ضخمة للدولة لم نستطع حلها حتي الآن. إن تجمع الصحفيين غدا الاربعاء في اجتماع اعضاء الجمعية العمومية الذى دعا له مجلس النقابة لبحث الأزمة، هو بداية الرد الحقيقى على هذه الجريمة، وليعلم الجميع أننا بصدد معركة ضخمة لا تقل عن معركة القانون 93 لعام 1995 التى كانت فى مواجهة ترزية قوانين مبارك، لأن نقابة الصحفيين كما قلنا من قبل ليست فقط تجمعا مهنيا لأعضائها، ولكنها إحدى قلاع الحرية فى مصر والوطن العربى، وأي اعتداء عليها هو اعتداء على حرية وكرامة كل مواطن. وكما علمنا التاريخ فإن نقابة الصحفيين انتصرت دائما فى كل المعارك التى خاضتها فى جميع العهود، لأنها كانت ومازالت تدافع دائما عن حق الشعب المصرى فى الحرية والكرامة، فى مواجهة كل من كانت تسول له نفسه الاعتداء على هذا الحق، أو استخدام القبضة الأمنية فى إرهاب الشعب. سيذهب كل اصحاب السياسات القمعية، وستبقى نقابة الصحفيين شامخة مدافعة عن هذا الوطن، وستذكر كل مراجع التاريخ دائما هذه الجريمة مقرونة بمن ارتكبها. أقوال: في أمريكا، يحكم الرئيس لأربع سنوات، بينما تحكم الصحافة إلى الأبد. أوسكار وايلد لمزيد من مقالات فتحي محمود