محمد مصطفي البرادعي : عمر مكرم, المولود في أسيوط منتصف القرن الثاني عشر, كان أول زعيم شعبي مصري في العصر الحديث, ففيه تمثلت الشخصية المصرية المناضلة ضد الاستعمار الأجنبي والظلم وظهرت شخصيته عندما توسط لحل النزاع بين الوالي العثماني والمماليك القبليين. وتقول الدكتورة سعاد ماهر إن عمر مكرم شارك الشعب إبان الحملة الفرنسية سنة1798 م والتي استولت علي الإسكندرية علي برغم الكفاح المجيد للشعب المصري بقياده محمد كريم والي الإسكندرية واستمرت الحملة الفرنسية في زحفها إلي دمنهور ثم القاهرة حيث ظهرت شخصية عمر مكرم ووطنيته عندما حث الناس علي المقاومة في وجه الغاصب, وقد شارك أيضا في ثورة القاهرة الثانية سنة1800 علي أثر نقض كليبر لاتفاقية الجلاء عن البلاد. وفي سنة1805 م عندما ثار الشعب علي مظالم الوالي التركي أحمد خورشيد, وتزعم مكرم تلك الثورة إذ رفض خورشيد ابعاد القوات العسكرية عن القاهرة التي انتشر فيها فسادهم, وعدم الامتناع عن فرض الضرائب علي سكان القاهرة وصعيد مصر. ونادي مكرم بعزل خورشيد وتولية محمد علي الذي حكم مصر بمساندته, ولكن تبين له خطؤه عندما بدأ محمد علي في الاستبداد والظلم الذي لا يقل عن ظلم خورشيد, وفي سنة1807 غزت مصر حملة انجليزية بقيادة فريزر, ودافع أهل الإسكندرية دفاعا مجيدا ولكن الخيانة أحبطت جهادهم, وتولي عمر مكرم أمر المقاومة وانتصر المصريون في رشيد وارتفع شأنه, ولما استقرت الأمور لمحمد علي اراد التخلص من زعامة عمر مكرم وازداد جنقة عندما طالبه برفع الضرائب التي فرضها علي الشعب, وعقد محمد علي مجلسا لمحاكمة عمر مكرم وأمر بعزله من نقابة الأشراف وانتقل الي طنطا سنة1822 وبقي بها. وقد اقامت وزارة الاوقاف مسجدا باسمه في ميدان التحرير بالقاهرة عام1955 تخليدا لذكراه. ولم يدفن عمر مكرم في هذا المسجد.