وكأنما آرادت أن ترتدي ثوب الثورة.. فتمردت بدورها علي نظامها الحالي الذي يعاني منه الطلاب وأولياء الأمور والمعلمون في منظومة واحدة كأنما اتسقت معا ليصل صراخهم جميعا إلي اذان صانعي القرار فتأتي الاستجابة في صورة مشروعات قوانين تحمل محاولات جادة للتخفيف عن الطلاب.. ولتمتد روح الثورة لتصل الي الثانوية العامة بشكل حقيقي وملموس لتتمرد علي كل الآفات التي تحيطها بهالة من الرعب ومن بين هذه المحاولات قصرها علي سنه واحده بدلا من اثنتين وكذلك تشعيبها في الصف الثالث الثانوي الي4 شعب, تضم مواد ومناهج مؤهله للالتحاق بالجامعة من ناحية ومرتبطة بسوق العمل من ناحية أخري.. وذلك هو المشروع المقترح الجديد الذي تتناوله السطور التالية والذي يجري تجهيزه والاعداد له حاليا قبل تطبيقه واقراره.. ومن خلال هذا التحقيق نطرح المشروع ونتعرف علي رأي الخبراء والاطراف المعنية.. د. رضا مسعد رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم يؤكد بداية أن قانون الثانوية العامة الجديد والخاص بجعلها سنة واحدة بدلا من سنتين وسوف يتم تطبيقه بعد الانتهاء من الجوانب التشريعية الخاصة به, وتحديد آليات التنفيذ وما يترتب عليه من تغيير في نظم الامتحانات والمناهج ونظام القبول بالجامعات. ووزارة التربية والتعليم تبحث جيدا في تنفيذ مشروعها الخاص بتطوير الثانوية العامة والذي يعد تحويلها من سنتين إلي سنة واحدة أحد ملامحه, بينما هناك ملامح أكثر عمقا للمشروع تتمثل في تشعيب الطلاب من الصف الثاني الثانوي إلي شعبتين: أدبي وعلمي ومرة أخري في الصف الثالث الثانوي يتم التشعيب داخل القسم العلمي إلي شعبتين هي العلوم الأساسية والطبيعية, الهندسة والحاسبات وكذلك داخل القسم الادبي إلي آداب وفنون, إدارة أعمال وقانون.. وجميعها مسميات أقرب للتخصصات في الدراسة الجامعية وموجودة بالفعل في دليل قبول الطلاب بالجامعات.. وذلك لكي تكون الثانوية العامة مرتبطة بما بعدها فيكون الصف الثاني الثانوي سنة نقل عادية مثل الأول الثانوي لكي نعيد الطلاب الي المدرسة مرة أخري بالدراسة علي نظام الفصلين الدراسيين بينما يكون امتحان الثانوية العامة مقصورا علي الصف الثالث الثانوي حيث يدرس الطالب12 مادة خلال هذه السنة مقسمة إلي شقين الشق الاول6 مواد يدرسها الطالب ليست مواد شهادة ولكنه يدرسها علي نظام الفصلين الدراسيين والنجاح وجوبي في هذه المواد الست كشرط أساسي لدخول امتحان الشهادة الذي يتمثل في المواد الست الأخري بمعني أنه إذا آهمل الطالب أو تغيب أو رسب في إحدي هذه المواد الست فإنه لن يدخل امتحان الشهادة,, وهذه المواد من الواجب ممارستها ودراستها يوميا داخل المدرسة مثل مواد التربية الدينية والوطنية ومهارات التفكير والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصناعة وغيرها.. والمقصود أو الهدف الاساسي من ذلك بالقطع هو إعادة الطالب الي المدرسة مرة أخري والالتزام بالذهاب اليها يوميا بعد أن هجرها لسنوات عديدة خلال دراسته في الصفين الثاني والثالث الثانوي. أما الشق الثاني كما يضيف د.رضا مسعد المتبقي من ال12 مادة فهو يتمثل في المواد السنة الأخري الأساسية( الشهادة) وهي اللغات والمواد المؤهلة للتخصص في كل شعبة.. وبالتالي نكون قد قضينا علي التوتر في الصف الثاني الثانوي باعتبارها سنه نقل عادية وكذلك تم تخفيف التوتر الي النصف بدراسة6 مواد أساسية في الصف الثالث الثانوي. السلوك والمواظبة بالإضافة إلي ذلك والكلام لا يزال علي لسان رئيس قطاع التعليم العام فهناك مادة سلوك ومواظبه وهي بمثابة10 درجات يدخل بها الطالب الي الصف الثالث الثانوي يمكن ان يحتفظ بهذه الدرجات طوال العام الدراسي لتضاف إلي مجموعه ومن الممكن أن يفقدها تدريجيا بنحو نصف درجة عن كل سلوك سييء يقوم به داخل المدرسة. إذا كان سلوكا يخالف القيم والسلوكيات السليمه إذا أساء إلي معلم أو تشاجر مع زملائه أو قام بالتدخين داخل المدرسة أو تغيب5 أيام متصلة دون عذر أو ابداء أسباب وهذه الدرجات العشر ليست في يد شخص ولكنها في أيدي لجنة ثلاثية يتم إختيارها بعناية تضع لها ضوابط صارمة حتي لا يقع الظلم علي الطلاب وهي تعد بديلا للمستوي الرفيع وقد يتم من خلالها العودة الي المجاميع الطبيعية في الثانوية العامة بحيث يمكن الالتحاق بكلية الطب بمجموع90% وتختفي ظاهرة المجاميع الخيالية التي تتخطي ال100% تطوير انتقالي وهنا نعود لنؤكد مرة أخري أن القانون الخاص بجعل الثانوية العامة سنة واحدة بمثابة تطوير انتقالي يطبق علي طلاب السنه الثانية الثانوية فقط العام القادم وأهم ملامحه أنه امتحان واحد في عام واحد بدلا من عامين.. ولكن الوزارة علي الجانب الآخر تنفذ مشروعها التطويري الطموح علي الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي العام القادم أي طلبة الشهادة الاعدادية هذا العام وهو تطوير بعيد المدي موجود بالفعل لدي الوزارة منذ سنة2008 وهو ليس مشروعا متعجلا, ولكنه قد تمت دراسة لاكثر من عدة سنوات وإن كانت المناهج تحتاج إلي إعداد والمعلمون في حاجة إلي تدريب وسوف تقوم الوزارة بالقطع بتنفيذ خططها بهذا الشأن وكل الاجراءات الواجب اتباعها بمجرد صدور القانون وإن كنا يجب ألا نغفل هنا أن التعليم الفني به معلمون يقومون بالفعل بتدريس جانب كبير من هذه التخصصات, وخاصة الشق التجاري وإدارة الاعمال.. وبشكل عام كما يضيف د. رضا مسعد فإن هذا المشروع المقترح يقضي علي عمومية الثانوية العامة أو يقلل منها بعض الشيء نظرا لقيام الطلاب بدراسة مواد مرتبطة في تخصصاتها بالكليات التي سيلتحقون بها بالفعل وبالتالي يصبحون أكثر تأهيلا وقناعة بها.. آما فيما يتعلق بمكاتب التنسيق فنتوقع أنه بعد التطبيق للمشروع المقترح أن يظل العمل بها قائما لمدة عامين أو ثلاثة أعوام إلي ان تجد وزارة التعليم العالي بديلا لها وان يكون هناك نظام لاختبارات القدرات وتطبيق لنظام المجموع الاعتباري للالتحاق بالجماعات. المجموع الاعتباري وهنا تلتقط نسيبة عبدالمنعم وكيل وزارة التربية والتعليم لشئون التعليم الثانوي خيط الحديث لتوضح كيفية الاخذ بالمجموع الاعتباري قائلة ان المقصود به هو الاعتماد علي درجة الطالب التي حصل عليها في مادة معينة هي المؤهلة لدخول كلية معينة بغض النظر عن التساوي في المجموع الكلي مع آقرانه.. بمعني أنه إذا حصل طالبان علي مجموع كلي310 درجات علي سبيل المثال ولكن أحدهما حصل علي49 من50 في الكيمياء بينما حصل الآخر علي47 فقط فإن الاول بالقطع هو الذي يكون له الحق في الالتحاق بكلية الطب لأن الاعتماد هنا علي المجموع الاعتباري أو المادة التي أهلته لهذه الكلية.ويشير مصدر آخر مسئول بوزارة التربية والتعليم رفض ذكر اسمه إلي أن هناك مقترحا آخر ضمن المشروع المشار اليه يتمثل في أن تكون اللغة الثانية مادة مدرسية كالتربية الدينية والوطنية وعدم إدخالها في المجموع وذلك للتخفيف علي الطالب فهو يقوم بدراستها من الصف الرابع الابتدائي حتي الثاني الثانوي وفي الغالب لا تكون هناك حاجة إلي دراستها في الجامعات الا في عدد محدود من الكليات.. بينما يدرس اللغة الأولي من الصف الاول الابتدائي وتمتد معه حتي سنوات التعليم الجامعي. ويضيف أن من أهم مميزات النظام الجديد هو التوسع في مجال الاختبارات لو تم تطبيقه بشكل سليم وهو يعد مختلفا عما كان يقوم الطالب بدراسته من قبل.. حيث يدرس مواد تختص بسوق العمل وهو ما يتفق مع مفهوم أن الثانوية العامة ليست منتهية الصلاحية وسوف يتم الاعتماد علي الطاقات المهدرة من معلمي التعليم التجاري والفني بعد تدريبهم بالشكل اللائق.. التغيير إلي الأفضل د. محمود الناقة رئيس الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس يضع تصوره حول المشروع المقترح قائلا أنه يتجه نحو إثراء النظري بالتطبيق وهو يحمل بين طياته نوعا من التغيير إلي الأفضل من خلال فلسفة الاعداد للدراسة الجامعية وللمهن أيضا وكذلك إيجاد مواطن عام وهي كلها جوانب نفتقدها في النظام الحالي.. والجديد أيضا هو التشعيب الخاص بالقسم الأدبي وما يحتويه من مواد إنسانية ادبية ومواد مؤهلة لسوق العمل وان كانت لدي رغبة شخصية كما يضيف استاذ المناهج وطرق التدريس في أن يتم تدريس مادة التاريخ علي وجه التحديد لكل الشعب كجزء من مكونات الانتماء والولاء التي تجعل الطالب قادرا علي اتخاذ قرار فهو ليس بمثابة سرد أحداث ولكننا نحللها وفي ضوئها نعتبر.. والجميل ايضا هو الانشطة المدرسية التي تتسق مع طبيعة مرحلة المراهقة التي يمر بها الطالب في هذه المرحلة العمرية ولكن معها ايضا يثار التساؤل المعتاد هل تتوافر الإمكانيات لدي مدارسنا. علي الجانب الآخر فلابد لنا أن نتساءل عن كيفية إعادة النظر في المناهج الحالية علي ضوء التغيير الحادث ؟ وما القوي العلمية المتخصصة التي يمكن ان تعيد النظر بشكل جذري في المناهج الحالية آخذا بها نحو المشروع الجديد ؟ والاجابة كما نراها والكلام لايزال علي لسان د. محمود الناقه تتمثل في ضرورة تجييش جيش تربوي منظم له قادة وخطة إستراتيجية إذا أردنا أن نرتدي ثوبا تعليميا تربويا جديدا بدلا من الثوم القديم المهلهل.. وهذا الجيش يجب ان يقوم بإعادة بناء مناهج هذا المشروع خاصة بعد اضافة مناهج جديدة مثل العلوم الطبية والصحية والآداب والفنون والعلوم التجارية والقانون وكذلك مناهج تكنولوجيا الصناعة والتجارة وغيرها والأنشطة كجزء أساسي من المنهج.. وفي نفس السياق فالتحديث والتنقيب أمران مهمان لابد من الاهتمام بهما لكي يتواكبا مع متطلبات العصر الحديث.. ومن هنا أيضا فنحن نطالب بدور أكثر فعالية لمجلس التعليم قبل الجامعي للعمل علي توفير هذه الطاقات القادرة علي تطبيق المشروع بكل جوانبه وكذلك فهناك شق آخر علي درجة عالية من الأهمية وهو أن هناك بعض التخصصات وبالذات الطبية والقانون وتكنولوجيا الصناعة وغيرها ليست موجودة ضمن مناهج كليات التربية وهو الأمر الذي يستلزم ضرورة إدخالها في مناهج إعداد المعلم في هذه الكليات.. والأمر برمته يحتاج أن يوضع هذا المشروع في قلوب وعيون الحكومة المصرية إذا أردنا للتعليم الإنطلاق نحو الأفضل. ويتعجب الدكتور إبراهيم أحمد إبراهيم رئيس قسم اصول التربية بجامعة عين شمس من الاسلوب الذي يتم به تعديل نظام الدراسة في الثانوية العامة متسائلا لماذا يتم التعامل مع أمور الثانوية العامة بأسلوب الصدمات الكهربائية ؟ فلابد ان تكون فكرة التطوير أكثر عمقا وأكثر شمولا فلا يجوز ان نطلب من غير المتخصصين في شئون التربية تطوير مناهج أو اسلوب تعليم, فأين الدراسات التي إعتمدت عليها عملية التطوير والمقترحات فأنا لست معترضا علي الطرح ولكن في ظل الظروف الملتهبة التي تعيشها البلاد كان لابد ان يكون هناك تأن في اتخاذ هذه القرارات خاصة ان دور التعليم هو التغيير المجتمعي للافضل وصناعة خريج يصلح للمرحلة القادمة. والخطأ الفادح الثاني الذي تم طرحه هو اصلاح الثانوية العامة من الطابق الأخير في حين ان التعليم عملية تراكمية فيجب تطوير المراحل التي تسبق الصف الثالث ثانوي حتي يكون التطوير متكاملا. فالثورة أتت لاصلاح حياة المجتمع وليس إرباكه وكان علي وزير التعليم رفض هذا المقترح لسطحيته بعد ان اخطأت لجنة التعليم بمجلس الشعب وطرحته حتي لو تطلب ذلك تقديم استقالته ولذلك فلابد من لجنة التعليم بمجلس الشعب ان تصدر بيانا واضحا لا غموض فيه لبيان المتوجهات الفكرية للتطوير في المرحلة الثانوية وبناء علي ذلك تجري دراسات مستفيضة ومكثفة من متخصصين وبناء عليها يتم عمل تصور مقترح شامل للصورة النهائية علي أن يطبق لمدة سنتين في بعض المناطق ثم يتم تقويمه لبيان ايجابياته وسلبياته علي ارض الواقع وبعد ذلك يمكن ان أعممه ولكن ما سيحدث هو هزل بكل المقاييس. ويوضح ناصر عبد العليم مدير مدرسة جمال عبد الناصر للبنات: أن وزارة التربية والتعليم اتخذت قرار تحويل الثانوية العامة إلي عامين من منطلق تخفيف العبء علي الاسرة المصرية والطالب ولكن النتائج جاءت عكسية واصبح العبء مضاعفا والدروس الخصوصية اكثر, ومنذ4 سنوات والتفكير بدأ يأخذ الشكل العكسي وتحويلها لعام واحد واربع شعب وهذا المقترح قد لاقي ارتياحا في الشارع. ويقول أحمد بكر مدرس لغة انجليزية بمدرسة امين الراعي الثانوية بنين ان المقترح الجديد جيد لإعادة الطالب إلي المدرسة وتخفيف العبء علي كاهل الاسرة المصرية من الدروس الخصوصية التي يتم حجزها منذ شهر7 من كل عام وتلتهم نصف ميزانية الأسرة وأوافق ان تكون المناهج مخففة ومنتقاه ومتخصصة من خلال شعب ومناهج موضوعة بتأن وهذا يحتاج الي إشراف ومتابعة جيدة وخاصة اننا نمتلك المعلم المؤهل والفصول كافية وفارغة من الطلاب طوال العام وربما تكون فرصة جيدة لعودة الطلاب للمدارس وعودة هيبة المدرس والمدرسة. وتقول الطالبة ريم مروان شاكر مدرسة الفاروق بالهرم أوافق علي المقترح الجديد لانه سيوفر الكثير من الجهد والوقت والتوتر والقلق لي ولاسرتي كما إنني سأذهب إلي المدرسة وانا سعيدة لانني سأدرس ما أحبه وليس ما فرض علي فرض.