شعر الرأى العام المصرى بالاحباط والضيق بعد تكرار قبول طعون المتهمين امام النقض واعادة محاكمتهم مجددا ، خاصة فى قضايا الرأى العام التى اصبحت تستغرق سنوات ، ومنها مؤخرا وليس اخيرا قضية مذبحة كرداسة ، وقبلها قضايا اخرى عديدة مرتبطة بفساد رموز نظام مبارك ، أو الجرائم الارهابية المروعة التى نفذتها عناصر مرتبطة بجماعة الاخوان ، وتجددت معها دموع أسر الضحايا الذين يشعرون ان العدالة البطيئة هى نوع من الظلم وليس القصاص، فمتى يتحقق الردع العام بالقانون ، ويقتص القضاء بسرعة لضحايا دفعوا حياتهم ثمنا لحماية الوطن . المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق ، يسبح فى أعماق هذه الاشكالية قائلا إن " العدل اساس الملك وبقدر ما يتحقق العدل فى دولة ما بقدر ما يتحقق لشعبها الامن والاستقرار ولا يكفى ان يسود العدل فى الحكم والاحكام ليتحقق العدل بمعناه الصحيح، بل لابد وان يلازمه سرعة الحكم بالعدل لان تأخير حصول صاحب الحق على حقه العادل او معاقبة من يخرج على احكام القوانين يعد فى حد ذاته ظلما لصاحب الحق، وفى مصر لا يختلف احد على ان الحكم يستهدف العدل والانصاف لكافة المواطنين سواء فى الاقضية الجنائية او المدنية وان القوانين اوجبت ان تكون درجات التقاضى متعددة حتى يتحقق العدل بين المواطنين ولكن بطء اجراءات التقاضى الذى قد يستمر سنوات طويله أصبح شكوى من الجميع، وبخاصة فى الدعاوى المدنيه اما فى الدعاوى الجنائية فان اجراءات التقاضى اضح محل ضيق من جميع المتقاضين، وفى السنوات الاخيرة ومع انتشار ظاهرة الارهاب الممول من الخارج وتزايد ضحايا الجرائم الارهابية، فقد ناشد الشعب المصرى بكل فئاته المشرع المصرى بسرعة تعديل القوانين الاجرائية التى تعوق الفصل فى القضايا الجنائية، حتى يتحقق الزجر العام المنشود ، وكذلك الزجر الخاص لكل من يخرج على القانون ودعم هذا التوجه السيد رئيس الجمهورية حين ناشد قضاة مصر ان يحققوا امل الشعب فى سرعة الفصل فى القضايا ، ولذا فانى أ طالب المشرع المصرى بتبنى المقترحات الآتية وإصدارها فى قوانين لتحقيق العدالة الناجزة وهى عودة نظام قاضى التحقيق اولا : ضرورة العودة للعمل بنظام قاضى التحقيق الذى كان معمولا به من قبل وتم الغاؤه فى ظروف انقضى دورها، ليتولى تحقيق كافة الجنايات وتكون النيابة العامة منوطا بها توجيه الاتهام وجمع الادلة قبل المتهم وتقديمها الى قاضى التحقيق الذى يتولى تمحيصها ثم تحقيق دفاع المتهم وبعدها يتخذ قراره بتقديم المتهم الى القضاء او التقرير فيها بعدم وجود وجه لاقامة الدعوى الجنائية لانه بات من غير المنطقى ان تتولى النيابة العامة سلطة الاتهام وسلطة التحقيق فى ان واحد خاصة وان القاضى لا سلطان عليه سوى الضمير والقانون ولا يترأسه احد بينما النيابة العامه تخضع عمليا لنظام التدرج الرئاسى. ثانيا : يتعين ان يكون نظام قاضى التحضير المعمول به فى القضاء الادارى والقضاء فى المحاكم الاقتصادية معمولا به فى القضاء الجنائى والمدنى لتحضير الدعوى قبل نظرها أمام المحكمة من حيث ضم الاوراق اللازمة وندب الخبراء واعلان الشهود وغيرها من الاجراءات التى من شأنها تعطيل الفصل فى الدعوى ، ثالثا: يتعين إلغاء نظام المعارضة فى احكام محاكم الجنح الغيابية وإعادة الإجراءات فى أحكام محاكم الجنايات الغيابية، وذلك بالسماح بحضور محام بوكالة خاصة عن المتهم فى الجنايات والجنح يتولى الدفاع عنه والطعن على الأحكام بالوكالة عنه أمام جهات التقاضى الأعلى ولا ينفذ الحكم إلا بعد أن يصبح باتا غير قابل للطعن عليه ، رابعا: يتعين ان يكون التقاضى فى القضايا الجنائية على درجتين فقط ، ويكون الطعن على أحكام محاكم الجنح أمام محكمة الجنح المستأنفة، والطعن على أحكام محاكم الجنايات أمام محكمة النقض التى تنظر الطعن لمرة واحدة وتقضى فيه بقضاء بات، خامسا: يكون للمحكمة التى تنظر قضايا تم تحقيقها بالكامل من خلال قاضى التحقيق، الحق فى الاكتفاء بالتحقيقات التى تمت، ما لم تر أنها فى حاجة الى استكمال تحقيقات تقوم هى به، سادسا: ضرورة تبادل الجلوس فى محاكم الاستئناف ودوائر محكمة النقض بين كافة المستشارين العاملين فى كلتا المحكمتين لإثراء الخبرة كما هو المتبع أمام قضاء مجلس الدولة ، سابعا: آن الأوان ان يطبق نظام التخصص فى القضاء منذ اشتغال القاضى بالقضاء، بأن يختار العمل القضائى الذى يرغب فى التخصص فيه ويظل ملحقا به حتى نهاية عمله فى القضاء، حتى تتوافر لدى القاضى الخبرة والكفاءة وتقل الأحكام المنقوضة، ثامنا: يتعين لترقية القضاة فى المجال الذى اختاره كل منهم اجتياز دورات تدريبية وتقديم دراسات وابحاث قانونية، ويشمل ذلك جميع القضاة بدءا من درجة قاض وحتى رئيس محكمة النقض أو الاستئناف كما هو المتبع فى ترقيات ضباط وقادة القوات المسلحة والشرطة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والوظائف القيادية المدنية، تاسعا: لابد من زيادة عدد القضاة بما يتناسب مع أعداد لقضايا المكدسة أمام المحاكم، وبما يسمح بإعارة القضاة الى الدول العربية الشقيقة، فكيف لقاضى أن ينظر مئات الدعاوى فى جلسة واحدة ومطلوب منه أن يعطى كل ذى حق حقه؛ عاشرا: أقترح فى هذا المقام ضم أعضاء هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ومحامى الإدارات القانونية بعد تأهيلهم للعمل بالقضاء، على أن تتولى الشئون القانونية بالحكومة والهيئات العامة وشركات قطاع الاعمال العام المهام التى تقوم بها هذه الجهات، هذه بعض المقترحات التى أراها لتحقيق العدل وإقامة العدالة الناجزة بين المتقاضين، وأتمنى ان تكون تحت بصر الحكومة واعضاء مجلس النواب.