ما زال الغموض سيد الموقف فى مفاوضات حل الأزمة السورية فى جنيف، فى الوقت الذى أعلنت روسيا فيه أمس أنها لن توقف تدخلها العسكرى فى سوريا قبل أن «تهزم فعليا التنظيمات الإرهابية» هناك، رافضة ضمنا وقف الضربات الجوية الذى تطالب به المعارضة السورية فى محادثات جنيف. وقال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف خلال زيارة إلى مسقط إن «الضربات الجوية الروسية لن تتوقف طالما لم نهزم فعليا تنظيم داعش وجبهة النصرة»، فرع تنظيم القاعدة فى سوريا، بحسب ما نقلت عنه وكالة إنترفاكس الروسية. وأضاف «لا أفهم لماذا يجب أن تتوقف هذه الضربات». واعتبر لافروف أن وقف إطلاق النار فى سوريا يجب أن يسبقه «وقف للتهريب عبر الحدود السورية التركية الذى يؤمن الإمدادات للمقاتلين». وتساءل وزير الخارجية الروسى من جهة ثانية حول «الأهداف الحقيقية» للتحالف العسكرى الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدة فى سوريا.وكان لافروف قد أكد فى أبوظبى أمس الأول أن بعض أعضاء وفد المعارضة الممثلين لفصائل مسلحة يشاركون «بصفة شخصية». وقد استمر الغموض أمس فى مفاوضات جنيف مع تأكيد الحكومة السورية أنه «لا شريك ليحاوره»، فى حين جددت المعارضة مطالبتها بإجراءات فورية لمصلحة المدنيين، متهمة المجتمع الدولى بتجاهل المأساة السورية. ومع ذلك، دعا وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى المعارضة إلى البقاء فى جنيف رغم القصف الروسى الكثيف، مؤكدا أنه يمكن إرساء وقف سريع لإطلاق النار إذا وافق جميع الأطراف على التفاوض. وكانت الهيئة العليا للتفاوض التى تمثل المعارضة قد اختارت محمد علوش القيادى فى تنظيم جيش الإسلام المعارض كبيرا للمفاوضين، علما بأن دمشق وحليفيها الروسى والإيرانى يعتبرون أن أى مجموعة مسلحة تقاتل حكومة دمشق «إرهابية». وفى جبهة أخرى، تتجه الأنظار اليوم إلى لندن التى تشهد انعقاد مؤتمر المانحين لسوريا، حيث كشف إدوين صمويل المتحدث باسم الحكومة البريطانية عن أن المؤتمر يهدف لتقديم مساعدات إنسانية ملحة للاجئين السوريين خلال العام الحالى، ومناقشة ملف إعادة إعمار البلاد بعد تشكيل حكومة جديدة تمثل جميع السوريين، مشيرا إلى دعوة دول الاتحاد الأوروبى وغيرها من المانحين للمساهمة بأكبر قدر ممكن للوصول لمبلغ 7٫73 مليار دولار بموجب النداءات الدولية. وقال صمويل إن المؤتمر لم يوجه دعوات للنظام والمعارضة فى سوريا، فيما تقتصر مشاركة السوريين على المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن المؤتمر وجه دعوات إلى قيادات أكثر من 70 بلدا من ضمنها روسيا وإيران ومنظمات دولية غير حكومية إضافة إلى القطاع الخاص. ولفت صمويل إلى أن ملف إعادة الإعمار سيكون من بين الملفات البارزة التى ستتم مناقشتها خلال المؤتمر، حيث كانت بريطانيا أعلنت منذ فترة عن عزمها تقديم أكثر من مليار دولار لإعادة إعمار سوريا، مؤكدا أن تخصيص أموال إعادة الإعمار سيكون مقابل خطة تتفق عليها حكومة سورية جديدة ممثلة للجميع، وذلك لأن إعادة الإعمار أمر غير ممكن حاليا وسط استمرار العنف والحرب ويجب التوصل لحل سياسى يشمل الجميع قبل أن نشرع فى تنفيذ إعادة الإعمار. وقبل المؤتمر، تعهدت اليابان بمساعدات بقيمة 350 مليون دولار لدعم السوريين، فى حين تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للمفوضية العليا للاجئين بنصف مليار يورو إضافى من أجل سوريا.