في يوم من الأيام جمع رجل عجوز أولاده الثلاثة وطلب منهم أن يجمعوا عيدان حطب كثيرة، وراح يطلب من كل ولد منهم أن يكسر عود حطب، ثم جمع ما تبقي من عيدان الحطب في حزمة واحدة, وطلب منهم الواحد تلو الأخر أن يكسروا الحزمة، ولما لم يستطيعوا، اكتشفوا حكمة والدهم الذي أشرف علي الموت وأراد أن يطمئن علي أبنائه وينصحهم نصيحة العمر، وهي أن يتحدوا ويكونوا يدا واحدة لأن الإتحاد قوة... أدعوكم لتأمل هذه القصة القديمة والتوقف عندها للحظات لنستخلص العبرة ونكتشف أوجه الشبه بين هذه القصة وبين ثورتنا التي تعثرت خطواتها وضلت طريقها عندما تفرقنا وتشرذمنا وبعدنا عن وحدة الصف، وذهب كل فريق يبحث عن مكسب قريب أو قطعة من كعكة الوطن. وسأبدأ بقصة الابن الأول : الإخوان الذين خرجوا عن صفوف الثوار ليحصدوا ثمار الثورة قبل الأوان، فسيطروا باقتدار علي البرلمان مدعين أنه برلمان الثورة ! ولم يكتفوا بأغلبية المقاعد في أول مجلس للشعب بعد الثورة بل فرضوا نفوذهم علي معظم لجانه لتصبح قبضتهم فولاذية لا تقهر فاقت أيام الحزب الوطني المنحل ! وتكرر نفس السيناريو المتعطش للسلطة والهيمنة في مجلس الشورى، ليحكموا قبضتهم عليه رغم أنه مجلس بلا فائدة وبلا أي صلاحيات، ولا ننسي موقعة التأسيسية للدستور التي كشف فيها الإسلاميون عن أنيابهم ليستأثروا بها أيضا تحت عباءة 50 -50 ، والتي فتحت عليهم النار وأصابتهم بوابل من الاتهامات والانتقادات الحادة ، وقبل ذلك يجب ألا ننسي علاقة الإخوان بالمجلس العسكري وكيف انحازوا لجبهة العسكرية ونهشوا الثوار والثورة في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وكيف خاضوا في أعراض العفيفات ليرضوا أصدقائهم الجدد من العسكريين علي حساب شرف الوطن. خروج الإخوان عن وحدة الصف أضرهم كثيرا، لأنهم فقدوا الكثير من رصيدهم في الشارع الذي رأي فيهم حزب وطني جديد ! والابن الثاني : الثوار الذين تركوا مواقعهم في الميدان وتنازلوا عن وحدة صفهم، وراحوا يبحثون عن منصب ما ، أو تكوين حزب سياسي جديد بلا خبرة سياسية ، ضاربين بعرض الحائط كل دعاوي الوحدة وعدم التشرذم ، خرج الثوار بلا تخطيط أو قائد، فأصبحوا عيدان حطب ضعيفة سهلة الكسر، فضاعوا تحت الأقدام ولم يحققوا شيئا يذكر، وأصبحوا لقمة سائغة في فم الثورة المضادة التي تنهشهم وتسعي لتقيدهم بالمعوقات تارة وبالحملات التشويهية تارة أخري. والابن الثالث : بسطاء هذا الوطن الذين قهروا وعذبوا عقودا طويلة وحرموا من أبسط حقوق الحياة الكريمة التي تحفظ آدمية البشر وتصون كرامتهم، هؤلاء أيضا خرجوا عن روح الفريق، معتقدين أن حقوقهم الضائعة ستعود بقطع الطرق، أو بحركات احتجاجية لا تجد أذن صاغية لها، رغم مشروعيتها ! أنا لا أدعوكم للخروج للميدان، كما سيفعل أنصار المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل غدا في دعوتهم لجمعة حماية الثورة كما يزعمون! لأنهم يريدون حماية الثورة بمنظورهم الحازمي الذي يرفض الخروج من سباق الرئاسة، ويناور للحصول علي أي مكاسب مستخدما أنصاره الذين اختزلوا الثورة وأهدافها في ترشح الشيخ أبو إسماعيل ليحقق شرع الله !! بل أدعوكم وأدعو نفسي للعمل معا من جديد لاستعادة وحدتنا المفقودة ، ومراجعة أنفسنا ، لنسترجع روح الفريق التي جمعتنا أيام الثورة ، تلك الروح التي لم تفرق بين مسلم أو مسيحي، بين إخواني أو سلفي، بين الشباب أو الفتيات ، لنصبح يدا واحدة بحق، علينا أن نجتمع من جديد ونصبح حزمة كبيرة من عيدان الحطب، يعجز كل فاسد أو متسلط أن يكسرها أو ينال من وحدتها، نريد حماية ثورتنا بحق وليس ثورة الحازمون أو الشاطرون، نريد أن نصبح كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.. مصرنا الحبيبة بحاجة إلي عودة وحدتنا المفقودة .... المزيد من مقالات علا حمدى