نظم المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة حول موضوع التطوير المؤسسي المطلوب لإدارة المدن في حالة مصر في إطار تحديات الوضع القائم من حيث تزايد السكان. ووضع البنية الأساسية فيما يخص المياه والصرف الصحي والنقل والمرور والبيئة والحاجة الي تغيير النظرة التقليدية الي التنمية بعد أن عجزت نظم التخطيط التقليدية عن توفير التمويل المستدام للحفاظ علي مستويات الصيانة الدورية الضرورية للبنية الأساسية مما أدي الي ضغط كبير علي الموارد وتدمير البيئة مع صعوبات كبيرة في إدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي انعكس الأمر علي المستوي المعيشي وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وأكدت الدكتورة هناء خير الدين المديرة التنفيذية للمركز المصري في افتتاح فعاليات الندوة أن أهمية موضوع صياغة استراتيجيات محلية للتنمية الاقتصادية يأتي من حيثيات مختلفة منها ان إدارة المدن من العناصر المهمة في عملية التنمية المستدامة وان المدن في عصرنا الحالي أخذت تتمتع بخاصية جذب قوية لم تكن لها من قبل, الأمر الذي يزيد من اتساع نطاق العمران الحضري وتناقص العمران الريفي, حيث نجد أن مايقرب من57% من السكان بالقري يتمركزون حول الدلتا ووادي النيل أي مايقرب من42 مليون نسمة حاليا وبالتالي تضخمت المدن في مصر. وأضافت ان من أهم التحديات الكبيرة في هذا الشأن تخطيط التنمية والوصول الي النمو المتوازن في المدينة مع تزايد السكان وتسارع وتيرة التحضر والنمو العمراني فأصبحت المراكز الحضرية( المدن) مركزا لظهور الكثير من الصعوبات في توفير خدمات البنية الأساسية من المياه والصرف الصحي والنقل والمرور والحفاظ علي البيئة ويأتي ذلك مع عدم مواكبة الامكانات المؤسسية وإدارة منظومة الإدارة المحلية والخدمات العامة لهذه الظاهرة مما ساعد علي ظهور العديد من المشاكل التي أثرت علي تحسين نوعية الحياة للمواطنين. وقالت د. هناء خير الله إن الميزانية الحكومية المحلية يتم اعدادها دون النظر الي الاحتياجات الفعلية لكل مدينة أو محافظة علي حدة, وأن الأمر يحتاج الي العمل في اطار محتوي محلي والبحث عن آليات لتطوير نمو الموارد والايرادات من الموازنة العامة ومعززة بنظم تمويل محلية جيدة وغير تقليدية لتحسين الأداء الاقتصادي وقدرات المدينة أو المحافظة لاتاحة فرص المنافسة. وأشار الدكتور حامد مبارك المستشار السابق بالأمم المتحدة الي ان التحضر بانعكاساته علي النمو العمراني والسكاني يصاحبه العديد من الظواهر منها انخفاض فرص العمل وتزايد معدلات البطالة والصعوبة في توفير الخدمات والحفاظ علي البيئة ومعالجة الكوارث وعجز مزمن في توفير المرافق والمساكن وانتشار العشوائيات وقصور نظام التخطيط التقليدية وعدم وصول الخدمات الي القطاعات الأكثر تضررا. وأوضح ان المساحة المؤهولة بالسكان في مصر هي40% فقط من المساحة الكلية ويصل التعداد الحالي الي78 مليون نسمة, ومن المتوقع ان يصل الي أكثر من82 مليونا عام2015 ويصل سكان الحضر إلي46% من سكان مصر وهناك نحو3400 طفل يولد كل يوم. ومن المتوقع من هذه الزيادة البشرية اليومية وسوء توزيع الخدمات مع تركز السكان في المدن والعواصم ظهور العديد من المشكلات التي تواجه إدارة المدن ومنها الازدحام المروري والحوادث. وأشار الي ان الارتفاع الهائل في عدد السكان يؤدي الي اهدار الموارد الطبيعية وتدمير البنية التحتية فالقاهرة وحدها يقطنها18 مليون نسمة أي22% من سكان مصر, كما تتصدر مشكلة المناطق السكانية العشوائية قائمة المشاكل التي تعاني منها هذه المدينة. ومن ناحية أخري, استعرض د. حامد مبارك بعض الإحصائيات والبيانات الخاصة بتحديات الوضع القائم في مصر, مشيرا إلي عدم تكافؤ النسب المساهمة في مرافق نقل المواطنين برا, حيث تصل المرافق الحكومية علي مستوي المحافظات إلي48%, بينما مساهمة القطاع الخاص تصل إلي52% مثل سيارات الأجرة والخاصة والسرفيس. وتشير الإحصاءات إلي وجود مشكلات في توفير خدمة النقل والمواصلات في مصر مع تزايد حوادث الطرق التي تسببت في خسائر في الناتج القومي بما يعادل16 مليار جنيه وتعتبر نسبة الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في مصر مرتفعة مقارنة بالدول الأخري, وصنفت الطرق المصرية ضمن الأكثر خطورة وفوضوية وتتراوح تكلفة الكيلو متر الواحد من الطرق ما بين2 و4 ملايين جنيه, واحتياجات الصيانة7 مليارات جنيه سنويا علي مدي10 سنوات في حين المتوافر منها200 مليون سنويا أي نحو30% فقط. كما تشير التقديرات إلي أن ضحايا حوادث الطرق في مصر عام2005, بلغ سنويا12 ألف قتيل( لإعمار تتراوح بين17 و45 عاما), و30 ألف مصاب, بينما وصل حجم التلفيات إلي18 ألف سيارة سنويا. وأوصي بإنشاء جهاز تنظيمي مستقل يلتزم في إطار قوانين الاستثمار الخاص بكل مدينة والتغيير المستمر للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع تعبئة الرأي العام المؤيد للاستثمار الخاص مع تعاظم الدور الحكومي لضبط آليات السوق, وأن يرتبط مدخل التطوير والتنمية حسب احتياجات كل مدينة. وقد عقب علي الندوة الدكتور عبدالرحيم شحاتة وزير الدولة للتنمية المحلية الأسبق, مشيرا إلي المعوقات الرئيسية التي تحول دون تحضر المدن في مصر ومسايرتها للمتطلبات التنموية ومن بينها استمرار الهجرة من الريف إلي الحضر وما يصاحبها من مشاكل اقتصادية واجتماعية وصحية إلي جانب عدم فعالية المجالس الشعبية المحلية, وضعف القدرات المحلية مع مشاكل التدريب المحلي وعدم وضوح القوانين التي تنظم إنشاء وإدارة المدن. وأوضح أن نحو60% من السيارات الموجودة في مصر بداخل القاهرة الأمر الذي يتطلب وقف تراخيص السيارات علي الأقل لمدة خمس سنوات, واستحداث اللوائح والقوانين التي تحقق هذا الهدف علي أرض الواقع فضلا عن نقل الوزارات وبعض الهيئات والشركات خارج العاصمة( القاهرة) وهو أمر تحتمه الضرورة. وقال إنه حان الوقت للوصول إلي مصالحة حقيقية بين المواطنين وأجهزة الدولة مع الإصلاح الإداري المستمر وزيادة إسهام المواطنين في عملية التنمية والتطوير المستمر للا مركزية الإدارية والمالية, وذلك في ضوء تضخم الأجهزة المركزية وسطوتها علي قضية التنمية في الريف والحضر. وأكد أن التطبيق الشامل للقانون دون استثناء أو انتقائية هو طوق النجاة للمجتمع الذي يطمح للتقدم والنمو مع عدم إغفال دور رأس المال الاجتماعي للمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية.