الأسرة هى نواة المجتمع ويمثل ترابطها واستقرارها أمن ونجاح الدولة وخط دفاع الجبهة الداخلية للمجتمع ككل، فمنذ آلاف السنين تحكى لنا جدران المعابد الفرعونية صورا عن ترابط الأسرة المصرية وهم متشابكى الأيدى، لكن فى الآونة الأخيرة لم تعد الأسرة المصرية كما كانت عليه قديما من ترابط، بل أصابها التفكك بمساهمة وسائل الاتصال فى ذلك.. فما هو رأى خبراء الاجتماع والصحة النفسية؟ د.هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسى تقول: هناك فى علم الاجتماع ما يطلق عليه علم الاجتماع الأسرى، فنظام الأسرة هو نظام ثابت وموجود فى كل المجتمعات، ويحدث له تحولات طبقا للتحولات التى تحدث فى المجتمع، قديما كان هناك ما يسمى بالأسرة الممتدة الجد والجدة والأبناء والأحفاد والخال والعم وكان ذلك فى الأجيال الثلاثة الماضية مثال على ذلك.. الأسرة فى ثلاثية نجيب محفوظ« بين القصرين، قصر الشوق، السكرية »وهذا النظام ما زال موجودا فى معظم الريف المصرى. أما فى المدن فالنظام مختلف.. حيث الأسرة الحديثة المكونة من الزوج والزوجة والأبناء.. وهذا يرجع إلى أن حجم المبانى والمشكلات المادية التى لم تعد تسمح بنظام الأسرة الممتدة وإلى حدوث تحولات اجتماعية وجغرافية.. ففى القاهرة مثلا نجد أحد أفراد الأسرة قد انتقل للعيش فى منطقة التجمع والآخر فى السادس من أكتوبر والإقامة فى المكان المتاح طبقا لظروفهم الاجتماعية والمادية. وأصبحت هناك أولوية تربطهم بالمحيط الاجتماعى الجديد مثل الجيران، وأصبح ترابط الأسرة الممتدة فى ظل الظروف الراهنة غير ممكن تحقيقه بالصورة القديمة. وتؤكد د.هدى زكريا أن المصريين هم أكثر شعوب العالم تواصلا وترابطا مع أسرهم ووطنهم ونرى المصريين فى السعودية وأمريكا يفضلون قضاء إجازتهم فى وطنهم بين أسرهم وأن كانت شبكات التواصل الاجتماعى قد ساعدت على التواصل باعتبارها وسيلة سهلة ويطلق عليها حديثا علم الاجتماع الآلى، والتواصل الافتراضى بمعنى أن الكلام غير مباشر لكن يمكن التواصل بشكل الحضور الافتراضى مع أسرهم. أما د.محمد رجائى استشارى الصحة النفسية يقول إن الأسرة هى نواة المجتمع حيث إن المجتمع الكبير عبارة عن أسرة صغيرة فإذا كانت الأسرة الصغيرة فى ترابط وود وانسجام أصبح المردود أمنا وترابطا وسلاما للمجتمع الكبير ككل وهى الدولة المصرية ولكن كيف يمكن تحقيقه؟ يمكن تحقيق هذا من خلال جو أسرى دافئ وهادئ ومستقر تنبعث منه الكلمة الطيبة والمشاركة التى تؤلف مشاعر الحب والحنان والمودة والرحمة بين الأب والأم الذى ينعكس بدوره على الأبناء، التغاضى عن الأفعال والزلات التى تصدر من طرف تجاه الآخر ومواجة الأزمات والمشكلات الحياتية التى قد تتعرض لها بالحوار الهادئ والهادف الذى من خلاله تستطيع الأسرة تنقية وتصحيح بعض الأفكار وتثبيت أفكار أخرى وتقريب وجهات النظر وتكون مجموعة تواصل ايجابية داخل الأسرة الواحدة والتى تنتقل بدورها إلى محيط العائلة ومنها إلى المجتمع، يؤكد انه إذا اتبع هذا الأسلوب داخل الأسرة والمؤسسة التعليمية والمهنية وبين الجيران والدولة لأصبح هناك ترابطا حقيقيا وبناء قوى بمنزلة حماية للجبهة الداخلية للدولة والمجتمع، ومخطئ من يعتقد أن وسائل التكنولوجيا، ومواقع التواصل الاجتماعى الحديثة خطر على أمننا القومى وترابطنا وسلامنا الاجتماعى، لأنها وسيلة للتقارب والتواصل، حيث أصبح من السهل الوصول لأى شخص فى أرجاء المعمورة، وإذا اعتقدنا انها سبب فى تفكك المجتمع فإننا نغيب إرادة الإنسان المصرى الذى يستمد قوته من دفء المشاعر والحب والربت على الكتف والتصافح بالأيدى ومن إلتقاء الوجوه وتعانق الشعب المصرى الحريص دائما على التواصل والتلاحم البصرى. إن الأسرة المصرية مازالت تحتفظ بالجينات الفرعونية، فالأبحاث العلمية أثبتت أن 97% من المصريين الحاليين يحملون إرث السلالة الفرعونية وتصور المعابد الفرعونية ترابط الأسرة حيث تظهر أفرادها وهى متشابكة الأيدى.