يحرص القضاة على مر العصور على تطبيق القانون فى إصدار الأحكام بين الناس بميزان العدالة لأن فى ذلك رحمة وأمانا وإنسانية مطلقة لسائر البشر، دون الالتفات إلى أى مؤثرات خارجية أو تهديدات ولا سلطان عليهم سوى القانون وهم فى ذلك لا يملكون حيزا من الحرية فى اصدار أو الغاء الأحكام، فالقاضى يحكم فى القضايا المختلفة بما تحول إليه من أوراق وأسانيد وشهود وأدلة ودراسة دفاع المتهمين وغير ذلك ليصل إلى هدفه المنشود فى تحقيق العدالة التى يحرص عليها، وفى هذا السياق ورد بالكتاب المقدس فى العهد القديم سفر الملوك الإصحاح الثالث أن هناك امرأتين جاءتا إلى النبى سليمان الحكيم فى نزاع على طفل وكل منهما تدعى أن الطفل هو ابنها وعندما سألهما عن حقيقة الأمر اصرت كل منهما على أن الطفل هو ابنها، فأمر النبى سليمان الحارس باحضار سيف، وتظاهر بأنه سيقوم بشطر الطفل إلى نصفين لتأخذ كل امرأة نصفه، وهنا قالت إحداهما للأخرى «أحسن هكذا لا أنا ولا أنت سيأخذ شيئا»، أما الأخرى فقالت له يا سيدى لا تشطر الطفل بالسيف واترك الطفل حيالها ولاتمته، وهنا استبان القاضى سليمان الحكيم الحقيقة، وقال لها أنت الأم الحقيقية، وأعطاها طفلها فاحتضنته بحنان جارف وكأنها احتضنت معه العدالة الممتعة.. وهنا نرى أن العناية الإلهية تتدخل لتلهم القضاة بالوصول إلى العدالة فى الأحكام بكل نزاهة، أما اغتيال القضاة أنفسهم فهو لاغتيال العدالة ليكون بديلها الوحيد انتشار الظلم والفوضى بين الناس، وهو ما لم ولن يحدث فى بلدنا ولن يقبله مواطن مصرى شريف، وستبقى القضايا والملفات لتواجه سيف العدالة، رحم الله المستشار الجليل الذى أدى واجبه فى محراب العدالة مدافعا عنها فهى رسالته وقد أداها، ليقف وحده أمام المولى يوم الحساب ليسكنه فسيح جناته بإذن الله. مجدى حلمى ميخائيل