برغم أن منطقة الحسين هى رمز دينى فى الأساس فهى تستغل فيما يشوه الدين ، وفى أخص هذا الرمز وهو مسجد الحسين ، ومع حالات المخالفات المتعددة حوله أقامت الدولة سورا حديديا من جميع الجهات ، فما كان من الباعة إلا الاستيلاء على السور، ليس لعرض بضائع مطلوبة للمواطن أو السائح ولكن لتزين الأسوار ب (بدل الرقص الخليعة جدا) وكذلك الملابس الداخلية الحريمى ، ولا أدرى ما هو السر فى الإصرار على ربط هذه الخلاعة بالمسجد أو بيت من بيوت الله ، ومع أننا لم نر ولا نرى فى أماكن اللهو أبدا أو على أبواب الكباريهات مجرد صورة لبدلة رقص وليس بدلة حقيقية ، ولأن هذه منطقة جذب سياحى دينى بالدرجة الأولى حتى الآثار الإسلامية بها ، فلا أتخيل شعور الزائر أو السائح تحت أى مسمى تجاه هذه الظاهرة ، ولا أظن أن زائرا محترما لا يتعجب من هذا الانفصام فى سلوكياتنا من جانب الباعة والمواطن تجاه بيت لله مخصص للعبادة والاستقامة ويحمل الرمز والتاريخ لذلك لا تجد سائحا يدخل مسجد الحسين بعد أن يرى أقصى رموز الانحلال حوله ، ولا أريد أن أسترسل فيما يدور حول المسجد من نشاطات ومجموعات تدير شبكات مشبوهة أخلاقيا ، أقول ذلك بعد تأكيد مجموعات من الناس عن حالات الخطف المرعبة للسيدات الزائرات والأطفال ، بل إنك تصطدم للوهلة الأولى عند وصولك لهذه المنطقة الدينية بانتشار باعة (بدل الرقص) ، لتعرض على السائح اعتقادا بأن الأجانب يسحرهم هذه البدل دون سائر مظاهر الحضارة ، والحضارات المصرية المعجزة على مر العصور ، والتى سبقت بالفكر والديانة كل الشعوب فتأتى منبهرة بها ، فإذا بالجهلة والسفهاء يربطون هذه الحضارات بالرقص والانحراف والذى لم يكن فى أى عصر يرتبط تاريخ مصر ، ولا يكون ذلك إلا تشويها لمكانة مصر العظيمة .
فهذه المنطقة شهدت أغنى وأغلى مراحل التاريخ المصرى منذ قدوم الفاطميين وإقامة القاهرة التاريخية ، والتى منها انطلق جيش وشعب مصر لمواجهة وهزيمة أعتى جيوش العالم سواء من التتار وهولاكو القادم من الشرق ، أو مواجهة الحملات الصليبية التى انتهت على يد مصر بلا رجعة ، ،ودور الشعب فى مواجهة الحملة الفرنسية انطلاقا من الأزهر الشريف ، ولم ير هؤلاء احتفالات المصريين بطلعة المحمل ، وما شمل كل هذا من مراحل وتاريخ مجسد فى أركان القاهرة القديمة بما فيها أندر الآثار الإسلامية فى العالم ، وهى تجسيد حى لهذا التاريخ الذى كانت تقابله عصور الظلام والجهل فى أوربا ، ثم بعد ذلك ومع نهضة هذه الدول الآن نقابلهم ببدلة الرقص عنوانا لحضارتنا وتاريخنا غير المسبوق عالميا.!
كنت انتظر من رجال الدين ، الثورة من أن أجل أحد بيوت الله ، ورمز دينى مهم فى مصر وتاريخها ، إلا أن الحرص غير موجود ، فاعتقدت أن رجال الآثار أو حتى البلدية يكون لهم دور آخر فإذا بالظاهرة تتفاقم ، ،ويجاريها مسئولو هيئة السياحة التى تركز فقط على الجانب الأمنى للسائح ، دون القراءة فى صفحاتنا البيضاء المسطورة على جدران الآثار وحفظها الزمن .. أقول : إن ذلك لا يصح أن يكون مع المعالم الدينية والتراث التاريخى والقيمة السياحية ...وهى قلب مصر النابض !