أغلب الظن أن الحكومة دائما ما تنسى ولا أقول تتناسى أو تتجاهل افتراضا لحسن النية رأى القطاع الخاص السياحى فى كل القرارات والقوانين التى تتعلق بواقع هذا القطاع ومستقبله. صحيح أن الدولة أو الحكومة هى صاحبة المصلحة الكبرى فى تحقيق التنمية الاقتصادية لمصلحة الشعب والسياحة هى أحد أذرعها لتحقيق هذه التنمية .. لكن يظل القطاع الخاص فى السياحة هو «بطل الحكاية» لأنه هو الذى يضطلع بمسئولية التنمية السياحية منذ الثمانينيات وتحديدا بعد تحرير كل الأراضى المصرية واتجاه الدولة للسياحة .فالحكومة لا تبنى فنادق أو منشآت سياحية ولا تنمى فى السياحة بشكل عام بل هو القطاع الخاص وليس فى ذلك انتقاص من قدرتها ولكن هذا هو الواقع.وأنا هنا حينما أقول الحكومة فلا أقصد الحكومة الحالية بالطبع ولا السابقة بل أقصد حكومات مصر السابقة ومنذ سنوات بعيدة. ولا أقصد الحكومة بالمعنى العام للكلمة ولكن ينصرف كلامنا إلى وزارة السياحة باعتبارها ممثل الحكومة فى هذا القطاع.. وليست الوزارة الحالية بالطبع ولكن كل الوزارات السابقة. من هنا يمكننا القول أن الوزارة «السياحة» عندما تنسى رأى القطاع الخاص أو تتناساه فهى فى حقيقة الأمر ترتكب خطأ فادحا وتدفع ثمنه باستمرار من قدرة هذا القطاع على الانطلاق الحقيقى فكثير من القضايا أو القرارات التى تتناسى رأيه فيها تكون النتيجة ليست فى مصلحة السياحة على الاطلاق.. ذلك لأن وزارة السياحة عليها أن تعرف أن دورها ينحصر فى كونها منظما ومراقبا وضابطا للايقاع فى هذا النشاط بما يحقق المصلحة الكبرى للدولة فى النتيجة. لكن الغريب أن الوزارة تتخلى عن دور المنظم والمراقب فى كثير من الأحيان وتتخيل أنها هى المسئولة عن جذب السياحة وأنها هى التى تأتى بهذه الملايين من السياحة إلى مصر، مع أن الحقيقة أن القطاع هو الذى يسوق وهو الذى يدفع.. ولو فكرت وزارة السياحة قليلا لاكتشفت أن كل ما تنفقه على الترويج والتنشيط والحملات من صندوق السياحة الذى تأتى أمواله من اشتراكات الفنادق والشركات والمنشآت السياحية وكل الرسوم التى تحصلها الوزارة من القطاع.. يعنى القطاع يدفع والوزارة تأخذ القرارات وبمعنى آخر كما يقول أهل القطاع «حسنة وأنا سيدك» مع اسفى لاستخدام هذا التعبير!! وبالتالى أتصور أن على وزارة السياحة عندما تقرر الانفاق من هذه الأموال أن تعود إلى صاحب «المال» وصاحب المصلحة.. لأن كل السياحة فى مصر قطاع خاص لمن لا يعلمون!! وأهل هذا القطاع يعرفون أكثر لأن «اللى ايده فى المية.. مش زى اللى ايده فى النار». ومع أن المشرع أو القانون أدرك ذلك وأوجد كيانا أو كيانات من القطاع الخاص لإدارة السياحة مع الوزارة ممثلة فى الغرف السياحية واتحادها لكن الوزراء فى وزارة السياحة دأبوا على التعامل مع هذه الكيانات باعتبارها تابعة للوزارة وليست مستقلة، وللأسف بعض أعضاء هذه الغرف والاتحاد يستسلمون لسطوة الوزارة وليس لقوة جمعياتهم العمومية!! أعود إلى السؤال .. لماذا تنسى الحكومة وزارة السياحة رأى القطاع الخاص السياحي؟ إن أكبر مثال على ذلك هو الأزمة التى يعيشها القطاع السياحى الآن، والمتعلقة بالقرار الذى صدر من الخارجية أو التوجيهات بتكليف السفارات والقنصليات المصرية فى الخارج بضرورة قصر التأشيرات السياحية على من يرغب فى زيارة مصر على المجموعات فقط وضرورة أن يتوجه الأفراد للحصول على تأشيرة مسبقة وذلك ابتداء من 15 مايو المقبل.. قد أحدث هذا القرار خسائر فادحة فى حركة السياحة إلى مصر رغم أنه لم يطبق بعد.. لأن نشره فى الصحافة الغربية جعل كل من يفكر فى زيارة مصر يبعد عن المشكلات ويتحول إلى دول أخرى مثل تركيا تسمح له بالدخول بالبطاقة فقط. كان يمكن للحكومة أن تتجنب هذه الأزمة وهذا التراجع الكبير فى الحجوزات إلى مصر لو اعدت لهذا القرار واستمعت إلى رأى القطاع السياحى حتى لو كانت هناك مبررات أمنية مقبولة للقرار.. فكان يمكن مثلا الاعداد والتجهيز لأن تبدأ مصر عصر التأشيرات الالكترونية.. لأن عالم السياحة تغير جدا ومن يتصور أن من يرغب فى زيارة مصر سيجرى إلى السفارة التى تبعد مئات الكيلو مترات عن مدينته مخطئ جدا.. فالحجوزات كلها فى الوقت الحالى تسمى حجوزات الدقيقة الأخيرة وعلى الطيران الشارتر وليست كما كنا نعرف السياحة زمان التى تخطط للزيارة فى مجموعات فقط وقبلها بشهور. أن مثل هذه القرارات المفاجئة ما كانت تحدث لو لم ننس رأى القطاع الخاص السياحى وما لم نفاجئه بمثل هذه الصدمات.. لكن المؤسف أن الحكومة ذاتها أو أصحاب هذا القرار نسوا وزارة السياحة نفسها التى لم تعلم شيئا عن القرار.. وبالتالى فما المانع بأن نفاجأ بأن وزارة السياحة هى الأخرى تنسى أو تتناسى القطاع الخاص لذلك ربما يكون التعمد واردا فى قضايا أخرى مماثلة ومهمة جدا كان يجب أن يكون للقطاع الخاص صاحب المصلحة الرأى الأول فيها وليست الوزارة «المنظم والمراقب» لأن الفلوس فلوس القطاع الخاص، فمثلا أصدر وزير السياحة خالد رامى قرارات تتعلق بالمكاتب الخارجية وأعلن عن حملة دولية وعن استمرار دعم الشارتر.. مثل هذه القضايا كان من الأفضل أن يلجأ فيها إلى رأى القطاع الخاص أولا.. كنت أفضل لو شكل لجنة من خبراء حقيقيين سواء من كبار المستثمرين أو الخبراء فى التسويق والاعلام والطيران واهتدى برأيهم على أن تكون لجنة محدودة قبل أن يصدر قرارات .. لقد تحدث معنا الكثير من أهل القطاع بشأنها فبعضهم مثلا يرى مواصفات محددة للحملات وبعضهم يرى اغلاق المكاتب كلها والآخر يقول إن المشكلة فى من يديرون المكاتب.. لماذا لا يتم الاتفاق أولا قبل القرارات.. لا أريد أن أدخل فى تفاصيل، ولكن هذه عناوين تؤكد أن الوزارة تنسى أو تتناسى أصحاب المصلحة الحقيقيين تماما مثل الحكومة التى نسيت وزارة السياحة فى قضية التأشيرات، وبالتالى فخسائر السياحة المصرية مؤكدة فى الشهور المقبلة!! إن كل ذلك يدفعنا بلاشك إلى المطالبة بسرعة انعقاد اللجنة الوزارية التى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد طلب تشكيلها برئاسة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب وعضوية الوزراء الذين يؤثرون فى السياحة لحل مشكلات هذا القطاع، وذلك عقب لقاء الرئيس بنخبة من منظمى الرحلات الأجانب الكبار منذ أكثر من شهرين. أكثر من هذا.. ربما يدفعنا ذلك كله إلى مناشدة الرئيس السيسى بأن يعيد تشكيل المجلس الأعلى للسياحة برئاسته وبأن يضم هذا المجلس الوزراء المعنيين وكبار ممثلى القطاع الخاص السياحى الذى لا يجوز أن ننسى رأيه أبدا للنظر فى كل القضايا الكبرى التى يمكن أن تدفع السياحة المصرية للأمام.. فلسنا أقل من تركيا التى وصلت إلى أكثر من 37 مليون سائح و29 مليار دولار وتحتل المركز «6» على العالم .. بينما نحن مازلنا فى دائرة 9.9 مليون سائح و5.7 مليار دولار وفى المركز «31» على العالم .. والله حرام. لمزيد من مقالات مصطفى النجار