قل ما شئت عن حدة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها مصر طوال السنوات الأخيرة وتحّدث بلا حرج عن المصاعب والتحديات التي مازالت تواجه البنيان الاقتصادي والجسد الإنتاجي والتنموي ولكن لا تنسي أننا لسنا أول دولة تواجه مثل هذه المصاعب الحادة ومع ذلك فإن كثيرا من الدول الراشدة استطاعت أن تحول المحنة إلي منحة، وأن تجعل من رباط الأزمة الخانقة رباطا للملمة الملاءة الاقتصادية ومنعها من الانفراط. وإذا كانت بريطانيا في ظل قيادة المرأة الحديدية مارجريت تاتشر استطاعت خلال 10 سنوات هي طول حقبة الثمانينات من القرن الماضي أن تنقل الاقتصاد البريطاني من غرفة الإنعاش إلي الجري في مضمار الاقتصاد العالمي بدرجة كفاءة عالية فإن مصر في ظل قيادة القائد الجسور عبد الفتاح السيسي قادرة علي أن تفعل مثل ذلك وأكثر منه لأن مفتاح الحل يتمثل في وجود الإرادة السياسية القوية التي تؤمن بصحة هدفها ولا تهتز أمام المزايدات. لم يكن أمام تاتشر من سبيل سوي صياغة استراتيجية اقتصادية واضحة المعالم كاشفت بها الشعب بأن أول خطوة لبلوغ الرخاء المنشود هى الإصلاح الحقيقي، والتي تتطلب استعدادا شعبيا صادقا لتحمل فاتورتها بالتوازي مع التزام الحكومة بترشيد الإنفاق لأقصي درجة ممكنة وإزالة القيود أمام حركة الاستثمار، وتخفيف المعدلات الضريبية علي أصحاب الدخول الثابتة واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لكبح جماح التضخم. وفي اعتقادي أن المؤتمر الاقتصادي الوشيك يمكن له أن يسهم في وضع أقدام مصر علي طريق مبدأ الإصلاح وينتهي بالرخاء لأن مصر ليست دولة فقيرة في الموارد «البشرية والطبيعية» وتحتاج فقط إلي حسن توظيف وتنمية هذه الموارد بعد استخراجها من مناجمها المدفونة فيها. أتحدث عن رؤية جديدة تؤدي إلي تغيير الخريطة العمرانية والسكانية والتنموية لمصر بكراسات تفصيلية دقيقة ومحفزة تشجع رؤوس الأموال علي تفضيل مصر والضخ في شرايينها.. والله الموفق خير الكلام : العجز هو من تطرق الفرصة بابه فيتحجج بالمستحيل !