يُطلق على لبن الأم وصف "الذهب الأبيض"، لأنه يحتوى على كل مكونات دم الانسان عدا الكرات الحمراء، فيما تمثل الألبان الصناعية فى الرضاعة خطورة كبيرة على صحة الطفل، وتكلف الدولة مبالغ كبيرة لدعمها، فى حين توفر الرضاعة الطبيعة مبالغ باهظة للدولة، لا سيما مع ما ذكرته أحدث الدراسات العلمية من أن حالات التقزم وصلت إلى نسبة 29% بين أطفال مصر دون الخامسة، بسبب عدم الرضاعة الطبيعية، وسوء التغذية. د.عبلة الألفى ممثل الكلية الملكية لطب الأطفال فى الشرق الأوسط والاستشارى الدولى للرضاعة الطبيعية وتغذية الأطفال تؤكد أن هناك زيادة فى معدلات سوء التغذية بمصر بين الأطفال فى أول سنتين، مشيرة إلى أن دراسة أجريت في 6 محافظات، منها أربع من الوجه القبلى، وإثنتان من الوجه البحرى، أثبتت أن حالات تقزم الأطفال وصلت في محافظة القليوبية إلى أكثر من 64%، بسبب سوء التغذية الشديد من أول الولادة بسبب الرضاعة غير الطبيعية والتكميلية، بينما وجدت أن الصعيد أفضل فى الرضاعة الطبيعية. وأضافت أن التقزم ليس المشكلة الوحيدة، ولكن نتيجة إهمال الرضاعة الطبيعية والاتجاه الى الرضاعة الصناعية يحدث ضعف في الأداء الذهنى للأطفال، ونقص معدلات الذكاء من 15 إلى 20 درجة، إلى جانب ارتفاع نسبة الإصابة بالبول السكرى والربو والحساسية والأمراض المزمنة ومشكلات الجهاز المناعى. وتضيف أن الأم تتعرض كذلك لأمراض خطيرة كسرطان الثدى والمبايض والرحم، وترتفع نسبة الوفيات فى الأطفال نتيجة سوء التغذية، ويمكن إنقاذ 22 طفلا من كل 100 يموتون نتيجة لعدم الرضاعة الطبيعية. وتؤكد أن اهتمام الدولة بالرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة فى أول سنتين من حياتهم هى مسألة هامة، لأن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يكونون ضعاف البنية، ولا يستطيعون أن يقوموا بالأعمال اليدوية أو الذهنية. ولأن الدولة تدعم الألبان الصناعية تسهل على الأمهات الرضاعة الصناعية مما يسبب خطورة على الأطفال، ولابد أن يُوجه الدعم للاهتمام بالرضاعة الطبيعية وتعليم الأمهات كيفية التغذية السليمة، لأن 85% من العقل البشرى يتم تكوينه فى أول سنتين من الحياة، على أن يتم دعم الألبان الصناعية فى الحالات القصوى فقط، ومنها وفاة الأم أو معاناتها من الأورام. من جهتها، توضح د.رانية الفراش أستاذ مساعد طب الأطفال بطب عين شمس أن لبن الأم هو الحجر الأساسي لصحة الإنسان منذ اليوم الأمل، وحتي نهاية العمر، وهذا الشعار هو ما تتبناه الجمعية المصرية لاستشاري الرضاعة الطبيعية الدوليين، وتشدد على ضرورة الاهتمام بلبن الأم والرضاعة الطبيعية المطلقة لمدة ستة أشهر كاملة مع استمرار الرضاعة، بالإضافة إلي التغذية التكميلية المناسبة، حيت إن سن سنتين. لذلك تحاول الجمعية -كما تقول- التدريس للعاملين في القطاع الصحي للحصول علي شهادة "البورد" لاستشاري الرضاعة الطبية العالمية التي تُعقد سنويا في القاهرة منذ 2002، وقد حقق المصريون بهذه الشهادة أعلي معدلات النجاح عالميا، مما أدي إلي تنامي عدد أعضائها ليصل إلي أكثر من 300 عضو حاصل علي شهادة "البورد" لاستشاري الرضاعة الطبيعية العالمية. وتضيف أن الجمعية تشارك مع وزارة الصحة والجامعات والهيئات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف في تدريب جميع العاملين بالمستشفيات ووحدات الرعاية الأولية علي اعتبار أن المستشفي صديق الأم الذي يشجع الرضاعة الطبيعية منذ اليوم الأول للولادة.