«الدواء حق لكل مواطن» هذا الشعار رفعته جميع الحكومات المتعاقبة فى مصر سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعدها وحتى بعد ثورة 30 يونيو الا أن اختفاء الأدوية الضرورية أو الأساسية من السوق يعتبر انعكاسا طبيعيا لحالة انعدام الرؤية وعشوائية التخطيط بوزارة الصحة المسئولة عن صحة المصريين والخطير فى الأمر أنه يلاحظ فى كل أزمات نقص الدواء فى مصر عدم انتباه وزارة الصحة لتلك الأزمات إلا بعد تفاقمها. والغريب أن شركات الدواء ونقابة الصيادلة وشركات التوزيع ووزارة الصحة عقدت أكثر من اجتماع على مدى 6 أشهر للتفاوض والوصول إلى اتفاق لحل مشكلات نقص الدواء وأسعار الأدوية فى مصر، وتوزيع هامش الربح فيما بينهم دون الإضرار بالمواطن المصرى البسيط، والمريض المسكين، الذى يعانى الأمرين الداء والدواء وسوء الخدمات الطبية والعلاجية، وارتفاع أسعار الدواء وتكاليف الكشف لدى الأطباء فى العيادات الخاصة. إن هذه الاجتماعات المتتالية قد فشلت فى الوصول إلى اتفاق، ولكنهم نجحوا فى الأختلاف ومازال المريض المصرى البسيط يدفع الثمن خاصة بعد تفاقم أزمة نقص الدواء وارتفاع أسعاره ووجود أزمة حقيقية فى العديد من أصناف الدواء خاصة بالنسبة لمرضى القلب والضغط والسكر والأورام والفشل الكلوى والكبد والسرطان والمخ والأعصاب وغيرها من الأمراض الخطيرة. يقول الدكتور علاء أبوشعيشع من كبار الصيادلة بكفرالشيخ. إن المحافظة وغيرها من المحافظات الأخرى لا تعانى نقصا فى الدواء لأن تعريف الدواء الناقص هو الذى ليس له بديل أو مثيل وفى حال غياب المثيل. هنا تبدأ المشكلة لأن وزارة الصحة عندما تسجل دواء ما تسجل معه 12 مثيلا له وهناك بعض الأدوية لها مثيل أو مثيلان أو ثلاثة وهذا لا يحدث سوى فىالأدوية الحديثة جدا مثل أمراض السرطان التى يظهر علاجات حديثة منها تنتجها شركات عالمية. وأوضح أبوشعيشع أن مصر على مدار تاريخها يوجد بها أدوية تنقص فى الأسواق ولكن لها أدوية بديلة. وهذا لا يمثل مشكلة على الإطلاق فنقص الأدوية ظاهرة متكررة، ودائما سوق الدواء فى مصر يعانى من نقص فى بعض أصناف الدواء من200 الى 300 صنف دوائى، ولكن يوجد لها بدائل. وأشارت الدكتورة إسراء حسن شمس صيدلانية بكفرالشيخ الى أن المشكلة أن الطبيب المعالج للمريض لا يعرف الدواء البديل أو يكتب روشته للمريض بدواء بعينه وثقافة المريض المصرى أن يحصل على نفس لون علبة الدواء التى كتبها الطبيب مش الاسم التجارى فقط وبالمناسبة لا يوجد مشكلة فى أن يكون الدواء بالاسم التجارى، مهنة الطب والصيدلة مهنة انسانية وأخلاقية بالدرجة الأولى ولا يمكن للطبيب أو الصيدلى أو منتج الدواء بأى شكل من الأشكال أن يقصر فى حق المجتمع. وأوضحت أن نقص بعض الأدوية حاليا واختفاءها يكون خارجا عن ارادة الصيدلى والمنتج ووزارة الصحة مثل انخفاض التقييم الائتمانى لمصر وهو ما يحدث الآن نتيجة الأزمة الاقتصادية فبعد أن كان المنتج يشترى المادة الخام من الخارج بنظام الآجل على 180 يوما أصبح يشترى نقدا مما أدى الى خسائر كبيرة لهم. ويضيف الدكتور نشأت شفيق صيدلى بالرياض أن انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الخام اضافة إلى أن هناك أدوية تكلفتها أعلى من سعر بيعها وبالتالى ينتج عنها خسائر كبيرة كما يحدث فى العديد من الأنواع. أضاف أنه خلال الفترة السابقة فإن صاحب أى مصنع لا يستطيع أن يمنع انتاج دواء يخسر ولكن الآن المدير المالى يعرض عليه خطة انتاج كل شهر والأدوية الخاسرة يمنعها ولا أحد يعاقبه ويكون نقص الدواء خارج عن إرادة الصيدلى فى هذه الحالة. أشار الى أن من أسباب نقص الأدوية أيضا أن سعر الدواء فى مصر ثابت منذ أكثر من 25 عاما ولم يتغير فمثلا هناك أدوية تباع ب 3 جنيهات مثل زجاجة القطرة يصدرها المنتج للسعودية ب 15 جنيها فلماذا ينتجها للسوق المحلية، ويجب على الوزارة أن تعيد النظر فى تحريك أسعار الأدوية فى بعض الأصناف التى تزيد تكلفة انتاجها علي سعر البيع. يقول محمد خالد صيدلى بالحامول إن أزمة الأنسولين طويل المفعول التى كان سعر إنتاجه 1.40قرشا وكان يباع ب 3 جنيهات وعندما اختفى من الأسواق طلبت وزارة الصحة من إحدى الشركات إنتاجه لحل الأزمة فأنتجته الشركة بسعر 35 جنيها. وأشار إلى أن 80% من الدواء منتج محليا و20% مستورد من الخارج وأن 30% من الأدوية المتاحة فى الأسواق تنتجها شركات قطاع الأعمال يمثل معظمها الأدوية الأساسية وتتحمل هذه الشركات عبئا ثقيلا وتنتج أدوية بالخسارة، كما أن القرار رقم 499 الذى أصدرته وزارة الصحة برفع بعض أسعار الأدوية أعقبه تخفيض أسعار 41 صنفا دوائيا فالعبرة بوجود سياسات واضحة تنظم صناعة الدواء فى مصر. من جانبها تقول ماجدة صادق من أبناء محافظة كفرالشيخ إنها مريضة بالقلب والضغط وإنها تعانى فى الحصول على العديد من الأدوية بالإضافة الى ارتفاع أسعار أدوية القلب والضغط بشكل جنونى حيث تحتاج الى أكثر من 500 جنيه لتوفير علاج القلب والضغط المرتفع وبعض الأدوية الأخرى على مدار الشهر وأنا لست موظفة وليس لى تأمين صحى ويجب على الدولة سرعة تطبيق نظام التأمين الصحى على أصحاب المعاشات حيث تحصل على معاش زوجها ولا تحصل على أى خدمات طبية أو أدوية على نفقة الدولة. ويضيف محمد جمال من أبناء مدينة كفرالشيخ، أنه مريض بالكلى ويعانى بشدة من ارتفاع أسعار الأدوية خاصة الأدوية المستوردة التى ليس لها سعر محدد وفى الغالب يتم تهريب هذا الدواء المستورد وبيعه بأسعار غالية للمرضى بدون أى رقابة، كما أن حقن «الألبومين» غالية الثمن جدا وغير متوفرة فى العديد من الصيدليات. وقد اشتكى العديد من المرضى من أبناء محافظة كفرالشيخ، من ارتفاع أسعار أدوية القلب والضغط والسكر والكلى والأورام والكبد والجهاز الهضمى والأمراض الجلدية وأمراض النساء والتوليد والمخ والأعصاب والمضادات الحيوية وحتى أسعار أدوية البرد والإنفلونزا والصداع تم رفعها، فهل هذا يعقل يا وزارة الصحة.