قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر ورئيس لجنة إصلاح التعليم ما قبل الجامعي، إنَّ لجنة تطوير المناهج الأزهرية، يعمل بها أكثر من مائة خبير فى المناهج من داخل الأزهر وخارجه، يعملون على تطوير المناهج بعد دراسة مشكلاتها من واقع التطبيق العملي، والتى انحصرت تقريبًا في: زيادة العبء على قُدرة تلاميذ وطلاب وقتنا الراهن، وكثرة عدد المواد مقارنةً بمواد التربية والتعليم، وخلو المناهج عن معالجات معاصرة للقضايا التى برزت فى السنوات الأخيرة، فى الوقت الذى تحتوى هذه المناهج على موضوعاتٍ لم يعد لها تطبيقٌ فى الحياة العملية ولا تناسب زماننا، وإن كانت هذه الموضوعات لا تدرس للطلاب. وأوضح أن العمل على حلِّ هذه المشكلات يهدف إلي: تخفيف العبء الدراسى دون البُعد عن التراث، فهو سمة مميزة للأزهر الشريف وعلومه، وضرورة لتحقيق مقاصد التعليم الأزهرى القائم على تُراثنا الإسلامي، وفى ذات الوقت إدخال القضايا المعاصرة التى تتَطلَّبُها ضرورةُ الوقت فى المناهج، وأمكَنَ التغلُّب على هذه المُعضِلة بحذفِ بعض الافتراضات التى لم يَعُدْ لتطبيقِها مجالٌ فى زماننا، وإدخال هذه الموضوعات المعاصرة بديلا لها، مع تبسيط العرض بأسلوبٍ مُعاصر لا يستعصى على فهم أبنائنا، ويُراعَى فيه المراحل العمرية المختلفة. وأضاف: إن هذه اللجنة رأى فضيلةُ الإمام تسميتها بلجنة إصلاح التعليم قبل الجامعي، ثم ينطلق الإصلاح للتعليم الجامعى بعد ذلك، واستقرَّ الرأيُ فى هيئة كبار العلماء، والمجلس الأعلى للأزهر، ومجلس مجمع البحوث الإسلامية، بأن تبسط مناهج التعليم الابتدائى والإعدادي، وذلك بشرح المتون والعبارات التراثيَّة بأسلوب مُبسَّط مُعاصِر يُناسِب قُدرات التلاميذ فى هذه المرحلة، أمَّا فى المرحلة الثانويَّة فتُدرَج المتون العِلميَّة التُّراثيَّة ذاتها مع شرح لها بأسلوبٍ مُعاصرٍ، وبعدَ اكتمال خارطة المناهج التى تَرتَّبَ عليها تخفيفٌ كبيرٌ فى عدد المواد دون حذفٍ لأيِّ مادةٍ، حيث ضمت فروع العلم الواحد فى مادَّةٍ واحدةٍ؛ كالنحو والصرف والخط والإملاء فى المرحلة الإعداديَّة هى اللغة العربيَّة، أو فُروع العلوم ذات التخصُّص الواحد؛ كالحديث والتفسير والسيرة والتوحيد لتكون مادة أصول الدِّين، مع الحِفاظ على المحتوى الضروريِّ لهذه الفُروع، وحذف التكرار وما لا تمسُّ الحاجة إليه، أو غير المناسب للمرحلة العُمريَّة للتلاميذ، وبهذا يمكن التغلُّب على حاجزٍ نفسى عند أولياء الأمور، حيث يُحجِمون عن إلحاق أبنائهم بالأزهر لكثرة المواد المقرَّرة، حيث أصبحت المواد الشرعية والعربية فى المرحلة الإعدادية هي: (القرآن، واللغة العربية، وأصول الدين، والفقه) فقط، إضافةً للمواد الثقافية التى تدرس فى التربية والتعليم، فإذا ما رُوعِى أنَّ الموادَّ الثقافية التى تُدرس فى الأزهر والتربية والتعليم سيتمُّ تخفيفُها بالتنسيق مع التربية والتعليم لتكون مناهج الأزهر أخفَّ ولو قليلاً عن مناهج التربية والتعليم مُراعاةً للمواد الأزهرية التى يدرسها طلابُ الأزهر، فسيُصبِح العبءُ متساويًا تقريبًا بين الأزهر والتربية والتعليم، ويقتصر هذا الدمجُ الكبيرُ على المرحلة الإعدادية دون المرحلة الثانوية، التى نالها التطويرُ والتخفيفُ ولكن بصورةٍ مختلفة تُناسب المرحلة العُمريَّة للطلاب، وإن كان تطويرُها لا يخلو من بعض الدمج والحذف، ولكن ليس بالقدر الذى اتُّبِعَ فى المرحلة الإعدادية، وسيكون التخفيف الأكبر من نصيب المواد الثقافية دون الإخلال بالقدر المؤهِّل لالتحاق أبنائنا بالكليَّات التى يلتحقُ بها زُملاؤهم فى التربية والتعليم؛ ولذا نحرصُ على التنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم فى هذا الشأن، وقد تقرر أن يبدأ التطبيقُ التجريبيُّ للمناهج التى انتهت اللجنة من صِياغتها بالفعل هذا العام وهى تنحصِرُ فى مادتى الفقه وأصول الدِّين للمرحلة الإعدادية، لتتبقَّى مادة اللغة العربية تطبقُ بداية العام المقبِل. أمَّا المواد الثقافية التى تبحثُها اللجنة مع خُبَراء من التربية كيفيَّة تطويرها وتحديثها، بالإضافة إلى مُقرَّرات المرحلة الثانوية التى يجرى إعدادها فى ثوبها الجديد الآن لتطبق العام المقبل، لتكون جميع المقرَّرات الأزهريَّة فى التعليم ما قبل الجامعى قد تمَّ تطويرها، وتتبعها المواد الثقافية، وبذلك تتَخلَّص المناهج الأزهريَّة من الزيادات والاستطرادات التى نُؤتَى من قِبَلِها فى الحرب المُمَنهَجة على الأزهر، رغم أنَّها لا تُدرس أصلاً، بل يتمُّ حذفها عند توزيع المناهج على الشُّهور الدراسية، وبإدخال مُعالجات للقَضايا المعاصرة كالإرهاب والإلحاد وتحديث مفاهيم: الدولة، والمواطنة، والجهاد، ونظم الحكم، وإبراز القِيَم السلوكيَّة فى حياتنا اليوميَّة كاتِّباع قواعد السير والتعامُل مع الطُّرق، والتسامح مع الآخَر، وبهذا تنقضى إشكاليَّة الخِطاب الدِّينى الذى يحملُ ظُلمًا أكثر ممَّا يحتمل، وهذه المناهج سيَجرِى إعادة النظَر فيها كلَّ ثلاث سنوات لإدخال المستجدَّات فيها، واستبعاد ما لا حاجةَ للمجتمع فيه.