رد الأزهر على حملة الهجوم الإعلامي على مناهجه، وتحميله مسئولية "التطرف"، نتيجة عدم إدخال تعديلات عليها، بالرغم من مضي عشرات السنين على تدريسها للطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، بإصدار تقرير عن إصلاح منظومة التعليم قبل الجامعي بالأزهر. وقال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، رئيس لجنة إصلاح التعليم ما قبل الجامعي بالأزهر، إن اللجنة التي يعمل بها أكثر من مائة خبير في المناهج من داخل الأزهر وخارجه بدأت قبل سنة في العمل على تطوير المناهج بعد دراسة مشكلاتها من واقع التطبيق العملي. وأضاف أن مهمة اللجنة "انحصرت تقريبًا في: زيادة العبء على قُدرة تلاميذ وطلاب وقتنا الراهن، وكثرة عدد المواد مقارنة بمواد التربية والتعليم، وخلو المناهج عن معالجات معاصرة للقضايا التي برزت في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي تحتوي هذه المناهج على موضوعاتٍ لم يعد لها تطبيقٌ في الحياة العملية ولا تناسب زماننا، وإن كانت هذه الموضوعات لا تدرس للطلاب". وتابع شومان "كان العمل على حل هذه المشكلات يهدف إلى: تخفيف العبء الدراسي دون البُعد عن التراث فهو سمة مميزة للأزهر الشريف وعلومه، وضرورة لتحقيق مقاصد التعليم الأزهري القائم على تُراثنا الإسلامي، وفي ذات الوقت إدخال القضايا المعاصرة التي تتَطلَّبُها ضرورةُ الوقت في المناهج". وأشار إلى أنه "أمكَنَ التغلُّب على هذه المُعضِلة بحذفِ بعض الافتراضات التي لم يَعُدْ لتطبيقِها مجالٌ في زماننا، وإدخال هذه الموضوعات المعاصرة بدلها، مع تبسيط العرض بأسلوبٍ مُعاصر لا يستعصي على فهم أبنائنا، ويُراعَى فيه المراحل العمرية المختلفة". وأوضح أن الرأي في هيئة كبار العلماء، والمجلس الأعلى للأزهر، ومجلس مجمع البحوث الإسلامية استقر على أن "تبسط مناهج التعليم الابتدائي والإعدادي، وذلك بشرح المتون والعبارات التراثيَّة بأسلوب مُبسَّط مُعاصِر يُناسِب قُدرات التلاميذ في هذه المرحلة، أمَّا في المرحلة الثانويَّة فتُدرَج المتون العِلميَّة التُّراثيَّة ذاتها مع شرح لها بأسلوبٍ مُعاصرٍ". وأشار إلى أنه "بعدَ اكتمال خارطة المناهج التي تَرتَّبَ عليها تخفيفٌ كبيرٌ في عدد المواد دون حذفٍ لأيِّ مادةٍ، حيث ضمت فروع العلم الواحد في مادَّةٍ واحدةٍ؛ كالنحو والصرف والخط والإملاء في المرحلة الإعداديَّة هي اللغة العربيَّة، أو فُروع العلوم ذات التخصُّص الواحد؛ كالحديث والتفسير والسيرة والتوحيد لتكون مادة أصول الدِّين، مع الحِفاظ على المحتوى الضروريِّ لهذه الفُروع، وحذف التكرار وما لا تمسُّ الحاجة إليه، أو غير المناسب للمرحلة العُمريَّة للتلاميذ". وقال وكيل الأزهر إنه "بهذا يمكن التغلُّب على حاجزٍ نفسي عند أولياء الأمور، حيث يُحجِمون عن إلحاق أبنائهم بالأزهر لكثرة المواد المقرَّرة، حيث أصبحت المواد الشرعية والعربية في المرحلة الإعدادية هي: (القرآن، واللغة العربية، وأصول الدين، والفقه) فقط، إضافةً للمواد الثقافية التي تدرس في التربية والتعليم". واستطرد "فإذا ما رُوعِي أنَّ الموادَّ الثقافية التي تُدرس في الأزهر والتربية والتعليم سيتمُّ تخفيفُها بالتنسيق مع التربية والتعليم لتكون مناهج الأزهر أخفَّ ولو قليلاً عن مناهج التربية والتعليم مُراعاةً للمواد الأزهرية التي يدرسها طلابُ الأزهر، فسيُصبِح العبءُ متساويًا تقريبًا بين الأزهر والتربية والتعليم". وقال شومان "يقتصر هذا الدمجُ الكبيرُ على المرحلة الإعدادية دون المرحلة الثانوية، التي نالها التطويرُ والتخفيفُ ولكن بصورةٍ مختلفة تُناسب المرحلة العُمريَّة للطلاب، وإن كان تطويرُها لا يخلو من بعض الدمج والحذف، ولكن ليس بالقدر الذي اتُّبِعَ في المرحلة الإعدادية، وسيكون التخفيف الأكبر من نصيب المواد الثقافية دون الإخلال بالقدر المؤهِّل لالتحاق أبنائنا بالكليَّات التي يلتحقُ بها زُملاؤهم في التربية والتعليم". وتابع "لذا نحرصُ على التنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن، وقد تقرر أن يبدأ التطبيقُ التجريبيُّ للمناهج التي انتهت اللجنة من صِياغتها بالفعل هذا العام وهي تنحصِرُ في مادتي الفقه وأصول الدِّين للمرحلة الإعدادية، لتتبقَّى مادة اللغة العربية تطبقُ بداية العام المقبِل - بإذن الله -. في حين أشار إلى أن "المواد الثقافية التي تبحثُها اللجنة مع خُبَراء من التربية كيفيَّة تطويرها وتحديثها، بالإضافة إلى مُقرَّرات المرحلة الثانوية التي يجري إعدادها في ثوبها الجديد الآن لتطبق العام المقبل، لتكون جميع المقرَّرات الأزهريَّة في التعليم ما قبل الجامعي قد تمَّ تطويرها - بإذن الله - وتتبعها المواد الثقافية". وقال إنه "بذلك تتَخلَّص المناهج الأزهريَّة من الزيادات والاستطرادات التي نُؤتَى من قِبَلِها في الحرب المُمَنهَجة على الأزهر، رغم أنَّها لا تُدرس أصلاً، بل يتمُّ حذفها عند توزيع المناهج على الشُّهور الدراسية، وبإدخال مُعالجات للقَضايا المعاصرة كالإرهاب والإلحاد وتحديث مفاهيم: الدولة، والمواطنة، والجهاد، ونظم الحكم، وإبراز القِيَم السلوكيَّة في حياتنا اليوميَّة كاتِّباع قواعد السير والتعامُل مع الطُّرق، والتسامح مع الآخَر". وأكد أنه "بهذا تنقضي إشكاليَّة الخِطاب الدِّيني الذي يحملُ ظُلمًا أكثر ممَّا يحتمل، وهذه المناهج سيَجرِي إعادة النظَر فيها كلَّ ثلاث سنوات لإدخال المستجدَّات فيها، واستبعاد ما لا حاجةَ للمجتمع فيه". وذكر شومان أنه "مع هذا التطوير والإصلاح الذي يحدثُ للمناهج هناك خُطوات أخرى اتُّخذت وتُتَّخذ للنهوض بالعمليَّة التعليميَّة، منها: الاهتمام بالمباني التعليمية لتكونَ لائقةً بطُلاب الأزهر الشريف، ونقل كنترولات المرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى المحافظات للحدِّ من المركزية، كما تمَّ تطبيقُ نظام الفصلين الدراسيين بداية هذا العام، وتكثيف الدورات التدريبية للمُعلِّمين بكافَّة أنواعها". وقال وكيل الأزهر إنه "سيَجرِي إعادةُ تقييم مُحفِّظي القرآن الكريم تحديدًا، وسيتمُّ تحويل مَن يَثبُت عدمُ مُلائمتِه لأعمالٍ أخرى، بالإضافة إلى جُهودِ ضبط الانتظام الدِّراسي، ومُجابَهة أباطرة الدروس الخصوصيَّة، وظاهرة الغشِّ الجماعي في الامتحانات الذي تابَعَه الناس جميعًا في العام الماضي، حيث تمَّ إلغاء بعض الامتحانات في كافَّة محافظات الجمهورية في المرحلة الثانوية، وإلغاء نتائج لجان بالكامل أثناء التصحيح، بعد أن ثبَت وقوع غشٍّ جماعي فيها". وأشار إلى أنه "سيتم استخدام وسائل وطُرق جديدة سيُكشَف عنها في الوقت المناسب"، لافتًا إلى محاولات الارتقاء بالتعليم الأزهري عبر ضمُّ العديدِ من معاهد القراءات التي تقلُّ فيها الكثافات الطلابيَّة إلى بعضها البعض للتقلُّص إلى الثلث تقريبًا، وتعويض ذلك بالشُّروع في افتتاح كتاتيب لتحفيظ القُرآن الكريم لكافَّة الأعمار، وذلك بكثافةٍ كبيرة تُغطِّي الكُفور والنُّجوع والقُرَى والمدن في كافَّة أنحاء الجمهورية. وأكد أنه "يَجرِي دراسة اعتبارها إلزاميَّة بالنسبة للأطفال الذين يرغب ذووهم في إلحاقهم بالتعليم الأزهري كمرحلةٍ تمهيديَّةٍ من سنتين تسبق الالتحاقَ بالمعاهد الأزهريَّة، وكذلك يجري الآن إنشاءُ معاهد أزهرية بمعدَّل معهد في كلِّ محافظة لتعليم المناهج الأزهرية باللغات الأجنبية".
