قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، ورئيس لجنة إصلاح التعليم ما قبل الجامعي، إن المناهج التربويّة والتعليمية غاية في الأهمية لبناء العقول على أساس سليمٍ، لتكون قادرة على مُواكبة العصر ومواجهة التحدِّيات، وهذا يتطلب تحديث هذه المناهج على فترات زمنية متقاربة أو مُتباعدة، حسب الظواهر المجتمعية والمستجدات التي تطرأُ على واقع الناس. وأضاف شومان في تقريره عن إصلاح التعليم، أن التطوير في العلوم بصفةٍ عامة، يختص بالأجزاء التي تقبل التطوير أو التعديل أو إعادة الصياغة، أما الحقائق الثابتة فإن التطوير يقتصر على طريقة العرض وأسلوبه ووسائله دون المساس بجوهره، فليس من التطوير اللعب في أساس الدين وثوابته، فلا يتخيل أحد أن تطوير المناهج الدينية سيُغير أركان الدين ولا فرائضه ولا محرماته، كما لا ينبغي أن ننتظر من التطويرِ تغيير نتائج عمليات الضرب والعمليات الحسابية. وأشار وكيل الأزهر إلى أن المناهج الأزهرية مضَى عليها فترات طويلة دُون تعديل يُذكَر، ولا يعَد هذا من العيوب في حد ذاته؛ لما هو معلوم من أن المقررات الأزهرية لاتصالها بعلوم الدين، تحتاج إلى الثبات والاستقرار في مجملها، ليكون المكون الثقافي للمخرجات التعليمية غير متباين بين الخريجين، حيث تحوي هذه المقررات حقائق وثوابت لا يمكن أن ينال التغيير من بِنيتها الأساسية، ولكن يمكن أن تبسط ويغير من أسلوب عرضها دون المساس بأصلها، أما الجزء المتغير بتغير الزمان والمكان والظرف فهو ما يكون مجال التطوير فيه أدعى وأرحب. وتابع شومان، أن الحقبة الزمنية الحالية، والتي سبقتها كثير من التحولات في كثيرٍ من المناحي، مما يتطلب تطوير هذه المناهج، وهو ما فعله الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، حيث شرع في هذا فور توليه مشيخة الأزهر قبلَ 4 سنوات، وشكل العديد من اللجان، كان آخِرها اللجنة التي شرفت بالتكليف بتشكيلها ومُتابعة أعمالها قبلَ عام، بعد أن شرفني باختياري وكيلاً له، وانطلقت أعمال اللجنة التي يعمل بها أكثر من 100 خبير في المناهج من داخل الأزهر وخارجه، للعمل على تطوير المناهج بعد دراسة مشكلاتها من واقع التطبيق العملي. وأكد أن مشكلات التعليم انحصرت في زيادة العبء على قدرة تلاميذ وطلاب وقتنا الراهن، وكثرة عدد المواد مقارنة بمواد التربية والتعليم، وخلو المناهج من معالجات معاصرة للقضايا التي برزت في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي تحتوي هذه المناهج على موضوعاتٍ لم يعد لها تطبيق في الحياة العملية ولا تناسب زماننا، وإن كانت هذه الموضوعات لا تدرس للطلاب. وأشار إلى أن اللجان عملت على تخفيف العبء الدراسي دون البعد عن التراث فهو سمة مميزة للأزهر الشريف وعلومه، وتحقيق مقاصد التعليم الأزهري القائم على تُراثنا الإسلامي، وإدخال القضايا المعاصرة التي تتطلبها ضرورة الوقت في المناهج. وأوضح أن الرأي استقر في هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للأزهر، على تبسيط مناهج التعليم الابتدائي والإعدادي، وشرح المتون والعبارات التراثيَّة بأسلوب مبسط معاصِر يناسِب قدرات التلاميذ في هذه المرحلة، أما في المرحلة الثانوية، فتدرج المتون العلمية التراثية ذاتها مع شرح لها بأسلوب معاصرٍ، وبعد اكتمال خارطة المناهج التي ترتب عليها تخفيف كبير في عدد المواد دون حذف لأي مادة، حيث ضمت فروع العلم الواحد في مادة واحدة؛ كالنحو والصرف والخط والإملاء في المرحلة الإعداديّة هي اللغة العربيّة، أو فروع العلوم ذات التخصص الواحد؛ كالحديث والتفسير والسيرة والتوحيد لتكون مادة أصول الدين، مع الحِفاظ على المحتوى الضروري لهذه الفروع، وحذف التكرار وما لا تمس الحاجة إليه، أو غير المناسب للمرحلة العمرية للتلاميذ، وبهذا يمكن التغلب على حاجزٍ نفسي عند أولياء الأمور، حيث يحجمون عن إلحاق أبنائهم بالأزهر لكثرة المواد المقررة، حيث أصبحت المواد الشرعية والعربية في المرحلة الإعدادية. ولفت إلى أن التخفيف الأكبر، سيكون من نصيب المواد الثقافية دون الإخلال بالقدر المؤهل لالتحاق أبنائنا بالكليات التي يلتحق بها زملاؤهم في التربية والتعليم؛ بالتنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن.