سنوات طويلة والاهمال والتقصير والفساد هو »عنوان« المحليات فى كل محافظات الجمهورية ، رغم أهمية الدور الذى تلعبه فى حياة كل المواطنين وللأسف لم تنجح الحكومات السابقة فى حل معضلة المحليات التى اذا انصلح حالها سوف يتم حل غالبية مشاكل المواطنين . فهل العقبات الموجودة ادارية أم بسبب ضعف المرتبات مما يفتح الباب أمام قبول الرشاوي؟ أم ان المشكلة فى القوانين القائمه؟ وماهى الحلول التى يقترحها الخبراء فى هذا الشأن ؟
يقول المهندس محمد فوزى (مدير ادارة العمليات بحى غرب مدينة نصر) : الاتهامات دائما موجهة للمحليات لكن اذا نظرنا لهم نظرة منصفة فسوف نتعاطف معهم لانهم فئة مظلومه دخولهم ضعيفة لا تقارن بأى جهة أخرى فى الدولة سواء من حيث المرتبات او المعاشات وليس لديهم اى مكافآت نهاية خدمة. ومن هنا نسأل من أين ينفق موظف المحليات على أسرته وهو مطلوب منه ان يعلم اولاده ويعالجهم فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فماذا يفعل؟ فى ظل هذا المناخ سوف يضطر لقبول رشوه اذا عرضت عليه وانا لا ابرر ذلك او ادافع عن المرتشى لكننى احلل وضعا قائما. ويضيف : اذا كان هناك موظف يعمل فى المحليات لمدة 30 عاما ودخله منها بعد هذا العمر يتراوح بين 1200 و1800 جنيه فان هذا الوضع صعب ، ولابد من العودة لاسباب الفساد فى المحليات وإن كنت أرى ان الفساد موجود فى كل القطاعات حتى المؤسسات الكبرى نفسها داخلها فساد. لذلك أرى ان تكون الدولة منصفة وتوفر الدخل المناسب لموظف المحليات أولا ثم نحاسبه اذا أهمل او قبل رشوة أو أفسد ، وفى كل الاحوال لابد من تفعيل دور الأجهزة الرقابية ، وعلى مستوى الفرد او الموظف ان يراعى ضميره مهما كان دخله ضعيفا لانه وافق على العمل بهذا الدخل. يرى عبد العزيز طلبة ( رئيس مركز ومدينة ابو النمرس بمحافظة الجيزة سابقا ) أنه لابد ان نعترف بداية ان الفساد منتشر فى مكان معين داخل المحليات وفى الادارات الهندسية مايقرب من 90% من المشاكل التى يعانى منها المواطنون مرتبطه بالادارة الهندسية فى الاحياء المختلفه ولو تم التوصل لحل مشاكل هذه الادارات سوف يتم حل جزء كبير من مشاكل المحليات لان هذه الادارة معنية بطلبات ادخال المرافق او الرخص أو الازالة. وقال ان الادارات الهندسية تعانى كثيرا من نقص العدد المطلوب للعمل فيها وفى بعض الاحياء وقد كنت رئيسا لعدد كبير من الاحياء طوال مشوار خدمتى ووجدت نقصا فى عدد المهندسين فى هذه الادارة هناك مهندس مدنى او تخصص عمارة والباقى ليسوا خريجى هندسة أصلا وبالتالى لايصلح اى منهم للاشراف على المبانى، المشكلة الاخرى للادارات الهندسية هى ضعف الاجور لذلك هى ادارة طاردة للمهندسين وبمجرد تعيين احدهم يبدأ فى الانقطاع عن العمل ، والحل فى عمل تكليف اجبارى لخريجى الهندسة قسم عمارة ومدنى للعمل فى المحليات لفترة خمس سنوات مثلا وبعد ذلك هو حر فى الاستمرار او ترك العمل . مراكز تكنولوجية النقطة الاخرى فى مشاكل المحليات يوضحها عبد العزيز طلبة هو وجود مراكز تكنولوجية أنشأتها وزارة التنمية المحلية فى معظم المراكز والمدن هدفها الحد من الفساد والفصل بين طالب الخدمة وهو المواطن ومؤديها وهو موظف المحليات ومن خلال هذه المراكز يتعامل المواطن مع شبابيك واجهزة كمبيوتر ووقت محدد لانهاء طلبه ولا مجال فيها لرشاوى او فساد للاسف هذه المراكز أصبحت غير موجودة او لا يتم تفعيلها. هناك عدة قوانين مرتبطة بالمحليات تحتاج اعادة نظر وتنقية من اللجنه التشريعية على سبيل المثال قانون الادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 هذا القانون وعد أكثر من وزير تنمية محلية باعادة صياغته وتنقيته من عيوبه وللاسف لم يحدث حتى الآن ، نفس الشيء القانون رقم 119 لسنة 2008 الخاص بالاسكان وهو يضم اربعة قوانين معا منها قانون البناء الموحد الذى ينطبق على القرية والمدينه وهذا شيء غريب لان القرية غير المدينة ودخل معه ايضا قانون التخصيص العمرانى وقانون العلاقة بين المالك والمستأجر وكانت هناك وعود عديدة بمراجعة هذه القوانين من سلبياتها . ايضا قانون العاملين فى الدولة رقم 47 لسنة 1978 يمكنه حل مشاكل الدرجات الوظيفية والقضاء على الفساد فى المحليات اذا تم تفعيله ، هناك 5.5 مليون موظف فى المحليات يخدمون جميع المواطنين فى الدولة اذا انصلح حالهم تم حل مشاكل المواطنين بل وحال البلد كله لان المحليات مسئولة عن الفرد من الميلاد للوفاة. وزارة شكلية ورغم أهمية الدور الذى تقوم به المحليات على مستوى المحافظات والمدن والمراكز والقرى وارتباطها بكل المواطنين لكن الدولة لاتهتم بهذا القطاع حتى الآن لدرجة ان المسئول عن المحليات ليس معه حقيبة وزارية بل هو وزير دولة ، وحتى الان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هما من يختار أن المحافظين وليس وزير التنمية المحلية وليس له اليد العليا فى امور عديدة تخص المحليات لدرجة اننا نحس ان التنمية المحلية وزارة شكلية فقط . على الجانب الآخر لابد من تفعيل دور الاجهزة الرقابية على المحليات ولا نشعر بهذه الرقابة واذا كنا نشكو من تقصير واهمال فى المحليات فمن الضرورى والواجب ان تزيد قبضة الرقابة وان تصدر تقارير رقابية دورية عنها. يرى عبد العزيز طلبة أيضا ان حل مشاكل المحليات يستلزم حسن اختيار القيادات المحلية لانهم مسئولون عن حياة المواطنين ومصالحهم وفى هذا الاطار لابد من البعد عن المجاملة فى اختيارهم وألا يكونوا »رديف« أنهوا الخدمة فى جهات معينه ثم يتم وضعهم على قمة المحليات . النقل لاسباب شخصية هناك نقطة مهمة تتعلق بتفويض من وزير التنمية المحلية للمحافظين بنقل قيادات او موظفين داخل كل محافظة أحيانا يستغل بشكل سئ، حيث يتم النقل لاسباب شخصية او تحكمها الاهواء وليس لاسباب لها صلة بالعمل مع ان الجمله المستخدمه وقتها لتبرير النقل «حاجة العمل تتطلب ذلك» ، ارجو ان يكون هذا الامر فى يد الوزير فقط. أما اذا تحدثنا عن الفساد المالى والرشاوى فى المحليات فابحثوا عن قانون 89 لسنة 1998 الخاص بالمناقصات والمزايدات والتعامل مع المقاولين والعيب ليس فى القانون فى حد ذاته ولكن غياب الرقابة على الادارات المالية داخل الاحياء مما يفتح الباب للرشاوى وترسية الاعمال على مقاول لايستحق وقد تكون الأوراق المقدمة سليمة شكلا لكن الفساد فى التطبيق على ارض الواقع. لذلك لابد من تشديد الرقابة على الماليات فى الاحياء وايضا متابعة الادارات القانونية لانها هى الاخرى تحتاج لرقابة عليها لانها تتدخل فى الأعمال الهندسية ولذلك يجب اجراء تغيير فيها كل فترة لان فيها فسادا كبيرا. ويطالب عبد العزيز طلبة بالفصل بين المحليات المنتخبة ومحليات المجلس التنفيذى المعينة فأحيانا يحدث خلط بينهما رغم وجود الفساد فى الجانبين لكن الفساد يختلف فقد تحدثت عن فساد المعينين أما فساد الفئات المنتخبة فهو أخطر لانهم يعملون لمصالحهم الشخصية وقد يبتزون رئيس الحى ويهددونه اذا لم يجب لهم مطالبهم ويحقق مصالحهم . ليس حكرا عليهم يقول عبد الباسط شلبى ( الرئيس السابق لقطاع الشئون القانونية والمجالس المحلية بالأمانة العامة للادارة المحلية) : لقد شاركت فى تعديل قانون الادارة المحلية من قبل لكن لا يكون على هوى اعضاء مجلس الشعب ، بشكل عام وبحكم خبرتى ارى ان فساد المحليات لا يساوى 5% من الفساد الموجود فى باقى مؤسسات الدولة ، اذن لابد ان نتفق ان هذا الفساد ليس حكرا على المحليات ، ولابد ان نرجع ذلك لضعف الرواتب . من مظاهر الفساد انه كان هناك القانون رقم 52 لسنة 1975 الخاص بمشروعات الخدمات والتنمية المحلية وفى ظله كانت هناك مشروعات قائمة شراء أراضي، تربية ماشية، نقل داخلى يعمل بهذه المشروعات موظفو المحليات وقام عاطف عبيد ببيعها او حلها وتم تبديد فلوسها وكانت تنفق على المحليات ، هذا ما حدث فى السابق وكنا نجد المسئول يقف فى مجلس الشعب ويقول الفساد للركب فى المحليات وهو احد رموز الفساد . اذا أردنا الآن ان نعالج فلابد ان نعطى الصلاحيات لكل محافظ ثم نحاسبه، اى مطلوب اللامركزية ، نفس الكلام لرؤساء الاحياء كل رئيس حى يكون مسئولا وتعطى له الصلاحيات فى إطار الحى المسئول عنه ثم نحاسبه اذا اخطأ او افسد ، وهذا يستدعى ضرورة وجود رقابة دائمه على الجميع. والمجالس الشعبية المنتخبة تكون مسئولة عن تحديد المشروعات وترصد لها ميزانيات فقد تم انتخابها لتمثل المواطنين مع المحليات لاحداث تنمية شامله فى جميع الخدمات التى يجب ان تصل للمواطن بشكل سريع وبصورة يسيرة وهذا يعنى ان التنمية المحلية هدف مهم يجب على الدولة ان تعطيه الاولوية فى هذه المرحلة . وارى ايضا ضرورة تزويد الادارات الهندسية بالاحياء بخبرات هندسية واعطائهم مرتبات مجزية لمنع الفساد فيها ولابد من وجود قوانين رادعة لعقاب المخالفين.