أكد خبراء الاقتصاد والإدارة أن مهمة القضاء على فساد المحليات تعد إحدى أبرز الملفات التى تنتظر الحكومة الجديدة، مؤكدين أن القضاء على فساد المحليات يستلزم العمل على اختيار الكفاءات والخبرات وأصحاب السمعة الطيبة، وضرورة العمل على التغيير المستمر لمسئولى المحليات للحد من مشاركتهم فى الفساد، كذلك العمل فى التحقيق بشكل دائم فى شكاوى المواطنين وأخذها بعين الاعتبار. فى هذا السياق، أكد أحمد سليمان -الخبير الاقتصادى- أن الخطوة الأولى لمواجهة فساد المحليات هو العمل على اختيار أصحاب الكفاءات والخبرة، وذلك للعمل بشكل كبير على حل المشاكل الموجودة حاليا، فضلا عن التغيير المتعاقب لرؤساء هذه المحليات ومحاسبتهم بشكل دورى على أى أخطاء يرتكبونها. وأضاف سليمانأن الفساد بالعهد السابق فاق كل التوقعات؛ حيث أكدت تقاير وزارة التنمية الادارية أن هناك 70 ألف قضية فساد سنويا، وهو ما كلف الدولة اقتصاديا الكثير، حيث تعد المحليات الفساد الصغير الذى يؤدى إلى استفحال الفساد بكل القطاعات، ما أدى إلى تدهور الخدمات بالمحافظات وارتفاع تكلفة إنجاز المشروعات وعزوف المستثمرين عن القيام بأعمال استثمارية نتيجة ارتفاع التكاليف، وهو ما أثّر على الجانب الاقتصادى بالسلب، وساهم فى عرقلة حركة التنمية بالمحافظات، والكارثة الكبرى هى استغلال المحليات والمحافظين. ويضيف أن تدوير السلطة المرحلة القادمة أهم خطوة للقضاء على الفساد؛ لأنه لا بد من انتقال السلطة بكل القطاعات وتشديد الرقابة، وأن يكون الانتخاب أساسيا بالمناصب القيادية والرقابية لتساعد فى القضاء على الفساد، مؤكدا ضرورة الشفافية فى الإنفاق؛ لأن حجبها يمثل مناخا جيدا لتفشى وتغلغل الفساد بكل أنواعه. وذكر سليمان أن أى سلطة لا تخضع للمساءلة وللمراقبة ستؤدى إلى فساد، لذلك لا بد من تشديد الدور الرقابى، والقاعدة الأساسية للفساد بالمحليات ممثلة فى الإدارات الهندسية بالأحياء؛ حيث إنها مختصة بتراخيص البناء، وبدلا من أن تعمل على تقديم الخدمات للمواطنين شاركت فى سلب حقه، موضحا أن أعضاء المجالس المحلية لا بد من انتخابهم ليعبروا عن المواطنين ويكونوا من سكان المنطقة. ويضيف أن أى نشاط كان يتم التربح من خلاله، حيث أساءت المحليات والمحافظين خلال النظام السابق استغلال مشروع تطوير العشوائيات؛ نتيجة عدم وجود مخطط رئيسى للأحياء، ولم يتم إعداد أى دراسات حول الكثافة السكانية بهذه المناطق، وكيف يمكن إعادة توزيعهم وتطوير هذه المناطق، مؤكدا ضرورة الاهتمام بإقامة المشروعات بهذه المناطق واستغلال العائد منها لتكون عملية التطوير متكاملة. ويؤكد سليم شاكر -رئيس مجلس محلى العياط سابقا- أن الفساد بالمحليات يعود لقانون الحكم المحلى ويجب أن يكون اختيار أعضاء المجالس المحلية يتيح الحساب، وألا تكون المسئولية ملقاة فقط على المسئولين التنفيذيين، ولكن على أعضاء المحليات أيضا، على أن يتمتعوا بقدر من التعليم ليشاركوا فى وضع الميزانيات ووضع مقترحات للتطوير. ويقترح شاكر أن تجرى تعديلات على قانون الإدارة المحلية وأن يتمتع أعضاء المجالس المحلية بصلاحيات، على أن يخضع للمراقبة والمحاسبة. ويقول الدكتور عبد المجيد السيد -الأستاذ فى علم الإدارة-: إن الفساد بالمحليات أُم الفساد -على حد تعبيره- مؤكدا أنه من الصعب القضاء على الفساد بالمحليات فى يوم وليلة، ولكن يجب العمل بشكل تدريجى من خلال تشديد إجراءات المراقبة على المسئولين بهذه المحليات والعمل على اختيار كوادر جديدة للقضاء على هذا الفساد، ومحاسبة السابقين والمتسببين فى الكوارث الحالية. وأشار أنه من الضرورى تكليف موظفين من وزارة التنمية المحلية لمراقبة أداء المجالس المحلية، وأن تعقد مسابقات بين رؤساء الأحياء لتقييم أدائهم ودورهم فى الأحياء، على أن تكون على فترات زمنية متقاربة، ويتم تشكيل مجموعات تتقصى الكشف عن أسباب انتشار الفساد بالأحياء والمجالس المحلية؛ حيث إن قصر أداء المهمة على موظف واحد أو شباك واحد يساعد على استغلاله للمواطنين؛ لأن أغلب الخدمات التى تقدم من المحليات تؤدَّى على المقاهى، وهو ما يحتاج إلى مراقبة أداء المجالس المحلية والعاملين بها، موضحا أن وزارة التنمية الإدارية سبق وأن أنشأت مركزا تكنولوجيا يتمكن من خلاله المواطن أن ينهى خدمته بصورة هويته الشخصية لكنه لم يكتمل. وأكد أستاذ الإدارة ضرورة توفير الإمكانات والأدوات والكوادر البشرية المؤهلة والإمكانات المطلوبة وسبل المراقبة وعقد مسابقات تشجيعية بين العاملين بالإدارات المحلية لتحفيزهم، وأن يكون التعيين بالإدارات المحلية ليس بالوساطة والمحسوبية لمواجهة الفساد الإدارى بالمحليات، وهو ما يستلزم إضافة مواد على قانون الإدارة المحلية لمواجهة الفساد بالمحليات بتشديد العقوبات على من يخالف القانون.