ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    انطلاق فعاليات انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان    جيش الاحتلال يعلن وفاة مدني في هجوم حزب الله على جبل دوف    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    ميجيل كاردوسو يستقر على تشكيل الترجي لمواجهة صن داونز    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل1.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة «فحص المقبلين على الزواج»    أستاذ اقتصاد: سيناء تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمار ب400 مليار جنيه    رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    استقالة متحدثة لخارجية أمريكا اعتراضا على سياسة بايدن تجاه غزة    ادخال 21 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالتردد| القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الأهلي ومازيمبي بدوري أبطال إفريقيا    موقف مصطفى محمد.. تشكيل نانت المتوقع في مباراة مونبيلييه بالدوري الفرنسي    الأرصاد تكشف مناطق سقوط الأمطار وتحذر من شدتها في الجنوب    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس اليوم الجمعة في كفر الشيخ    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    أسعار الذهب ترتفع وسط بيانات أمريكية ضعيفة لكنها تستعد لخسائر أسبوعية حادة    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. تعرف عليه    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكفيريون والملحدون

التكفيريون عن يميننا، والملحدون عن شمالنا، هكذا أصبحت حالنا، فنحن بين شقى رحى نبحث عن مخرج آمن من فخ الاثنين فى وقت عصيب تمر به مصر، وبالتأكيد سيبدو الجمع بين النقيضين غريبا وشاذا فى نظر الكثيرين، لكن واقعيا وعمليا يوجد قاسم مشترك بينهما يتمثل فى جانبين هما، الشطط، وتعمد تضخيم خطرهما.
فالتكفيرى والملحد وصلا للحد الأقصى من الشطط وغياب العقل، فالأول فضل الغلو الشديد فى تفسير وفهم النصوص الدينية، مما جعله يخلع عباءة الدين عن غير المؤمنين بفكر جماعته وأميره، أو من يتجاسر على توجيه أدنى انتقاد لتصرفاته وجرائمه، والمثال الحى يتجسد فى تنظيم داعش الإرهابى، الذى اختزل الإسلام الحنيف فى قطع الرءوس، واصدار الأحكام القاطعة بايمان هذا وكفر هذا، ومنح صكوك الايمان ودخول الجنة والنار، والسعى لهدم دول ومجتمعات تحت لافتة تطبيق شرع الله، وإقامة دولة الخلافة. والثانى قرر إراحة نفسه بالتخفف من أعباء وقيود الالتزام الدينى، واحترام عادات وتقاليد ومحاذير مجتمعه، ويقوم بذلك بدعوى حرية الاعتقاد والتعبير وحقوق الانسان التى تستغل كوسيلة للهروب من الوطن الذى يحاربه، ويحرمه من ممارسة حقه الطبيعى فى الكفر بوجود إله، فتلك هى الصورة المعروضة على المسئولين الأجانب ، ويشدد عليها حينما يذهب لسفارة غربية، طلبا لحق اللجوء السياسى بزعم تعرضه للاضطهاد.
ومبعث القلق ليس فى وجود التكفيرى والملحد فى حد ذاته، لكن فى تضخيم المجتمع ووسائل إعلامه من خطرهما، ووضعهما فى حيز أكبر من حجمهما، وقدرتهما الحقيقية على التأثير. وحتى لا تستشف من العبارة السالفة نبرة تهوين أو استخفاف بظاهرتى التكفير والإلحاد، أوضح منذ البداية أن التكفير والإلحاد كانا حاضرين على مر العصور والأزمنة بأشكال وصور شتى ولم يتمكنا من خلخلة وزعزعة الركائز الدينية والاجتماعية للمجتمعات الإسلامية والعربية، فعمر الأفكار الشاذة قصير ولا يتبقى منها سوى ما سببته من إزعاج وخسائر عند ظهورها، واستخلاص العبر والدروس المفيدة منها.
لكننا فى الزمن الراهن لم نتعلم هذا الدرس من التاريخ القديم، فكم يبلغ عدد التكفيريين فى بلادنا؟
ادرك أنه لا يوجد احصاء رسمى، لكن عددهم دون شك لا يتجاوز المئات، ولدى وضعهم فى كفة وبقية المصريين فى الكفة الأخرى، فمعلوم لمن ستكون الغلبة ليس بمعيار التفوق العددى بحكم أنهم يشكلون الأغلبية، وإنما بمنطق أن هذا الفكر يعد دخيلا على بلدنا ولن تكتب له الحياة مهما حاول، ويفتقد البيئة الصالحة لنموه وانتشاره، ولا يغرنك ما تقوم به هذه العناصر من عمليات إرهابية سقط فيها حتى الآن مئات الشهداء من الشرطة والجيش، فتلك العمليات تتم بأسلوب البرغوث، نعم البرغوث الذى لا تستطيع أن تراه من ضآلة حجمه، لكنه قادر على ازعاجك لبعض الوقت بقرصه إياك فى مناطق مختلفة من جسمك، وما أن تمسكه يموت فى التو واللحظة .
فالمجتمع المصرى لا يجوز أن يتخلى عن ثقته فى نفسه فى مواجهة ظواهر عابرة، إذ لا يصح أن يهتز أمام حفنة من المهووسين الذين يعانون من اختلالات وعقد نفسية واجتماعية تتجلى فى التحاقهم بصفوف داعش وبيت المقدس وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، أو جماعات الالحاد، ولابد من التعامل مع كل ظاهرة بحجمها الطبيعى وليس المصطنع.
فمثلا يظن البعض أن الإلحاد يستشرى ويتوغل، وعندما تطالع عشرات الموضوعات المنشورة فى الصحافة الخاصة على وجه التحديد تعتقد بأننا بانتظار طوفان الملحدين الذى سيجرفنا معه، والفرق شاسع بين التنبه والتحذير والتهويل، فما تقوم به وسائل الإعلام يندرج تحت بند التهويل، والسبب يكمن فى الرغبة فى اجتذاب مزيد من القراء والمشاهدين لبرامج التوك شو المسائية، وأيضا الانخداع بما ينشر ويبث عبر وسائل التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وتويتر.
فنظرا لأن التكفيرى والملحد غير قادر على المواجهة المباشرة مع الناس، ويدعو لأفكاره ومعتقداته فى حيز ضيق وسط اعداد قليلة داخل البيوت والمساجد، فإنه يهرع لمواقع التواصل الاجتماعى التى تضمن له الذيوع والانتشار بأقل جهد وتكلفة تكاد لا تذكر، والمؤسف أن هناك من تنطلى عليه الحيلة، والكلام المعسول فينخدع ويؤمن بها، فداعش تجند الشباب من خلالها، وترسم لهم صورة وردية عن العيش فى دولة الخليفة أبو بكر البغدادى، وأن القتل والترويع يتم استنادا لمنهج شرعى من الكتاب والسنة، والملحدون يتبعون ذات الطريقة بالتشكيك فى القيم والاخلاق وجدوى الدين.
إن ما أدعو إليه ليس ترك وتجاهل مثل هذه الظواهر، بل معاملتها بحجمها الحقيقى، فى اطار اجتماعى وثقافى ودينى، فمؤسساتنا الاجتماعية والدينية تعانى أوجه قصور عدة عليها تداركها وعلاجها سريعا حتى تضطلع بدورها المنتظر، وأن نكف عن نغمة دعوة الأمن للتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، نعم الأمن مكلف بالتصدى لمن يحمل السلاح فى يده ويهاجم عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية، ومن يفجر القنابل، فهذا واجبه ولا نقاش حوله، ومن ثم لا يتعين اثقال كاهله بأزيد من ذلك، وفى المقابل فإننا نطالب الأزهر الشريف، والكنيسة، ومنظمات المجتمع المدنى، والمؤسسات التعليمية بالقيام بمهامها، وتصحيح ما بها من عيوب وخلل حتى نتقدم ونغادر جب التخلف والترهل.
[email protected]
لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.