فى ظل حالة التخبط التى تشهدها المنطقة العربية والتوتر الجارى حاليا بسبب الإرهاب والتطرف الدينى الذى يشوه الإسلام ومع النجاح الذى حققه مؤتمر «متحدون ضد الإرهاب تحت اسم الدين» الذى عقده مركز الملك عبدالله لحوار الأديان والثقافات بفيينا، والذى عقد بحضور الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر وقيادات الكنائس المصرية، كان من المهم أن نجرى حوارا مع المسئول عن المركز الدكتور فيصل بن معمر. وأكد الدكتور فيصل بن معمر أن «داعش» الى زوال لأنها وغيرها من المنظمات الإرهابية نبتة سرطانية، لا تمت للدين بصلة، وان الربيع العربى شهد فوضى عارمة إذا استمرت فستأكل الأخضر واليابس لذلك. وقال إن الإسلام برىء من استخدامه لتحقيق أغراض سياسية، معربا عن أمله أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار والنهضة فى مصر، قلب العالم العربى والإسلامي. كما أشاد بعلاقات مصر والسعودية وموقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والقيادة فى مصر فى الحفاظ على استقرار العالم العربى كله، واختيارهما طريق الأمن والاعتدال والاستقرار ومحاربة الفوضى والإرهاب، لتحقيق الاستقرار والأمن والتقدم فى الدول العربية والإسلامية. والى نص الحوار.. فى البداية، ما انطباعكم حول نجاح المؤتمر ووفرة الحضور من القيادات الدينية على مستوى العالم لمختلف الأديان، والذى دار حول حوار الأديان المختلفة و برعاية مركز حوار الأديان للملك عبد الله؟ اللقاء يأتى ضمن أهداف مركز الملك عبدالله العالمى للحوار بين الأديان، حيث نسعى من خلال المركز الى أن نعمل عملا صريحا مع المؤسسات و القيادات الدينية المتنوعة سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو بوذية أو هندوسية و لذلك بعد فتح المركز منذ عامين بدأنا فى التخطيط فى مناقشة القضايا التى تهم العالم خاصة فى مناطق النزاعات وعملنا فى إفريقيا الوسطى بين المسلمين والمسيحيين، لأن الحوار خير دائماً و هو عمل جميل يجمع المشتركات الإنسانية، يجمع التعاون والتفاهم و التعايش فهى بحق نماذج عظيمة فى التاريخ الإسلامى سواء كانت فى مصر أو سوريا أو فى العراق. فتاريخنا دائماً شاهد أن المنطقة والتى هى أرض الرسالات هى دائماً منطقة تعايش و تعاون ومحبة وسلام. لكننا فى الحقيقة بدأنا نشعر بأننا نتجه إلى التطرف والإرهاب وإلى القضايا التى لا تمت للدين بأى صلة، لذلك فكرنا فى هذا الموضوع فى إقامة لقاء حول سورياوالعراق وسمينا هذا اللقاء «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» لأنه ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتغلفت باسم الدين والدين منها براء، وكثير من المؤسسات الدينية سواء كانت مسيحية أو إسلامية تحدثت عن هذا الموضوع بينما لم ينشر بالشكل الواسع والذى يحتاج إلى توعية كاملة، فأقدمنا على عقد هذا اللقاء الذى حضره كما ذكرت من كل الدول العربية وبخاصة من مصر وسوريا ولبنان والعراق وتحدث الجميع بعلاقات المحبة والتعاون والتعايش ومن واقع خبرة تعكس روح وأخلاقيات حضارتنا فى المنطقة العربية وهذا يدل على أن هذا العمل يصب فى مصلحة الأمن والسلام الذى نسعى إليه فى أرض الرسالات. فى ضوء التحديات التى تواجه العالم الإسلامى ما هى العوائق التى تواجهنا فى هذه الفترة؟ نحن أمام مرحلة تاريخية مهمة، لأن كثيرا من هذه العمليات التى تمت اختطفت الدين والرسالة، وشوهت صورتنا ونحتاج إلى عمل كبير لتصحيح هذه الصورة وشرح الإسلام والرسالة الصحيحة وتوعية الأجيال القادمة، خاصة فى ظل ثورة المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي، كنا نتحدث فى السابق عن برامج التعليم والتربية وغيرها، لكننا الآن نحتاج إلى شبكة من العمل من خلال العمل والتعليم والتربية والإعلام والمؤسسة الدينية وشبكات التواصل الاجتماعي، فالتطرف ينتشر عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى بشكل خطير جداً، ويستطيع كل إنسان الآن أن يكون رئيس تحرير فى بيته، يستطيع أن ينشر جميع أفكاره عن طريق هذا الجهاز الصغير، ونتعرض إلى قضايا لا نعرف أين مصدرها، لذلك من الضرورى استنفار الغالبية الصامتة المعتدلة التى تؤمن بالوسطية والاعتدال والتسامح والتى لا تقر أبداً فى أى ديانة أو أى مذهب ما يتم قبل المتطرفين. لذلك نحن أمام مرحلة مفصلية، قضينا للأسف عمرا طويلا ثلاثين أو أربعين عاماً فى مكافحة الإرهاب والتطرف والغلو، علينا أن نتجاوز هذه المرحلة بأسرع وقت ممكن والانتقال إلى مرحلة مستقبلية، الاستقرار فى البلدان العربية مهم جداً والتنمية مهمة جداً والنظر بروح شفافة لاحتياجات المجتمعات التنموية حتى نتجاوز المرحلة التى نمر بها. فقد شهد ما يسمى بالربيع العربى فوضى عارمة فى مناطق عديدة، وهذه الفوضى إذا استمرت فستأكل الأخضر واليابس لذلك . والحوار من أجمل ما فيه أن يكون فقط طبعا من طباع المجتمع وأسلوب حياة وأن يهيئ أيضاً لنشر ثقافة حوار وآدابه وضوابطه واحترام الرأى والرأى الأخر فى المجتمع والمؤسسة الدينية والتعليمية، وأن نسعى بكل ما استطعنا الى أن نطرق كل الأبواب لتطبيق النتائج، لا نريد تنظيرا أو توصيات نريد نتائج عملية على أرض الواقع. والمجتمع إذا تكاتف بجميع فئاته وحدد أسباب الخلل فسنستطيع معالجتها، فلدينا كفاءات كبيرة فى مصر وسوريا ولبنان وغيرها وفى كل العالم الإسلامي، لهذا فإننا فى هذا المركز فخورون جداً بالمشاركات المتميزة. ما المخاطر التى تحيط بالإسلام فى هذه المرحلة المتوترة من وجهة نظركم؟ الجهل، هو الخطر الحقيقي، إن أول آية نزلت فى القرآن الكريم هى «اقرأ» تحث على العلم ومعناها أن الدين الإسلامى مع العلم والمعرفة والتحديث والتطوير وعمران البشرية وليس مع الجهل ومحاربة المدنية ونحن فى الحقيقة عمّار حضارات ولسنا هادمى حضارات حتى يحرم قطع الشجر وقتل أى شيء كان حتى الحيوانات، ولابد أن نصحح هذه الأمور وأن يعرف هذا الجيل ومن اختطف فى التطرف والإرهاب أن يكون هذا حقيقة مجال لنا لتصحيح تلك الأفكار والمعتقدات الخاطئة. الجهل هو أخطر شيء. ويجب أن نؤسس المجتمع المعرفى بكل أبعاده. هل يمكن فى رأيكم القضاء علي «داعش»؟ القضاء على داعش مؤكد بمشيئة الله تعالي، لأنها وغيرها من المنظمات الإرهابية هى نبتة سرطانية، الآن كل العقلاء والمجتمعات الإسلامية أو غير الإسلامية يتفقون على أنها لا تمت للدين بصلة، لكن الحقيقة السؤال هنا، كيف تتحرك وتعيش؟ نحتاج فعلاً إلى وقفة حقيقية من كل العالم أن يعرفوا أن «داعش» كانت القاعدة والآن داعش وغداً (..... ) هى أسماء كل يوم تتغير ولكن الأشخاص هم الأشخاص والمتطرفون هم والخبراء الموجودون معهم، ونحن يجب أن نكون حذرين، والقيادات الدينية والسياسية التى تدير الشأن فى المناطق العربية الآن واعية تماماً لهذا الخطر القادم وسيتم القضاء عليها، لكن يجب أن يكون القضاء عليها بمشيئة الله تعالى نهائيا، لأننا لا نريد أن نحبس أنفسنا مع الماضى وأيضاً هناك متطلبات من الأجيال الجديدة أن نفكر بالمستقبل، لهذا نحتاج إلى نظرة مستقبلية لأن الأجيال الجديدة لن ترحمنا. إجابتكم تقودنى إلى السؤال عن رؤيتكم لحركة الإخوان الإرهابية؟ كل الجماعات الإسلامية السياسية التى استخدمت الدين لأغراض سياسية أعتبرها أمرا خطيرا على الأمة، والإسلام برىء فى الحقيقة من استخدامه لتحقيق أغراض سياسية، والدين يجب أن ينزه فى كثير من الأمور، ونأمل إن شاء الله أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار والنهضة فى مصر الحبيبة، لأن مصر هى قلب العالم العربى وعندما تستقر مصر تطمئن وتنمو فهى تنمية لكل العالم العربى وأقول هذا بصفتى من المملكة العربية السعودية وأفخر بعلاقات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مع الحكومة والقيادة فى مصر، فهذا دليل على إنهم حافظوا على استقرار العالم العربى كله، والنظرة المستقبلية ستكون للدول التى اختارت طريق الأمن والاعتدال والاستقرار ومحاربة الفوضى، ونحن بمشيئة الله مقدمون على إنجازات فى منطقة الخليج ومصر تحقق الاستقرار للعالم العربى الذى هو فى حقيقة الأمر فى أمس الحاجة للاستقرار والأمن والتقدم للأمام.