أسدل المستشار محمود الرشيدى أمس الستار على المشهد الأخير للقضية المعروفة بقضية القرن ببراءة المتهمين جميعا مع حيثيات بلغت 1430 صفحة ايجازا لنحو 160 ألف صفحة ،ثارت تساؤلات بين الخبراء ورجال القانون وأهالى الضحايا حول نقاط مترتبة على الحكم دون اعتراض عليه ،منها التعويضات المدنية وكيفية الحصول عليها بعد تحديد المسئولين عن دماء الشهداء فى ثورة يناير ،،وكذلك المادة التى أثارها رئيس المحكمة حول انقضاء الدعوى الجنائية لمبارك وولديه فى قضية العطية التى تلقوها من حسين سالم . بداية يؤكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات أسيوط سابقا ،أن الحكم الذى صدر برغم أنه نهائى ولكنه غير بات لأنه يحتاج ستين يوما ليصير باتا وفى هذه الفترة يجوز للنيابة العامة الطعن عليه بعد قراءة الحيثيات فإذا وجدت أن به مجالا للطعن سواء كان فى الموضوع أو الإجرءات،تقدم الطعن عليه ويكون الخطأ الذى تستند إليه فى تطبيق القانون أو قصور فى تفسيره أو دون إلمام بصحيفة الدعوى ،ويكون الطعن عليه فى محكمة النقض وهى بذلك تكون المرة الثانية ،وتتولى محكمة النقض نظر القضية من جديد ولها أن ترفض الطعن فيكون الحكم الحالى باتا أوتلغى الحكم وتتولى فى هذه الحالة بنفسها المحاكمة من جديد ،وما حدث بعد الحكم اليوم أن النائب العام كلف المستشارين بمكتبه بدراسة أسباب الحكم فى القضية تمهيدا للطعن عليه وهذا من حق النيابة متى وجدت الأسباب الجوهرية للطعن لتكون المحاكمة دائما عنوانا للحقيقة ،فإذا لم تجد النيابة أى شائبة فى الحكم فواجبها ألا تطعن وألا يكون ذلك نوعا من إطالة التقاضى ،لأن التقاضى دون مسوغ مجهد للقضاء فى غيرمحله . وقال المستشار رفعت السيد: إن النيابة مدافع عن الشعب ومصلحته فى كل الأحوال، وهى خصم شريف وتسعى لتحقيق العدل فإذا سقت الأسباب والأوراق أن العدالة تحققت من الحكم، وأن تطبيق القانون جاء سليما فلن تطعن عليه بالتأكيد مشيرا إلى أن المستشار الرشيدى حرص على الأدبيات فى القضاء عندما أشار إلى ضرورة الاصلاح للنهوض بمصر فى كل مجلات التنمية والتعليم والصحة ضمنيا وضرورة التركيز على التربية الأخلاقية ومقاومة الفساد ،كما أنه ناشد القيادة السياسية ،رعاية أسر وأبناء الشهداء الذين مازالوا يحتاجون للرعاية من أجهزة الدولة والمجتمع المدنى لأن القاضى مبعث لحفظ الحقوق وتقويم السلوك بما يصلح المجتمع مشيرا إلى بعض الاتهامات والشهود أكدوا أن عناصر من الإخوان وحماس لها دور فى قتل شهداء ثورة يناير والدليل الآن واضح فى عمليات القتل المنظمة من هذه الفئة ضد شعب مصر سواء بالداخل أو مذابح الحدود مع غزة من خلال الأنفاق أو غيرها والتى راح ضحيتها مئات المصريين وهذا يحتاج جهدا كبيرا والداخلية لديها خيوط لها ومتهمون فى كثير من هذه القضايا. وقال الرئيس السابق لجنايات أسيوط إن حكم المستشار الرشيدى كان شاملا حيث أشار فيه لمرحلة حكم الرئيس الأسبق مبارك وكيفية انتشار الفساد والمحسوبية بطريقة بشعة وأشار فيها إلى أن الحكم الأقوى والرادع هو حكم التاريخ الذى لن يرحم أيا ممن أفسدوا الحياة السياسية وسرقوا ارادة الشعب وساهموا فى تخلف الشعب المصرى والدولة المصرية فصارت فى أدنى المستويات بين الدول التى كنا نسبقها بمراحل ،فاتجهت جهود الفاسدين فى دولة فقيرة لاقامة المنتجعات فى الساحل الشمالى والفيللات لطبقة مستغلة وتركوا الشعب يزداد فقرا وجهلا ،واهملوا كل مجالات التنمية . ويرى المستشار محمود عبد الهادى المحامى أن تعويض اهالى الشهداء الزامى فى جميع الأحوال ،حتى ولو كان الحكم البات بالبراءة ،وسيحدد اسباب الحكم جهة التعويض سواء المحكوم ببراءتهم أو إذا أدينوا،فإذا ثبت عدم إدانتهم فالتعويض سيكون من الدولة أو حسب تحديد الدائرة المدنية فيها ،ولا تقدم المحكمة المدنية إلا بعد الحكم النهائى ،مشيرا إلى أن من أهم ماشمل منطوق الحكم مطالبة القاضى بتعديل تشريعى للمادة ( 15) من قانون الاجراءات الجنائية بعدم تقادم الدعوى الجنائية إذا كان أحد أطرافها موظفا عاما وهو ماينطبق على مبارك وبراءته من العقاب فى قضية الرشوة بالقصور من حسين سالم ومحكم القاضى بانتهاء الدعوى لتقادم وقائع الجريمة لأكثر من عشر سنوات ،ومع ذلك فإن المتوقع والمؤكد أن النيابة ستطعن على الحكم ،وهو الطعن النهائى لها ،كما أن القاضى استخدم حقه فى إدارة الجلسة بمنع أى إخلال بها تحت أى ظروف سلبية أو إيجابية مما جعل المحاكمة تسير بوضوح وهدوء . وقال إنه من المؤكد أن النيابة ستستأنف الحكم لأن نظام مبارك أفسد وطغى .كما أنه من الناحية النفسية سيصاب بعض من قاموا بالثورة بالصدمة ولكن ذلك لايمنع أن الجميع يحترم الحكم والقضاء وأن نراعى أن القضية أخذت حقها بلا حدود ،وأن القاضى الجليل استشعر احتمال النقد للحكم خاصة من جانب الإعلام ،لذلك أوصى مؤكدا أن من يتناول الحكم لابد أن يقرأ أسبابه وحيثياته لأنه من غير العدل أن نحكم على حكم فى قضية بلغت أوراقها مائة وستين ألف صفحة ،فالقضية هنا قضية وطن حيث تكلفت أكثر من نصف مليار جنيه حسب بيانات رسمية أخيرة ،لأنها إضافة لتقييم مرحلة سيئة من تاريخنا فهى كلها دروس للحاكم والشعب معا ،ضاعت فيها الجهود وعشنا التخلف وهذا ما دعا من وضعوا الدستور الجديد ينص على أن تكون مدة الحكم للرئيس أربعة أعوام تجدد مرة واحدة لأن الحاكم بشر يمكن أن يفسد تحت مؤثرات أصحاب المصالح ،ثم أن القاضى الجليل حرص على توفير حيثيات الحكم بكل الوسائل فى سابقة محترمة تحسب له كسب بها تعاطف الناس وإعمالا بمبدأ قانونى بأن الحكم للشعب ومن حقه أن يعرف كل صغيرة وكبيرة ،ولم يغفل كل الأمور التى شابت الحكم السابق ليدرك المواطن أن القضية جنائية مع عدم التبرئة من الأخطاء الأخرى السياسية والإقتصادية والاجتماعية والإنسانية ،لأنها أيضا من حق الشعب المصرى الذى عانى وضحى وورث الإرهاب نتيجة عوامل التسيب الى اعترت الفترات السابقة فكان الإرهاب الذى يهدد أمن المواطن والوطن ليل نهار ،ونتيجة انتسار الجهل والفقر الذى كان مطية المنظمة الارهابية لتهديد أمن البلاد وتعطيل التنمية . ومن ناحيته يقول الشيخ شوقى عبد اللطيف رئيس قطاع الشئون الدينية الاسبق ونائب وزير الاوقاف ان قضاء مصر سيظل عنوانا للحقيقة وهو المفوض بدوره للوصول اليها وتوضيحها لكونهم الادرى بها لان لديهم التحريات والاوراق الخاصة بكل قضية وملمون بما فيها من امور التى تمكنهم من اصدار الاحكام العادلة استنادا على تلك الادلة وليس اتباعا للهوى او العاطفة وعلى الحكومة المصرية تحرى الدقة والبحث ممن قتل الشهداء الذين ماتوا فى سبيل الوطن والثورة واخذ الدية من بيت مال المسلمين وهى الحكومة المصرية ووزارة المالية والعدل لان حق هؤلاء عنق الحكومة المصرية . وطالب الدكتور محمد رافت عثمان استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو هيئة كبار العلماء عمل تحقيقات لمعرفة القاتل والوصول اليه والقصاص منه نتيجة الجريمة التى ارتكبها فى حق الشهداء واذا عفا اهل الشهداء فالبديل هو الدية كما قدرتها بعض الاحاديث النبوية وهى الف دينار بما يعادل 4,5 جرام ذهب للدينار وتلتزم الدولة بدفع تلك الدية لاهالى الشهداء. وتقول صباح رياض ربة منزل كنت اتمنى ان ينال مبارك اى حكم ولو كان مخففا ولكن ليس البراءة التى ستزيد من الام اهالى الشهداء حيث لا يقبل مطلقا ان يشاهدوا ابناءهم يقتلون فى الميادين ويبقى القاتل مجهولا !! واضافت ان الدولة ملزمة بالتحقيق حول مقتل الشهداء ومن ثم تحديد مرتكبى الجريمة ومحاكمتهم لان حق الشهداء لا يختزل فى تعويضات مادية او معنوية ولكن فى القصاص.