جدول مواعيد امتحانات الشهادة الإعدادية العامة 2024 في محافظة البحيرة (الترم الثاني)    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية التجارة    عاجل: سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024 في محلات الصاغة    رئيس دمنهور يتفقد المركز التكنولوجي مع بدء تلقي طلبات التصالح.. صور    اسعار الاسماك اليوم الثلاثاء 7 -5-2024 في الدقهلية    وزير الري يتابع تدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية حياة كريمة    1.6 مليار دولار حجم الصادرات الغذائية المصرية خلال الربع الأول من 2024    الشيخ: الإعلان عن قيد شركة تندرج تحت قطاع المقاولات ببورصة النيل خلال الأسبوع المقبل    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    رئيس البورصة: النظام الإلكتروني لشهادات الإيداع الدولية متكامل وآمن لتسجيل العمليات    استشهاد 34789 فلسطينيًا في قطاع غزة منذ بداية الحرب    وزير الخارجية الإسرائيلي: دخول الجيش إلى رفح يعزز الهدفين الرئيسيين للحرب وهما إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس    اليوم.. تنصيب بوتين رئيساً لروسيا للمرة الخامسة    باحثة سياسية: الدور المصري له أثر كبير في دعم القضية الفلسطينية    نجم المغرب السابق: الزمالك يلعب كرة قدم حديثة.. ومهمة بركان لن تكون سهلة    "أمور خفية والنفوس شايلة".. كريم شحاتة يكشف عن أزمة البنك الأهلي في الدوري    دويدار: معلول سيجدد تعاقده مع الأهلي    العد التنازلي.. كم متبقي على ميعاد عيد الأضحى 2024؟    ماس كهربائي.. نشوب حريق داخل شقة دون إصابات في العمرانية    العد التنازلي يبدأ.. موعد امتحانات الثانوية العامة 2024 علمي وأدبي    طقس الفيوم اليوم الثلاثاء.. مائل للحرارة نهارا والعظمى 31°    أسرة الطفلة السودانية "جنيت" تحضر أولى جلسات محاكمة قاتلها    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارة ملاكي وموتوسيكل في الدقهلية    مدير حدائق الحيوان ب«الزراعة»: استقبلنا 35 ألف زائر في المحافظات احتفالا بشم النسيم    رئيس جامعة حلوان يشهد احتفالية أعياد شم النسيم بكلية السياحة والفنادق    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفل بعيد شم النسيم    ياسمين عبد العزيز: «كان نفسي أكون ضابط شرطة»    لقاح سحري يقاوم 8 فيروسات تاجية خطيرة.. وإجراء التجارب السريرية بحلول 2025    لا تأكل هذه الأطعمة في اليوم التالي.. الصحة تقدم نصائح قبل وبعد تناول الفسيخ    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    رويترز: جيش الإحتلال الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح الفلسطيني    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    مصرع سيدة أربعينية أسفل عجلات قطار المنيا    Bad Bunny وSTRAY KIDS، أفضل 10 إطلالات للنجوم بحفل الميت جالا    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الدينى ودور الإعلام فى التجديد

مع تتابع الأحداث وتوالي الكبوات التي تحيط بنا وتهز مجتمعنا، تتعالى الأصوات وترتفع ما بين مُطالبٍ للخطاب الديني، أو متحامل عليه وعلى المؤسسات الدينية - الأزهر والأوقاف – وكأنها السبب في حدوث تلك النكبات من حوادث إرهابية أو حوادث طرق أو مظاهرات، أو غيرها مما يؤرق حياتنا ويهدد استقرارنا.
والحق والعدل - الذي ينبغي أن يكون لنا منهجًا، والصالح العام الذي ينبغي أن يكون لنا غايةً وهدفًا - أنَّ الحاجة ملحةٌ لخطاب ديني رائق يوقظ الضمائر، ويثقف العقول، ويحرك الفكر، ويحيي القِيَم في النفوس، لينعكس أثرها سلوكًا واقعيًّا، وبخاصة في ظلّ ما تحياه أمتنا من شتاتٍ فكرىٍّ وتَرَدٍّ للحالة الدينية، وتخلُّف علميٍّ بيَّنَ سببه المفكرُ الجزائريُّ الراحل (مالك بن نبي) في عبارةٍ قالها: “إنَّ التخلُّف الذي يعيشُه العالم الإسلامي اليومَ ليس سببَه الإسلام، ولكنه عقوبة مستحقَّة من الإسلام على المسلمين لتخلِّيهم عنه لا لتمسُّكهم به كما يظن بعض الجاهلين”؛ إذ إنَّ الإسلام في جوهره وحقيقته دين يهتمُّ بتنمية العقل واستثمار طاقاته ونشر القِيَم. هذا إضافة إلى تصاعُد الأحداث السياسية في المنطقة العربية والإسلامية التي تُنذِر بخطرٍ يُهدِّد أمن واستقرار تلك البلاد، وخاصَّة بعد أحداث العراق وسوريا وظهور ما يُسمَّى جماعة (داعش) الإرهابية، وبعد أن أُحبِطت في مصر العديدَ من المخطَّطات الخارجية التي كادت تُحْدِقُ بالمنطقة كلِّها.
وعند النظَر في أفكار المُطالبين بتجديد الخطاب الديني - والتي يعلو صوتها في وسائل الإعلام نجد أنفُسَنا بصدَدِ اتجاهات مختلفة تُنبِئُ عن أنَّ لكل اتجاه رؤيةً تختلفُ عن غيرها في مفهوم التجديد، تصل بنا إلى أنَّ كلَّ اتجاهٍ يريد تجديدًا للخِطاب الدِّيني يرسم صورتَهُ ويُحدِّد مفهومَهُ في نفسه، حسَب مُكَوِّنِه الثقافي وخَلْفِيَّتِهِ التربوية، وقد ناقش هذه المسألة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في حديثه عن التراث والتجديد، وبيَّن أن قضية التجديد “بدأت تفرض نفسها بعد (سنة 1967) بشكلٍ جاد على طائفةٍ لا يُسْتَهان بها من المفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات، تراوحت خلفيَّاتُها المذهبيةُ من قوميَّة إلى ليبرالية إلى ماركسية إلى علمانية إلى أصولية مادية”، ترتب على أثرها مطالبات ودعوات إلى “نفض اليدين من التراث جملة وتفصيلاً والالتحاق بركب الحضارة الغربية فكرًا وسلوكًا، ودعوات إلى تفسير التراث وتأويله بما يَتَّفِقُ وأسسَ فلسفةِ ماركس ولينين، والنظر إلى الإسلام - عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا - من خلال قوانين وسائل الإنتاج وعلاقات المِلْكيَّة والصراع الطبقي، ودعوات تنطلقُ بنظرتها إلى التجديد من خصائص التراث نفسه وفعالياته وآلاته في مواكبة التطور تأثُّرًا وتأثيرًا، اعتمادًا على حركة الاجتهاد المشروع في أصول هذا التراث”.
وما زالت الدعوات إلى التجديد تتوالى وتزداد تصاعدًا من كل الاتجاهات، لكنَّ السؤال الذي لابد أن يُعْلَن بقوة هو: أيُّ نوع من التجديد نقصد؟ هل نريد تجديدًا للخطاب الديني يحفظ الأصول والثوابت، ويراعي المُتَغَيِّرَات والمُسْتَجَدات، ويَنْفُضُ عنها ما تراكم من غبار يحجُبُها عن أعين الناظرين؟ أم نريد ترويضًا للخطاب الديني بحيث يَتَّفِقُ وهوى بعض الاتجاهات التي تريد تبديد بعض أو أكثر الأصول والثوابت؟
إنَّ المؤسسات الدينية لا تَأْلُو جُهدًا في تحقيق ما يتطلَّبه الواقع من تجديد للخطاب الديني، وإن كان من تقصير فلأنَّ البيئة المحيطة بها يجب أن تتهيَّأ لقَبول ما يصدر عنها من نتاجٍ علمي وعملي، فلا يمكن أن يحدث تجديد وسط جو من الصخب الإعلامي يعكر هذا الخطاب، ويشوش عليه ويبخس جهد المؤسسة الدينية الرائدة.
الذي أخشاه من هذه الاتجاهات أو الموجات المُتلاحِقة التي تشكك في الدين حينًا وتتعرض لثوابته حينًا آخر، وهو التنكر لتاريخ الأمة المصرية الذي عُرِفت به منذُ فجر التاريخ، وهو التدين الصادق والتمسك بالقيم والثوابت؛ ولذا كانت مصر من أسرع البلاد قبولاً للإسلام وشعبها أشدَّ الشعوب حبًّا للنَّبِيِّ - صلي الله عليه وسلم - وآل بيته الطيبين وصحابته الأخيار؛ ولذلك كان ولا بُدَّ من مراعاة طبيعة هذا الشعب حتى نتمكَّن من التصدي لكل فكر شاذ كيف ما كانت صوره وأشكاله.
وثمَّة دور للإعلام الوطني في التصدِّي للإرهاب، وفي اعتقادي أنَّه لم يتَّضح هذا الدور بعد، علمًا بأنه لا يختلف اثنان في أنّ الإعلام وسيلة مزدوجةُ الاستخدام؛ فقد تكون وسيلةَ بناءٍ وارتقاءٍ بالأوطان، وقد تكون وسيلة هدم وتفتيت للشعوب وللقيم، وكونها كذلك فهذا يدعو لمراجعة كل ما يصدر عن هذه الوسائل ومَن يتحدثون فيها، ولقد أصابنا ما أصابنا من جرَّائها تشكيكًا في ديننا وتشتيتًا لأفكارنا، وقد اتَّضح جليًّا أنَّ الإسلام دين التسامح ونبيه نَبِيُّ الرحمة وهما بَرِيئانِ ممَّا يحدث من قتل وإرهاب وتطرُّف؛ ومن ثَمَّ لا مجالَ لاتهام الإسلام أو التعرُّض لتعاليمه، حتى وإن وردت أو فهمت خطأ بعض النصوص في بعض كتب التراث، والإسلام له ثوابت وأصول تُسْتَقَى من مصادره المعروفة، والفكر الإسلامي هو اجتهادات العلماء، يُؤخَذ منه ويرد عليه، فمَن نَقَّبَ عن مسألةٍ شَذَّ فيها بعض المفكِّرين، وتبنّى كِبْرها وإشاعتها في الإعلام ليُنادي بتجديد الخطاب الديني وتنقية كتب التراث؛ فهذا لا شكَّ خُبْثُ طويةٍ وسوء نية، ووجب على الإعلام أن يتَّقِى الله في دِين الله، وأَوْلى بالإعلام التركيز على قيم الإسلام السمحة وغرس الانتماء والمشتركات الإنسانية التي تجمَعُ ولا تُفرِّق وتُوحِّد ولا تُمزق. إنَّ الخطاب الديني لا يمكن أن يُحقِّق مقاصده، ولا أن يَبْلُغ هدفه بلا إعلام يُركِّز على الثوابت، ويدعم محاور الاتفاق ويَنْتَقِى حاملي الرسالة من الأتقياء، لا المروجين للشاذ من الآراء والمتاجرين بالدين.
لقد مرَّت بلادنا بحالةٍ من استغلال المنابر لترويج فكرٍ أو لمصلحة جماعة، وهذه الحالة لا يضبطها إلا قانون، وأعتقد أنَّ الوضع الآن أصبح أفضل بكثيرٍ من سابقه، غير أننا نحتاج دعم المؤسسات الدينية على جميع المستويات، وبخاصة من وسائل الإعلام، والوقوف صفًّا واحدًا خلف الأزهر وإمامه، ورعايةٍ حقيقيةٍ من كل المؤسسات للدعوة والدعاة والارتقاء بهم ماديًّا وعلميًّا، وإلا فالتجديد سيكون سرابًا وخيالاً لا يمتُّ للواقع بصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.