أحكام البراءة الصادرة للرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك ، ونجليه، ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى وستة من مساعديه، بعد اكثر من 101 جلسة ، تؤكد أن مصر دولة قانون، وأن علينا جميعا الإنصياع لأحكام القضاء أحببناها أم كرهناها. والحقيقة أن حكم الإدانة أو البراءة هو فصل فى قضية طال إنتظارها، ولكنه يؤكد معان أكبر من محتوى هذه الإحكام. إنها رسالة للمستثمر العالمى بأن فى مصر قضاء لا يتأثر بالسياسة أو العنف أو الفوضى أو بأى شئ أخر غير نصوص القانون والمستندات الدامغة، وأن أحكامه تصدر دون خوف من أحد أو حتى خوف على أحد بما فيها حياة القاضى ومستشاريه. مصر دولة قانون، والعدل أساس الملك، ومن هنا فإننا نتصور أن هذا الحكم سيزيح هما ثقيلا عن كاهل الدولة المصرية، ويسدل الستار على حقبة طويلة بحلوها ومرها، ويضعنا جميعا أمام مرحلة مختلفة علينا أن نثبت إستحقاقها عن جدارة بالعمل المتواصل ، والتفانى فى أداء الواجب وحمل شعلة المستقبل من أجل الأجيال الجديدة. أسر الشهداء المكلومين والذين تظاهروا للمطالبة بالثأر لفلذات أكبادهم، نقول لهم حق الشهداء لن يضيع، ولكن لا يجب أن نحاكم بريئا أثبت القضاء والتحقيق والمستندات الدامغة برائته، ليكون كبش فداء للقاتل الحقيقى، ولكن سنظل نطالب بحق الشهداء، وهذا لن يكون إلا بجهود من الشرطة والامن لاستخلاص الحقائق والأدلة الدامغة والإدانة الحقيقية لكل يد إمتدت بالقتل لهؤلاء الشهداء. أحكام البراءة تعنى أننا أسدلنا الستار على قضية القرن ، وعلى الرغم من وجود مجال للطعن، ولكن بعد أربع سنوات كاملة إجتهد القضاء مع الشرطة للوصول للحقائق كاملة ، فإن القضاء المصرى مطمئن لأحكام البراءة الصادرة، والتى سبق صدورها فى حقبة حكم الإخوان للمساعدين الستة، وكان هذا الحكم مقدمة أساسية ودليل قوى إنسحب بالضرورة على بقية المتهمين. وفى يقينى أن كل من تعامل مع قضية مقتل الشهداء كان يبحث فى الأساس على أدلة إدانة، أكثر من بحثه عن دليل البراءة، ولكن ضمير القاضى يأبى أن يصدر حكما يخالف الواقع ، وأن يقدم بريئا للمحاكمة بتهمة هو برئ منها. نقول لكل الرافضين للحكم وللفرحين به، مصر دولة قانون، وعلينا جميعا قبول أحكام القضاء، فهى الدليل الحى على تحضرنا، ونرى أن هذا الحكم سيكون بداية لمرحلة جديدة ، نقفز فيها على ألام وأوجاع الماضى، ونستحضر فيها مستقبلا أفضل بإذن الله.