سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الأهرام» يواصل مناقشة قضية توفيق أوضاع المنظمات غير المسجلة مجلس حقوق الإنسان يطرح مبادرة من سبعة ضوابط للعمل وثلاث طرق للتمويل.. منظمات تستعد للرحيل إلى بيروت والمغرب وتونس والدنمارك وهولندا وبريطانيا
مازالت قضية تسجيل المنظمات غير الحكومية وفق قانون الجمعيات الاهلية دائرة بين وزارة التضامن الاجتماعى والمنظمات ولم تحسم بعد تدخل محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان لدى الحكومة وقدم مبادرة لمد الفترة التى حددتها وزارة التضامن أمام المنظمات لتسجيل نفسها وفق شروط قانون الجمعيات الاهلية بمصر لجعل أنشطتها وتمويلها تحت رقابة وزارة التضامن ، وامكانية استمرار مد الفترة لحين صدور القانون الجديد للجمعيات الأهلية. وطلب محمد فائق أن يراعى فى التعامل الحالى مع المنظمات وفى مشروع قانون الجمعيات الاهلية الجديد الذى يجرى أعداده لحل المشاكل المتراكمة سبعة ضوابط أساسية تشمل أن يكون متوافقا مع الدستورالجديد فى تأسيس الجمعيات بالاخطار وتسهيل عملها ، ومراعاته لنصوص الاتفاقيات والتزامات مصر الدولية ، والتوازن بين إطلاق نشاط وحرية العمل الأهلى ومتطلبات حماية الأمن القومى ، واحترام سيادة الدولة وحكم القانون على الجميع ، ولايتضمن أى عقوبات سالبة للحريات ، ويسمح بالتعاون والشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى ويتيح مميزات لتشجيع المجتمع المدنى على العمل داخل مصر بين المنظمات التى تعمل فى مجالات متقاربة لاقامة أنشطة مشتركة، ولايقف القانون الجديد حجر عثرة فى سبيل تطورها وكبر حجم نشاطها على المستوى العربى والدولى ليكون لدينا مجتمع مدنى يقوم بدور اقليمى ودولى ،وحتى لايلجأ للهروب من القيود وتسجيل نفسه كشركات أو فى دول أوروبية ، ويجب أن يتسع القانون الجديد للجمعيات الاهلية لكل أشكال المنظمات غير الحكومية فالمهم أن لا يكون أحد فوق القانون . كما طلب محمد فائق أن يراعى مشروع القانون الجديد للجمعيات الاهلية وجود ثلاثة طرق فى التمويل ، الأول يتيح التمويل المحلى الواسع من الدولة والبنوك والمواطنين ورجال الاعمال والقطاع الخاص ويتم تنظيمه بطرق مختلفة تكون الدولة طرفا فيه ، والثانى يسمح بالتمويل الأجنبى والخارجى عن طريق تقديم المنظمات لتفاصيل العمل الذى تقوم به وقيمة التمويل وتفاصيله والعقود التى أبرمت مع جهات التمويل الأجنبي، وتسدد عنه ضرائب مالية وتتابعه الدولة ، والثالث تقدم فيه الجمعيات طلبات التمويل الأجنبى لكل مشروع على حدة ويودع المبلغ الخاص بالتمويل الاحنبى بحساب الجمعية او المشروع فى أحد البنوك، وعند موافقة الدولة عليه تتم متابعة حركة التداول به فى وصوله وصرفه، حتى يتم الانتهاء من المشروع ، وهذه الجمعيات تكون معفاة من الضرائب. ويتبنى المجلس القومى لحقوق الإنسان موقفا واضحا بموضوعية ، بأنه ليس القصد إلغاء منظمات بعينها أو الحاق الضرر بمنظمات أخري، ويطرح وجهة نظر مع الحكومة لإيجاد وسيلة للتفاهم بين وزارة التضامن الاجتماعى والمنظمات غير الحكومية ، وألا يتصرف أحد ضد القانون ، لأن الأصل هو سيادة القانون ، ويسعى للتقريب بالنسبة للمنظمات التى تتخذ شكل الشركات ومنها المحاماة وتعمل بالعمل الأهلى و تسدد ضرائب ويمكن لها أن تسجل نفسها مستقبلا . لكن تظل المشكلة قائمة حتى الأن بعد أن طرحت عدة جهات حكومية وجود قائمة أولية من 100 منظمة غير حكومية أجنبية ومصرية غير مسجلة تمارس أنشطة ذات طابع سياسى وتخلط بين العمل السياسى والحقوقى ، وزاد المشكلة تعقيدا وجود وجه أخر لها بعد تسجيل نحو 4500 جمعية بوزارة التضامن عقب ثورة يناير ، بها نسبة من الجمعيات تابعة لأعضاء بتنظيم الإخوان والتيارات الدينية ، والتى تسعى بطرق عديدة لأساليب مختلفة للتمويل لعملها عن طريق هيئات الاغاثة الدولية ،والجمعيات الخيرية وصناديق تمويل العمل الخيرى فى الدول العربية الأوربية ، وتسعى وزارة التضامن لوضع قواعد محددة أمام طلبات الحصول على التمويل من هذا النوع. فى الوقت الذى تتمسك فيه وزارة التضامن بأنها لاتقف أمام تلقى التمويل المشروع لتنفيذ الجمعيات المسجلة لمشروعاتها وفق الضوابط التى تضعها ، حيث أنها توافق عليه بصفة منتظمة سنويا للعديد من الجمعيات ، ومنها موافقتها لنحو ألفى جمعية تعمل فى مجالات التنمية والبيئة والأنشطة الثقافية للتمويل الأجنبى لاستقرار طبيعة عملها وعدم وجود مخالفات مالية عليها ، ووافقت العام الحالى على حصول بعضها على نحو 800مليون جنيه، وفق الشروط التى حددتها وزارة التضامن وتحت رقابتها. ولاتزال المشكلة الرئيسية بالنسبة للمنظمات غير المسجلة بلا حل حاسم ، والتى رسمت ملامحها منذ شهور بسبب ماذكرته عدد من المنظمات من فرض قيود على نشاطها وطرق حصولها على التمويل الاجنبي، وأمتداد تلك القيود الى الجمعيات المسجلة وتأخر وزارة التضامن فى الرد على طلبات عدد من الجمعيات الحقوقية المسجلة لتلقى تمويل أجنبى لمشروعاتها طوال مايزيد على عام ونصف ومنها المنظمة المصرية لحقوق الانسان ، وجمعية مساعدة السجناء التى قامت برفع قضية أمام مجلس الدولة ضد وزارة التضامن الاجتماعى لتاخرها فى الرد عليها ، وتوقف بعض انشطتها التى تقوم بها. فيما اعتبره عدد من الجمعيات الأهلية المسجلة مقدمة للتضيق على نشاطها فى مجال الحقوق المدنية والسياسية ، بينما لاتواجه نفس المشاكل الجمعيات المسجلة التى تعمل فى مجال تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتنمية وحماية البيئة. وهو مازاد من مخاوف المنظمات غير المسجلة، بعد أن إتخذ مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان الذى يتمتع بثقل اقليمى ودولى مسار مختلفا ، فاجأ عدد من الحقوقيين بنقله لجزء من نشاطه الى تونس والمغرب وأفتتح فروعا بها منذ فترة قبل بداية الأزمة ، خاصة أنه يعمل فى مجال التدريب والدراسات على حقوق الانسان والاعلام والدفاع عن نشطاء حقوق الأنسان ومن اليسير قيامه بعمله. مما جعل عددا من المنظمات غير المسجلة تدرس تطبيق نفس هذا الأجراء ، فى حالة فرض قيود على عملها أو عدم التوصل لحل مع وزارة التضامن فى قضية توفيق أوضاعها، و يقوم حاليا عدد من المنظمات بدراسة إمكانية نقل عملها الى الاردنوتونس والمغر ، أو التسجيل فى عدة دول أوربية منها الدنمارك وهولندا وباريس وبريطانيا وسويسرا ، والقيام بأنشطتها فى مصر من خلال الشراكة مع المنظمات والجمعيات المسجلة وفق قانون الجمعيات الأهلية الحالى لعام 2002 وهى طريقة للخروج من هذه الازمة، ويناسب هذا التوجه عدد من المنظمات العاملة فى مصر بمجال حقوق الانسان للفكاك من القواعد التى وضعتها وزارة التضامن لدفعها لتوفيق اوضاعها ، وقاموا بإجراء الدورة بالعكس بأن سجلوا منظماتهم منذ سنوات فى الخارج كشركات وافتحتوا لها فروعا فى مصر . بينما تدرس منظمات أخرى البدء فى أجراءات تسجيل نفسها وتوفيق أوضاعها وفق قانون الجمعيات الأهلية الحالى لخوفها من قيام الدولة برفع تقديرات الضرائب على الدخل والتأمينات لها بصورة لاتتحملها مما يضرها فى النهاية للتوقف عن ممارسة نشاطها ، خاصة المنظمات التى تعمل كشركات للمحاماة ، والمنظمات المسجلة فى الشهر العقارى والسجل التجارى والغرفة التجارية كشركات تضامن وشركات توصية بسيطة ، و بوزارة الاستثمار كشركات ذات مسئولية محدودة . ويعمل فيها عدد كبير من المحامين يليهم أصحاب الخبرات فى مجال التنمية وحقوق الانسان الذين عملوا في جمعيات أهلية قديمة فى الصعيد والدلتا ، واكتسبوا خبرة أهلتهم لإفتتاح منظمات لهم ، لكنهم لجأوا بسبب قيود التسجيل قبل ثورة 25يناير ، إلى الأتجاه لتسجيل هذه الاشكال من المنظمات غير الحكومية بعيدا عن ضغوط وتفتيش وزارة التضامن الدائم ماليا واداريا وتواجد موظفين منها باستمرار يمرون عليها ، ووجدوا من الأفضل أن يعملوا بحرية بعيدا عن هذه القيود من وجهة نظرهم وهو مايخرجهم نسبيا عن وزارة التضامن الى وزارة التجارة ووزارة الاستثمار والغرف التجارية ، بينما يعملون فى قطاعات للمجتمع الأهلي تتطلب تواجدهم تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعى . فى حين تطغى فى العلن والخفاء على موقف الحكومة قضية التمويل لهذه الجمعيات باعتبارها حجر الزاوية الاساسى فى هذة القضية ، حيث ترى وزارة التضامن الاجتماعى أن وراء رفض المنظمات غير المسجلة توفيق أوضاعها لتكون تحت مظلة قانون الجمعيات الاهلية دافع أساسى ، هو أن يكون تمويل مشروعاتها ونشاطها بعيدا عن رقابة الدولة ممثلة فى وزارة التضامن والجهاز المركزى للمحاسبات فى حالة زيادة حجم التعامل المالى لها ، لان اموال هذه الجمعيات أموال عامة، وتريد الوزارة السيطرة على مصادر التمويل القادمة دون رقابتها الى المنظمات غير المسجلة من هيئة المعونة الأمريكية والاتحاد الأوروبى والمعونة الهولندية والكندية والسويدية والاسترالية واليابانية ومنظمة فورد ومبادرة الشرق الاوسط ، والوقفية الامريكية . واعتبر نجاد البرعى رئيس المجموعة المتحدة للقانون أنه توجد نقطة مفصلية هامة غائبة عن الجميع يجب مراعاتها من كل الأطراف لأنها تحدد اطار المسئولية المشتركة ، وهى أن المنظمات الحقوقية لا يمكن أن تكون أقوى من الدولة، ولا يجب أن تدخل فى صراع مع الدولة، وهى ليست عدوا للدولة ولاتتربص بها ،وإن أرادت الدولة التعاون معها على قاعدة دعم الحرية للعمل الاهلى فى ظل قانون يتوافق مع الدستور الجديد ، فإنه سيساعد على تحسين وضع المجتمع المدنى وصورة الحكومة دوليا الذى طلب منها ضمان حرية المجتمع المدنى ، مما سيكون له مردود إيجابى على الدولة والمجتمع المصرى معا فى وقت واحد . وشدد حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومى لحقوق الانسان على أن المجتمع المدنى يقوم بدوره وفق الآليات التى أقرتها مصر فى الاتفاقيات والمعايير الدولية للأمم المتحدة التى وقعت عليها ، وليس بصدور قرار من وزارة التضامن يعصف بأحد الحقوق السياسية والمدنية التى أقرتها المواثيق الدولية ، ويجب على الدولة أن تحافظ على استقلالية المجتمع المدنى لأنها منظمات غير حكومية وليست حكومية ، وأن تتخلى عن حالة الاستنفار التى تقوم بها من وقت لاخر مع منظمات حقوق الانسان ، ويجب أن يظل المجتمع المدنى ومنظماته غير الحكومية بعيدا عن تدخل الحكومة ، حفاظا على استقلاليته عنها وليس من المنطقى ، أن يكون على هوى الحكومة فى كل شيء ، ولا تدخله بيت الطاعة بقانون الجمعيات. ويرى الدكتور علاء الغمراوى رئيس جمعية أصدقاء مرضى القلب أهمية وجود مظلة واحدة قانونية للعمل الأهلى فى مصر ، وأن تتفق الجمعيات الأهلية على أصدار مدونة سلوك لعملها ، وأن تحدد أجندة وطنية لعملها لكى تحافظ على دورها فى خدمة قضايا المجتمع ، لأن مصر دولة فقيرة تحتاج لدور من الجمعيات الاهلية لخدمة المجتمع المحلى والمواطنين البسطاء بصورة مباشرة بالمحافظات فى قضايا التعليم والصحة والبطالة والعشوائيات ورعاية الاطفال والمرأة وكبار السن والمعاقين ، وليس التركيز فقط على منظمات حقوق الانسان والبحث عن التمويل الأجنبى الذى لايستفيد منه المجتمع كثيرا .