أن تلتقى مسئولا رفيع المستوى فى أى دولة فإن الأمر فيه صعوبة، أما فى كردستان العراق، فالأمر يزداد، نظرا للكثير من التطورات التى يشهدها الإقليم فى ظل استفحال تنظيم «داعش» الإرهابى، وقيام البرلمان الكردى بالموافقة على إرسال قوات لمدينة «عين العرب» أو «كوبانى» بالكردية، لقتال «داعش» بجانب الأكراد السوريين. إلا أن المفاجأة هى لقاء الدكتور يوسف محمد صادق رئيس برلمان كردستان العراق صدفة لدى دخوله بلا أى حماية، أو تأمين لأحد المقاهى فى مدينة السليمانية، والذى يعد ملتقى للصحفيين والمثقفين الاكراد دون أى حماية أو سيارات أو ضجيج، المفاجأة الأكبر أن صادق، الحاصل على الدكتوراة فى العلوم السياسية من جامعة السليمانية يبلغ من العمر 36 عاما، هو أصغر رئيس برلمان فى المنطقة، وكان ل "الأهرام معه هذا الحوار حول الكثير من القضايا الكردية العراقية المشتعلة. تتحرك بلا حماية ولا أمن، ألا توجد مخاوف لديكم؟ حب الجماهير هو الرصيد والأمن الحقيقى، وكنت فى السوق قبل أن آتى، ولا تتخيل كم المواطنين الذين أحاطوا بى، وكانوا يلتقطون الصور معى، وهو الأمر الذى عملنا، ونعمل عليه فى حركة “كوران” (التغيير)، لأن حب وثقة الجماهير الحامى الحقيقى لأى مسئول. كيف هى العلاقات بين الأحزاب الكردية الآن بعد الخلافات التى كانت سائدة قبل الانتخابات وما سبقها من احتجاجات؟ نحاول تقوية أرضية العمل المشترك لمصلحة المواطنين، والآن هناك حكومة ائتلافية بمشاركة جميع القوى والمكونات الرئيسية، ونحن حصلنا على 24٪ من مقاعد برلمان كردستان العراق، وهناك 4 وزارء يمثلون "كوران"، هم وزراء المالية والبشمركة والتجارة والصناعة، إضافة إلى وزارة الأوقاف، وحركتنا بدأت الربيع الديمقراطى فى المنطقة فى 25 يوليو 2009، وأعلنا عن أنفسنا كقوى معارضة ونجحنا، والأمور الآن فى تحسن للصالح العام، ولصالح الإقليم، وهو ما انعكس على استقرار الإقليم سياسيا إلى حد كبير. اتخذ برلمان كردستان العراق قرارا بإرسال 150 مقاتلا من البشمركة إلى "عين العرب" أو "كوباني" الكردية السورية لمقاتلة داعش، لماذا كوباني، وما هى ملابسات القرار، وهل سترسلون قوات أخرى لها ولمناطق أخرى لمقاتلة داعش فى العراق؟ القرار اتخذ بالإجماع، وهناك تفهم من المجتمع الدولى ودول الجوار لإرسال تلك القوات لأسباب كثيرة تتعلق بصعوبة دخولها من الأراضى السورية والمأساة التى تعيشها عين العرب، ولأن ما حدث هو ضمن الحرب على تنظيم ومنظمة غير طبيعية متعددة الجنسيات، وتضم عناصر من كل أنحاء العالم، بما فيهم الأكراد، وكردستان العراق لديه نقاط تماس طولها 1030 كم، ولا يمكن التعامل معه بصورة تقليدية، وسهل الأمر أن مرور القوات الكردية العراقية عبر الأراضى الكردية التركية كان من المحرمات، ووافقت أنقرة بعد الكثير من الضغوط لمقاتلة تنظيم داعش الإرهابي، وسنرسل قوات أخرى اذا استدعى الأمر، أما بالنسبة لبقية مناطق العراق فالبشمركة تقاتل "داعش" فى الكثير من المحاور والمدن. من حين لآخر هناك دعوات لاستقلال الأكراد عن الدولة العراقية كيف ترون الأمر، وهل من الممكن أن يسهم فى استقرار الأوضاع فى العراق والمنطقة المشتعلة؟ بداية نحن كأكراد لدينا حق تقرير المصير، وحتى الآن نريد العيش مع المكونات الاخري، ولكن إلى متى نراهن على هذا الخيار، فى ظل كون العراق أصبح دولة فاشلة بالنسبة لنفسه ولدول الجوار، ورغم ذلك مازال خيارنا هو البقاء ضمن العراق الفيدرالى الواحد ،ولكن المواطن الكردى لم ير أى شىء ايجابي، وأضرب لك مثالا بنفسي، انا عمرى 36 عاما ولم أر أى خير فى كل فترة مأساة يدفع ثمنها الأكراد، بدءا من القصف بالأسلحة الكيماوية، مرورا بالحصار، انتهاء بقطع رواتب الموظفين من قبل الحكومة حاليا، ورغم ذلك أكرر أن خيارنا حتى الآن هو البقاء ضمن العراق، ولكن لا يمكننا البقاء إلى الأبد فى ظل استمرارهذه الأمور. ولكن أين دوركم خاصة أن الكثيرين يرون أنكم شركاء فيما حدث؟ الكل يسمع ويشاهد فشل الدولة الآن ورغم أن الأكراد كانوا أحد أهم عوامل إنجاح الدولة العراقية ،وفى 2003 لم تكن هناك أى أطراف أخرى على الارض إلا الأكراد، وساهمنا فى بناء الدولة من جديد، وأول لواءين من الجيش الجديد كانا من القوات الكردية، ولكم مع الأسف تعاملت القوى السياسية الأخرى بصوره أدت إلى ما يحدث الآن، ولا يمكننا العمل على إنجاح العراق وحدنا وبغير دعم، ويجب أن يلتزم الآخرون بذلك. من يتحمل المسئولية فيما يحدث؟ سياسات الحكومة المركزية التى ادت الى ظهور الكوارث فى السنوات الأربع الماضية من حكم نورى المالكي، وسيطرته على كل مراكز صنع، واتخاذ القرارات فى الداخلية، والدفاع وغيرها من القرارات الخاطئة التى أدت الى احتضان “داعش” من قبل بعض العرب السنة. والحل؟ نتطلع إلى تغيير عقلية الإدارة والحكم فى العراق من قبل الحكومة الجديدة. وهل ترون ذلك ممكنا؟ لا يمكن الحكم الآن على حكومة الدكتور حيدر العبادى.