خرجت إلى النور مؤخرا دراسة قيمة قدمها الباحثان د. أحمد عثمان الخولى الأستاذ بجامعة المنوفية واستشارى التنمية والدراسات البيئية، والمهندس عزت عبد الحميد خبير الطاقة وتغير المناخ، تحت عنوان «مشروع أساليب الحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية»، وذلك فى ثمانى محافظات تمثل ملامح البيئة المصرية، وتختزل عناصرها، وهى محافظات: الإسكندريةوكفر الشيخ والدقهلية ومطروح وبورسعيد والبحر الأحمروالمنياوسوهاج، واستغرق إعدادها عامين تحت مظلة مؤسسة فريدريش إيبرت، بتعاون مشترك بين جهاز شئون البيئة، والاتحاد النوعى للجمعيات الأهلية. الهدف الأساسى من الدراسة - كما يقول الدكتور أحمد الخولى - إصدار دليل نهائى يوضح دور المواطن فى هذه المحافظات، وبمصر عامة، فى التصدى لظاهرة تغير المناخ، ومعرفة كيفية التعامل معها، وما الذى يمكن أن يقدمه للتخفيف من آثارها والتكيف معها. وتم الاستعانة - خلال إجراء الدراسة - بقواعد البيانات الخاصة بهذه المحافظات، والدراسات العلمية التى أجرتها الجهات البحثية الدولية المتخصصة حول ظاهرة التغير المناخي. كما اشتمل مشروع الدراسة على تدريب للجمعيات الأهلية قاده الاتحاد النوعى للجمعيات البيئية برئاسة الدكتور وحيد إمام لإشراك هذه الجمعيات فى التعريف بالظاهرة، ونشر نتائجها فى المجتمع المحلي. مخاطر بالإسكندرية أكدت الدراسة أن مظاهر تغير المناخ وآثاره بدأت فى الإفصاح عن نفسها بمصر.. ففى الاسكندرية التى شهدت خلال ثلاثة عقود بين عامى 1980و2011 عدة نوبات طقس حادة. فقد بلغت جملة الأمطار التى هطلت فى 1999 نحو 24.37 مم فى 9 أيام، أى نحو 2.71 مم لليوم الممطر، وهو منخفض جدً بالنسبة للمعدل الطبيعى، الذى يصل إلى 5 إلى مليمترات لليوم الممطر. وفى ديسمبر 2004، شهدت الاسكندرية أكبر كمية هطول أمطار خلال 1980-2011 لتصل إلى 161.05 مم فى 7 أيام مطيرة أى بمعدل 23 مم لليوم المطير. هذا التضارب فى كميات المطر ليس هو المظهر الوحيد لتغير المناخ، إذ أوضح العديد من الدراسات أن متوسط ارتفاع منسوب البحر ب 3.1 مليمتر للسنة فى الفترة من 1993 حتى 2003، مع الأخذ فى الاعتبار أنه ليست كل الآثار التى يمكن ملاحظتها فى الإسكندرية فى الوقت الراهن (المتمثلة فى ارتفاع مستوى سطح البحر) ترتبط بتغر المناخ. فهناك عوامل مرتبطة بالنشاطات البشرية التى تزيد من قابلية تأثر الاسكندرية مثل التغيرات فى استعمالات الأراضي، وإقامة البنى التحتية فى أماكن تضر بالتوازن الطبعى للنظم الاكولوجية. وستمتد آثار تغير المناخ إلى السياحة إذ من الممكن أن تتأثر الإسكندرية بفقدان منشآتها الساحلية، وأن تسجل خسائر ناجمة عن تدهور الشواطئ أو غيرا من النظم الاكولوجة أو مرافق المناء. وكذلك تُُتوقع زيادة خطر النحر الساحلى والغمر البحرى فى عام 2030 بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر، والامتداد العمرانى. ومن أكثر المناطق المعرضة لخطر النحر المنطقة الساحلية بين الدخيلة والبر الغربى ومنطقة أبو قير، وقد يضاعف التأثير المزدوج الناجم عن تغيير المناخ والنمو العمرانى مستوى ارتفاع المياه فى بحيرة مريوط لفيضان المائة عام. لذا ينبغى أن يظل الوضع الخاص بضخ المياه، وتنظيم مستوى سطح المياه تحت السيطرة. آثار بكفر الشيخ فى محافظة كفر الشيخ التى تقع ضمن الجزء الشرقي، ويقع معظمه فى شمال دلتا النيل، تُوجد أعلى المستوطنات البشرية كثافة فى منطقة البحر المتوسط، فضلا عن العديد من الأنشطة الإقتصادية والزراعية والصناعية التى توطنت فى منطقة الساحل، بالإضافة إلى الموانئ وأنشطة الصيد. وذكر تقرير اللجنة الدولية للتغيرات المناخية فى 2007 أن الحدود العليا لإرتفاع منسوب سطح البحر فى العالم بحلول عام 2100 قد يصل إلى 59 سم، وفى المقابل سيتم فقدان 3.3 بالمائة من إجمالى مساحة الأراضى فى دلتا النيل.. لذلك تم تصنيف دلتا النيل على أنها من أكثر الأماكن حساسية لارتفاع منسوب سطح البحر. وكنتيجة لتأثير التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة على محافظة كفر الشيخ، سيزيد معدل استهلاك المياه لزراعات القمح والقطن والذرة نتيجة لزيادة معدل البخر؛ إذ سيزيد معدل البخر فى زراعات القمح بنسبة 10.8 بالمائة تحت الظروف المناخية الحالية، أما بالنسبة للذرة والقطن فإن الزيادة ستكون بنسبة تتراوح بين 7.8 و8.4 بالمائة على التوالي. وكذلك قد تؤدى التغيرات المناخية إلى موجات من الأمطار الغزيرة التى تؤثر على الأنشطة الاقتصادية الرئيسية بالمحافظة، وعلى مواردها الطبيعية؛ مثلما حدث فى فبراير من عام 2014، إذ توقفت حركة الصيد بسبب غزارة الأمطار التى ضربت شمال المحافظة فى ذلك الوقت، وأدت الأمطار حينها إلى زيادة سرعة الرياح، وارتفاع الأمواج فى البحر المتوسط، وتوقفت حركة الصيد فى البحر وبحيرة البرلس. نحر بمطروح تقول سطور الدراسة إن ارتفاع منسوب سطح البحر على ساحل محافظة مطروح بين عامى 1954 و2005 يظهر مناطق غمرت بالمياه مؤكدة سيناريوهات احتساب ارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة التغيرات المناخية. وممكن أن تتأثر السياحة بفقدان منشآتها الساحلية، وتدمر أو المعالم السياحية؛ كما يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بنظم تصرف المخلفات السائلة ومياه الأمطار إلى البحر. وستسبب ارتفاع درجات الحرارة فى انتشار بعض الأمراض التى تنتقل عن طرق نواقل حساسة لدرجة الحرارة إلى مناطق أخرى كالبعوض، وما تبعه من انتشار أمراض مختلفة، ويؤدى ذلك إلى زيادة كبيرة فى المحافظة على الصحة العامة. وهناك العديد من الملامح والتأثيرات التى تتغير على سواحل محافظة مطروح ترجع إلى عملية النحر الساحلى والغمر البحري؛ إذ إن معدلات التغير فى خط الساحل تم رصدها باستخدام الصور الجوية بداية من عام 1954 إلى عام 2013، ويلاحظ مدى انحسار الساحل تدريجياً بين أعوام الرصد. وكذلك فإن التغيرات المناخية على محافظة مطروح تهدد ساكنيها بازدياد معدلات الفقر والجوع نظراً لندرة الأراضى الخصبة الصالحة لمشروعات الإنتاج الزراعى وقلة مصادر المياه، كما تؤثر على نوعية وجودة الحياة لسكان المحافظة. جفاف فى المنيا توقع انخفاض طول الأمطار فى المناطق الجافة مثل محافظة المنيا، وللانخفاض فى معدلات طول الأمطار أثر سلبى على تزود السكان بالمياه، وعلى الصناعة والزراعة. ومعظم البلدان التى تعانى من نقص الماء لا تملك الموارد المالية الكافية لجر المياه من مناطق بعيدة، أو استعمال تقنيات لتحلية المياه المالحة. وتؤدى صعوبة الوصول إلى مياه الشرب إلى انتشار مختلف الأمراض ذات الصلة بالصحة أو الأمراض المنقولة بالمياه؛ مما زد من أعباء الخدمات الصحة. ومكن أن تتملح مصادر المياه أو طبقات المياه الجوفية فى كثير من الأحيان نتيجة للاستعمال المفرط، أو تفقد قدرتها على التجدد. تراجع ببور سعيد نظرا لأن المنطقة الساحلية بمحافظة بورسعيد ذات أهمية قصوى بالنسبةِ للسياحة الشاطئية، وأن أغلب الأنشطة الشاطئية تنحصر فى نطاق 200-300 متر من حد الساحل فإن مدى حساسية سواحل محافظة بورسعيد لارتفاع سطح البحر كبيرة نظراً للعوامل الاجتماعية والاقتصادية للأنشطة التى تجرى على الساحل. واستنادا إلى أن ساحل بورسعيد من أكثر الأماكن هبوطاً على البحر المتوسط 5 مم/ السنة...فمن المتوقع أن يسبب ارتفاع سطح البحر تراجعاً فى خط الساحل، وازدياد ملوحة التربة السطحية، مما قد يؤثر تأثيراً سلبياً على الزراعة، ومخزون المياه الجوفية المتضرر بالأساس فى المحافظة. كما أن ازدياد الملوحة فى مياه بحيرة المنزلة قد يحدث تأثيرات على البيئة الحيوية للبحيرة وكذلك الثورة السمكية بها. وبالإضافةِ إلى ذلك قد يضر ارتفاع منسوب مياه البحر بالبحيرة حيث سيغمر موائل النباتات، وكذلك سيؤدى لغمر المناطق الرطبة الضحلة. ولأن الفيضانات المفاجئة شائعة على السواحل المصرية وخاصة على سواحل البحر الأحمر وسيناء، فالملاحظ بالساحل الشمالى الشرقى لمحافظة بورسعيد ارتفاع معدل العواصف الرعدية من صفر إلى 18 ثم 41 يوما فى العقود العشرة الأخيرة؛ مما يوحى بتغيرات فى المناخ وانتقال لحزام التغيرات الجوية جنوباً. وكنتيجة لارتفاع منسوب سطح البحر فإن عمليات النحر ستكون أكثر قوة وتأثيراً عما سبق؛ وبمعرفة أن منسوب المياه فى منطقة ميناء بورسعيد يرتفع بمعدل +4 مم سنوياً فإن الميناء واقتصاد المدينة معرضان لمخاطر النحر مع الوضع فى الاعتبار الوضع الإقليمى للمحافظة، لأن مدينة وميناء بورسعيد فى المرتبة الثانية تجارياً بالجمهورية بعد ميناء الإسكندرية. شعاب البحر الأحمر تتعرض المنطقة الساحلية للبحر الأحمر إلى ضغوط بيئية متعددة مرتبطة بالتنمية العمرانية والسياحية أو التنمية الصناعية فى خليج السويس. وتأتى على رأس الأولويات المشكلات المرتبطة بتعديل خط الساحل والأنشطة المصاحبة له مثل التجريف أو الردم، وكذلك مشكلات تسرب الملوثات نتيجة للأنشطة المرتبطة بصناعة البترول. كما يُعد تدمير الموائل الطبيعية للشعب المرجانية أحد الضغوط البيئية الواضحة بتلك المنطقة، نتيجة الممارسات الخاطئة لرياضة الغوص أو لتكوين بحيرات صناعية ترفيهية، وكذلك زيادة الضغوط مقارنة بالقدرة الاستيعابية للبيئة. ومن المحتمل أن تتأثر المنطقة الساحلية للبحر الأحمر من جراء التغيرات المناخية وارتفاع مستوى سطح البحر خاصة المناطق المنخفضة والأراضى الرطبة والشواطئ. وقد تتأثر الشعب المرجانية بارتفاع منسوب سطح البحر خاصة إذا كان معدل الارتفاع أعلى من معدل نمو الشعب المرجانية، وكذلك تزداد معدلات ابيضاض الشعاب المرجانية نتيجة للإجهاد البيئي. الفقر بسوهاج ستؤدى الزيادة فى متوسط درجة الحرارة بسوهاج إلى ازدياد فى استهلاك الطاقة جراء ازدياد الضغط فى استعمالها فى التكيف وحفظ الأغذية، وستعمل على زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية. إن موجات الطقس السيئة وما يتبعها من تسجيل درجات حرارة مرتفعة مثلما تشير بيانات المناخ بمحافظة سوهاج عام 2010 بزيادة عن المعدلات الطبيعية، بالتزامن مع التغيرات فى معدلات هطول الأمطار كما سبق أن قدمنا.. تصنع فرصاً لانتقال أحزمة توطن الأمراض المعدية، وتمنحها البيئة الملائمة للتكاثر. كما أن التغيرات المناخية بمحافظة سوهاج تهدد بازدياد معدلات الفقر والجوع نظراً لضيق حيز الأراضى الخصبة الصالحة للزراعة فى شكل شريط ضيق على جانبى النيل. وفى ظل غياب موضوعية توزيع الأراضى فإن الأمن الغذائى للمحافظة مهدد بالتغيرات المحتملة، بحسب الدراسة.