فى دراسة أُجريت بثمانى محافظات، وتبناها الاتحاد النوعى للجمعيات العاملة فى مجال البيئة بالاشتراك مع مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية ووزارة البيئة ومنظمات المجتمع المدنى.. ثبت وجود تأثيرات خطيرة للتغيرات المناخية على جودة الحياة، والقطاعات التنموية فى مصر، لا سيما الإنتاج الزراعى والحيوانى والسمكى والمياه والصحة. فى البداية يقول الدكتور وحيد إمام أستاذ علوم البيئة ورئيس الاتحاد: استهدفت الدراسة محافظاتبور سعيد والإسكندرية ومرسى مطروح وكفر الشيخ والدقهلية والمنيا وسوهاج والبحر الأحمر، ويلاحظ هنا تنوع تلك المحافظات ما بين ساحلية على البحرين الأحمر والمتوسط، وداخلية على النيل والدلتا أو الصعيد، لتقويم التأثيرات السلبية المتوقعة للتغيرات المناخية على كل منها. وقد أظهرت النتائج وجود آثار سلبية ممثلة فى غمر المياه المالحة للبحر المتوسط لعدد من المناطق المنخفضة بطول ساحل المتوسط من بورسعيد حتى السلوم، وكذلك بعض المناطق على البحر الأحمر، إلى جانب تملح الأراضى والمياه الجوفية فى هذه المناطق، والتهديد بفقد الكثير من المنشآت السياحية، وتهديد الشواطئ والنظم الإيكولوجية التى تمثل عصب السياحة البيئية، وأيضاً نشوء أضرار جسيمة عن تصريف المخلفات السائلة ومياه الأمطار فى مياه البحر، بالنسبة للمحافظات الساحلية أما بالنسبة لمحافظات: الدقهلية وكفر الشيخ وسوهاج فتتوقع الدراسة تأثر الإنتاج الزراعى والحيوانى والسمكى سلباً بسبب ارتفاع مستويات درجات الحرارة وزيادة عدد الموجات الحارة الأمر الذى سيكون له مردود اقتصادى سلبى على المزارعين والمستهلكين والاقتصاد المصرى. وعن ملامح التهديد جراء التغيرات المناخية يقول رئيس الاتحاد النوعى: الدراسة أوضحت وجود تهديد سكان تلك المحافظات بازدياد معدلات الفقر نظرا لندرة الأراضى الخصبة الصالحة لمشروعات الإنتاج الزراعي، وقلة مصادر المياه، وفى ظل غياب موضوعية توزيع الأراضى فإن الأمن الغذائى مهدد بقوة. كما يمكن أن يؤثر تغير المناخ على نوعية وجودة الحياة للسكان بهذه المحافظات، بمعنى انخفاض الدخول المكتسبة، وتزايد الأسعار؛ بل سيجد السكان صعوبة فى تحمل تكاليف السكن المناسب، والحياة الكريمة، مما يؤدى إلى ظهور المناطق المتدهورة. وعلى سبيل المثال تبين أن العديد من فرص العمل فى محافظة مطروح حساسة بشدة تجاه العوامل البيئية والمناخية، باعتبارها محافظة تعتمد أساسا على الزراعة والرعى والسياحة، وهى أنشطة تعتمد على تأثرها بالتغيرات البيئية والمناخية. كما اتضح وجود ارتباط بين موجات الحرارة وأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، مع توقعات بزيادة الأمراض، والوفيات الناجمة عن هذه الأسباب. وسيتسبب ارتفاع درجات الحرارة أيضا فى انتشار بعض الأمراض التى تنتقل عن طريق نواقل حساسة لدرجة الحرارة إلى مناطق أخرى كالبعوض، وما يتبعه من انتشار أمراض مختلفة، وبالتالى حدوث زيادة كبيرة فى تكاليف المحافظة على الصحة العامة. وحول كيفية مواجهة تلك السلبيات فى ضوء الدراسة، يجيب الدكتور وحيد إمام: اقترحت الدراسة وسائل للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال عمليات التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، عبر خيارات تراعى التوازن مع القيم الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية، وتشمل استراتيجيات للحماية بإقامة الحوائط والسدود، واستعادة الكثبان الرملية، وتهيئة الأراضى الرطبة، وأكواد جديدة لأماكن السكن، لحماية السياحة الشاطئية المهددة نتيجة ارتفاع منسوب البحر، والنحر الساحلي، وضربات الفيضانات المفاجئة. كما تشمل تلك الوسائل حماية النظم الإيكولوجية المهددة، والتخطيط للتنمية الساحلية المستقبلية؛ خصوصا بالأماكن التى ثبتت حساسيتها تجاه التغيرات، وبحث السماح للأراضى الرطبة خاصة بحيرة المنزلة للتحرك إلى الداخل، وتبنى استجابات أخرى كتطهير الموانئ، وتعزيز إدارة مصائد الأسماك، وتحسين معايير التصميم للهياكل البحرية. وعن استراتيجية التكيف المقترحة للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على السياحة، وتآكل الشواطيء.. قال الدكتور وحيد إمام: «تشمل تلك الاستراتيجية الالتزام بالقوانين التى تقلل من حساسية السواحل، وإصلاح الشواطىء الساحلية لمصر، واستعادة وتهيئة الأراضى الرطبة الساحلية، وبالنسبة لاستراتيجية الحد من الاثار السلبية للتغيرات المناخية على الزراعة، قال إنها تشمل تعزيز قدرة تخزين المياه وطبقات المياه الجوفية، والمحافظة على مصادر المياه العذبة، وإدارة الغطاء النباتى لتحسين تخزين المياه، وتوقيت الجريان السطحى لمصادر المياه، وترشيد ورفع كفاءة استخدام المياه من خلال تغير أنماط الزراعة، والرى بالتنقيط بديلا للغمر، وزراعة أنواع مقاومة للجفاف والملوحة، وتشجيع الزراعات العضوية، وتدوير المخلفات الزراعية والعضوية.