فى مناسبة قمة المناخ فى الأممالمتحدة يستعد مركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا (سيدارى) برئاسة المدير التنفيذى الدكتورة نادية مكرم عبيد بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمى والبنك الإسلامى للتنمية لاطلاق برنامج الخريطة التفاعلية الحديثة، والذى اعتمد على أحدث أجيال تكنولوجيا المعلومات المتقدمة والصور الرادارية لوكالة ناسا وتقنيات الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاءحتى يُمكن الوصول لصورة وتفاصيل أكثر دقة، ولقد حذرت السيناريوهات التى باحت بها الخريطة التفاعلية من ارتفاع مستوى مياه سطح البحر على دلتا النيل والمناطق الهشة على الخريطة المصرية بفعل التغيرات المناخية، وحسم هذا البرنامج وبصورة غاية فى الدقة جميع التكهنات السابقة فى تلك القضية الشائكة وماينجم عنها من غرق ملايين الأفدنة الزراعية والمناطق الصناعية والثروة السمكية وتشريد الملايين من المواطنين وتدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية، وكانت الآراء السابقة مبنية على احتمالات استندت على معدلات الزيادات السابقة لمنسوب سطح البحر خلال المائة عام الماضية، وبرنامج سيدارى يقدم صورة واضحة وجلية بكل الإحتمالات التى تُمكن صناع القرار من اتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير اللازمة على أسس علمية سليمة موثقة مع عدم إغفال كافة الاحتمالات. وعن تلك الدراسات والأبحاث التطبيقية يقول الدكتور أحمد عبدالرحيم – المدير الإقليمى لبرنامج المعرفة ومدير التقييم البيئى بسيدارى: الهدف من البرنامج الذى تم إنجازه هو وضع خريطة تفاعلية حديثة للهشاشة البيئية للتغيرات المناخية لدلتا النيل بمصر، وذلك بهدف مساعدة صانعى القرار فى تحديد المناطق الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وإحتمالات الغرق بفعل ارتفاع منسوب سطح البحر،وما أنجز من البرنامج تم عن طريق وضع معايير دقيقة جدا تتوافق مع التعريفات الدولية للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) والتى تحدد مسببات الهشاشة بعوامل الحساسية وتشمل الكثافة السكانية ومناطق المحميات الطبيعية، كما تشمل عامل التعرض كنوعية التربة وانحدارها وفرص هطول الأمطار والسيول والكوارث الطبيعية وغيرها، أيضاً تشمل القدرة على التكيف والتأقلم للسكان ويتبعها عوامل مستوى دخل الفرد ومؤشرات الفقر ودرجات التعليم وجودة المبانى والبنية التحتية والخدمات مثل المياه والكهرباء. وعن المنتج النهائى للبرنامج يضيف مدير إدارة برنامج المعرفة بسيدارى:- توصل البرنامج إلى إعداد مجموعة من الخرائط بالغة الدقة ، وتلك الخريطة الحديثة التفاعلية تعتمد على دمج كل هذه العوامل مجتمعة لتحديد الأماكن التى تنطبق عليها شروط المناطق الأكثر هشاشة وتحتاج إلى تدخل سريع جداً من الدولة برفع درجات الإستعداد القصوى بها تحسباً لأية تغيرات مناخية محتملة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ذات أهمية أيضاً فى انتاج سيناريوهات للتغيرات المناخية مثل ارتفاع منسوب سطح البحر وحساب وتحديد الأراضى والمدن والقرى التى ستتأثر بهذا الإرتفاع، وهذا الإنجاز اعتمد على أحدث الأساليب العلمية الحديثة وتكنولوجيات العصر كالإستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية والخرائط الجغرافية والصور الرادارية ونماذج الإرتفاعات الرقمية ،وللوصول لأعلى درجات الدقة تم الاستعانة بصور رادارية (ٍSRTM) من وكالة ناسا الأمريكية للفضاء حتى يتسنى تحديد ارتفاعات الأراضى مع منسوب سطح البحر،أما بيانات الغذاء فتم الحصول عليها من برنامج الغذاء العالمى، والبيانات الخاصة بالمياه والسكان فتم الحصول عليها من المصادرالمصرية المحلية المشهود لها بالدقة مثل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الخاص بالسكان، كذلك البيانات الجغرافية فالحصول عليها كان من الخرائط الطبوغرافية لمصر والحدود الإدارية للمحافظات والمراكز وتجمعات القرى،ولم يتوقف الإنجاز عند هذا الحد بل امتد إلى التعرف على تأثيرات التغيرات المناخيةعلى الأمن الغذائى لهذه المناطق،وعموماً يمكن الحصول من تلك الخرائط التى ستصبح متاحة على موقع سيدارى على سيناريوهات مستقبلية تحدد المخاطر التى يحتمل أن تصيب أيا من التجمعات السكانية والأراضى والمحاصيل الزراعية والمستشفيات والمصانع والمدارس أو المنشآت الخطرة أو مصافى البترول أو محطات انتاج الغازالطبيعى بالمناطق الساحلية المحتمل تهددها بأخطار الغرق، وهنا تجدر الإشارة إلى انه من خلال ذلك البرنامج يمكن تحديد خرائط المناطق الأكثر احتمالاً للتعرض لمخاطر التغيرات المناخية فى مصر اعتماداً على المعلومات الموثقة. وعن أهم النتائج التى باحت بها السيناريوهات يشرح الدكتور عبدالرحيم: هذه السيناريوهات تثرى الجدل الحالى الذى زادت حدته فى الآونة الأخيرة حول احتمالات غرق الدلتا بفعل ارتفاع منسوب سطح البحر، وأى باحث يمكنه استخدام نفس الخرائط للحصول على سيناريوهات بالمعلومات التى يغزى بها البرنامج ليحصل على النتائج بسهولة، فعلى سبيل المثال السيناريو الأول يظهر ارتفاع منسوب البحر على الدلتا بمقدار 25 سم ويتوقع احتمالية التهديد بغرق 104 قري، أما السيناريو الثانى فيتوقع فى حالة ارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار نصف متر زيادة عدد القرى المحتمل تهددها بالغرق إلى 112قرية، وهكذا يزيد عدد القرى إلى 124قرية لو زاد ارتفاع المنسوب إلى 75سم، ثم لو زاد إلى متر واحد سيرتفع عدد القرى المحتمل تهددها بالغرق إلى 132قرية، وبالطبع كل ذلك على أسوأ الفروض بوجود زيادات مضطردة فى ارتفاع منسوب مياه البحر، وهنا تبرز أهمية تلك المعلومات فى البحث عن حلول دولية ومحلية للحد من من الظاهرة بقدر الإمكان، كذلك دراسة كافة المقترحات والإحتياطات الممكنة.