ليس هناك أغلى لدى الأنسان من الشعور وإحساسه بمن حوله وإحساسهم به، فالأنسان كائن تنمو حياته متأثره بمن حوله، وإنعدام هذا الشعور أو تناقصه يسمى تبلد.. وفي معجم اللغه المعاصر يشرحون كلمة تبلُّد مصدر تبلَّد تتصف بغياب الشعور والانفعال،وفي علم النفس: لا مبالاة مرضيّة، تعتبر العَرَض الرئيسيّ في الحالات النفسيّة المرضيّة. وفي موقع آخرهناك تفسير ثاني تبلَّدَ يتبلَّد ، تبلُّدًا، فهو مُتبلِّد تبلَّد الشَّخصُ صار بليدًا أو حُرم الذّكاءَ والفِطْنَة والمضاءَ في الأمور متبلِّد الإحساس : لا يتأثّر وقد يكون هناك تركيز على ان تبلد الشخص هو الاقرب لمفهوم تبلد الشعور ومتبلد الاحساس لا يتأثر وهذا هو المفهوم الاوسع لهذه الكلمة من النعم الكبرى التي يحلم بها الإنسان في هذه الأيام الرغبة في الشعور «بالتبلد» الدائم! هذا الحلم الجميل يعني لا يتسلل إليك الشعور بالاكتئاب، ولا تصاب بأي ردود فعل تجاه ما تقرأه في الصحف أو تشاهده في نشرات الأخبار. الشعور باللاشيء في زمن الهستيريا والجنون والصوت العالي والتطاحن في برامج التوك شو والسباب على الإنترنت والظلام الدامس الذي نعيش فيه ( نتيجة قطع التيار الكهربائي ) وزحمة المواصلات الغير آدميه هو الإنقاذ وطوق النجاة الذي يساعدك على الخروج من دورات الاكتئاب. لذلك كله أقر أمامكم بأن حلمي الأكبر هذه الأيام أن أصاب بداء «التبلد»، بحيث لا يهزني خبر منشور في جريدة، ولا تدمع عيناي عند مشاهدة نشرة الأخبار، ولا يرتفع معدل الضغط والسكر في الدم عندي و انا أتابع أخبار الانفجارات وأري شباب يتساقط كعصافير الصيد ولا أنفعل حينما أرى القوى السياسية في مصر تتشاجر و كلا منهم يريد ان يجهز على البلد! « المتبلدون » سعداء لأن الله منحهم « سترة مضادة للمشاعر» لا ينفذ منها غضب أو حزن أو حسرة على أوضاع البلد أوالأمة العربية. حينما تكون متبلدا لا يزعجك أي خبر ولا يؤرق نومك أي مشهد من مجزرة في سوريا أو فلسطينالمحتلة، ولا يحترق دمك بسبب مظاهره هنا أوهناك، حينما تكون متبلدا لا تغضب للهزائم المتكررة للفريق القومي لكرة القدم، ولا تصاب بأي حزن من سوء الأداء السياسي. التبلد يجعلك لا تستهوي حالة الفوارق المذهلة بين الفقراء والأغنياء، وخوفك على اختفاء الطبقه المتوسطه التي ينتمي اليها معظمنا ولا يؤثر فيك أن أكثر من ثلث العرب يعيشون تحت معدل خط الفقر. المتبلدون هؤلاء السعداء لأنهم أعطوا عقولهم عطلة رسمية، ووضعوا أحاسيسهم في مخزن تبريد وتجميد، وكتبوا على ألسنتهم عبارة «ممنوع الغضب أو الاعتراض». وكما يقول العامه «يا بختكم يا ولاد الإيه»! [email protected] لمزيد من مقالات شروق عياد