لا أدري هل صدفة.. أم أنها متعمدة ومحسوبة بأن يصدر د. خليل فاضل أستاذ وعالم الطب النفسي كتابه الجديد "ضد الاكتئاب" ويأتي توقيت إصدار الكتاب بعد عام من ثورة 25 يناير 2011 النبيلة.. 365 يوما حافلة بالأحداث والوقائع وجري في النهر مياه غزيرة تحمل دماء الشهداء ومصابي الثورة. لقد حفل العام بأحداث جسام من مظاهرات واعتصامات ومصادمات واشتباكات بين الثوار وقوات الأمن والجيش.. وأعقب هذه الفترة الزمنية أعراض مرضية كالاضطرابات النفسية التي تعرض لها جموع غفيرة من الشعب المصري بسبب ما تعرضوا له من انتهاكات وضرب وسحل وقتل وإصابات واعتقالات ومحاكمات.. كانت سبباً رئيسياً في ظهور هذه الأعراض المرضية والإحساس الشديد بالذنب والعجز لدي الكثيرين لشعورهم بأنهم لم يستطيعوا إنقاذ الآخرين الذين تعرضوا علي مرأي منهم للضرب والسحل والقتل، وهو إحساس كما تقول د. منال عمر أستاذة الطب النفسي غالبا ما ينتاب من يتحلون بالشجاعة والإقدام في مثل هذه المواقف. إن ما حدث من مظاهرات واحتجاجات في ميدان التحرير ورؤية القتلي والمصابين في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الشعب ترك أثراً نفسياً سيئاً كما يقول د. أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي في أحد لقاءاته الصحفية. وقال إن الشباب الذين فقدوا أعينهم أو تعرضوا للإصابات قد يصابون ببعض الأعراض مثل القلق والاكتئاب والتنميل العاطفي، وهو إحساس بالتبلد مع نوبات العصبية الشديدة، وعدم القدرة علي التمتع بمباهج الحياة. أما د. خليل فاضل فيقول عن كتابه الجديد "ضد الاكتئاب" رغم وحاشة الاكتئاب وقساوته إلا أن الخروج من جحيمه يحسسك بمدي حلاوة الحياة وطعمها.. الاكتئاب مرض يشخصه الطبيب النفسي المتخصص ويعالجه بالعلم والعقاقير.. وهو مرض شائع يصيب الجميع.. الطفل والكهل، والمرأة والرجل، والغني والفقير حتي بعض الكائنات تصاب بالاكتئاب، وهو المرض رقم 4 عالميا، وتؤدي الإصابة به إلي العجز الحياتي، بل يؤدي في أحد أشكاله إلي الانتحار.. ولكن الشفاء منه ممكن إذا أراد المريض. ويقول د. خليل فاضل إنه أصيب بالاكتئاب مرتين واستطاع أن يعالج نفسه وشفي منه.. وقد بدأ كتابة هذا الكتاب عندما شاهد إعلاناً تجارياً للممثل غسان مطر عن الحلاوة الطحينية "دا اختراع يا كوتش" بعدها بدأ في كتابة هذا الكتاب الذي كان ينوي إصداره منذ فترة طويلة. وحسب تقرير الصحة العالمية فإن حوالي 121 مليون إنسان مصاب بمرض الاكتئاب منهم 25% يمكن علاجهم و90% يستجيبون للعلاج النفسي بالحوار مع العلاج بالعقاقير. الاكتئاب كما جاء بالكتاب كلمة غامضة يستخدمها الناس صح وغلط وهو تعبير عن حالات مختلفة من الضيق والقرف أو الحزن والغضب وعدم الفرح والحزن جزء من الاكتئاب.. ولا أحد يخلو من مؤثرات الحياة واضطراباتها مثل فقدان الأعزاء بالموت أو السفر.. فقدان الوظيفة أو المال.. فقدان المكانة الاجتماعية أو الأدبية.. عدم القدرة علي الإنجاب أو العمل أو الزواج.. كلها عوامل تسهم في الإصابة بمرض الاكتئاب.. وأحيانا يكون الاكتئاب معديا "كالضحك". ولكي تساعد نفسك يطالبك د. فاضل بأن تكون قوي الإرادة وأن تغير من عاداتك التي تبعث علي الملل والسأم، وحاول أن تكسر روتين حياتك.. اضحك للدنيا ونظف كل ما حولك.. وقم بأداء بعض التمرينات الرياضية كالمشي أو السباحة، وارقص مع الموسيقي وحرك الطاقة داخل جسمك، واستبدل ملاءة السرير بأخري، وغير نظام غذائك، وأكثر من تناول الفاكهة والخضراوات الطازجة، ولا تتردد في اتخاذ القرارات المصيرية.. واهتم بمظهرك وأناقتك، ولا تتهرب من المسئولية.. روشتة طويلة يكتبها د. خليل فاضل للتغلب علي الاكتئاب والقلق، والاضطرابات النفسية. "ضد الاكتئاب" جاء في موعده تماماً وأنصح بقراءته للتغلب علي الإحساس بالعجز والاكتئاب الذي أصاب شريحة كبيرة من المصريين بعد ثورة 25 يناير.. صحيح أن الثورة بريئة من هذا المرض ولا علاقة لها بأي مرض أو عقد نفسية ولكن ما حدث من أحداث وتجاوزات من طوابير البوتاجاز والبنزين وقطع الطرق والسكة الحديد والاعتصامات الفئوية وارتفاع في الأسعار والركود الاقتصادي كل ذلك سببه ثلاثون عاماً من القهر والنهب والسرقة قام بها النظام السابق. الشعب المصري قادر علي اجتياز هذه الأزمة وسيعبر بإذن الله إلي مرحلة جديدة تحفل بالتفاؤل والرقي والاستقرار والعيش في سلام ورخاء "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".. وداعاً للقلق والاكتئاب.. وأهلاً بالفرح والسلام.