فى هذه الأيام أى إنسان تقابلة فى اى مكان وتنظر فى عينيه تشعر كأنه يريد أن يشكو لك من ظروفه الخاصة والعامة حتى وأن كنت لاتعرفه ولم تره من قبل. لكن حالة الشجن العامة التى يعيشها الناس قربت بينهم وجعلتهم يتشابهون فى الألم وأيضا فى الأمنيات بأن يفرجها الله عليهم جميعا . البائع يشكو للمشترى من جشع تاجر الجملة والمشترى يشكو له كثرة العيال وطلباتهم التى لاتنتهى. أصحاب الأعمال يسرحون بعض عمالهم لتخفيض النفقات بينما قلوبهم تتقطع خوفا من عقاب الله لهم على قطع الأرزاق . الكل يكاد يصرخ فى صمت من الغلاء وأنقطاع الكهرباء وقرب دخول المدارس ومن ثم العودة لشراسة الدروس الخصوصية .. طيب أخواننا الكرام أصحاب أعلانات بيع الشاليهات الثمينة على سواحل مصر لعلية القوم ، هل من رحمة بنا فى هذه الظروف ؟! طيب أصدقائنا فى قنوات الطبخ لما اشوفهم بيوصفوا طريقة عمل أكلة ويقولوا عنها بسيطة وسهلة ومن ضمن مكوناتها لوزوعين جمل ولحم ضأن !! أو أعلانات تخلص من موبايلك القديم بأخر جديد وصيف فى أوروبا مثلا .. وقتها يأتينى فى الخيال فورا الفنان الجميل محمد هنيدى ويقول لى : "ترانى تأثرت ، لحظة أبكى" . بالطبع لا أبكى كما يقول هنيدى لكن أضحك على هؤلاء الذين يعرضون بضاعة لاتمت لواقعنا بشىء ، لكنى أتذكر أنه لولا وجود مستهلكين حقيقيين لبضاعتهم لما استمر هؤلاء فى الأعلان عن بضائهم الثمينة وأسأل نفسى سؤالى الدائم : ماذا لو كان لدينا تكافل حقيقى؟ بمعنى ألا يوجد فى بلدنا جائع أو محروم أو بلا مأوى فى مقابل أن يسكن الجميع فى مساكن عادية ومريحة ونظيفة وأن يأكل الجميع طعاما جيدا ، أما أن يحرم الكثيرين من أشياء عادية وبسيطة ثم تحصل قلة قليلة على حياة أخرى مختلفة وصاخبة فلا أعرف السبب وراء هذا التناقد الذى يسبب الحزن لأكبر فئة فى المجتمع ثم يليه الكبت وما يتبعه من آثار نفسية سيئة . لا أتعجب أبدا حين أرى أشخاصا يمشون فى الشارع يحدثون أنفسهم بصوت عال ، وقتها أتيقن أنهم عندما بحثوا عمن يتحدثون معه عن مشاكلهم وجدوه هو ايضا غارق فى مشكلاته . [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل