زمان كان كل شىء ينتصر للفقراء ، أما الأن فالفقراء غير موجودين على خريطة أحد ، صحيح أننا نعقد مؤتمرات للتحدث عن كيفية القضاء على الفقر والعشوائيات ، لكن هل فعلا قضينا على شىء منهما ؟ بالطبع لأ ، الحقيقة أننا بإعلامنا ومسلسلاتنا البازخة نخرج لهم لساننا فقط لنعيرهم بوضعهم ونؤكد لهم أنهم لن ينصلح حالهم أبدا . فى أفلامنا القديمة الجميلة كانت السينما تعلم الناس أن المال لايشترى الحب وأن الأنسان الفقير قد يكون بحب من حوله أسعد حالا من الغنى رغم بساطة حاله . لكن لو تأملنا ما تقدمه السينما والتليفزيون الأن سنجده صورة مشوهة للفقراء حيث أنهم مبدئيا قوم غير شرفاء يضطرون إلى بيع أعراضهم ليعيشوا، والفتايات يفعلن الفواحش بعلم أهلهن، و الرجال يعيشون على المخدرات التى تشتريها نساؤهم لهم وهم جالسون فى البيوت فى غاية الراحة . حتى الأمثال الشعبية التى كانت تهون على الناس حالها فوجئت بها وقد تغيرت ، إذ قال ممثل شاب فى احد المسلسلات _على سبيل الكوميديا _مثلا شعبيا بشكل محرف كالأتى : خذوهم فقراء يأخذكم ربنا بدلا من خذوهم فقراء يغنيكم ربنا . لماذا نجنى على القليل المتبقى لنا من اخلاق ، إن الحارات المصرية الفقيرة ليست بتلك الصورة البشعة التى يصورها الإعلام ، ومن الذى ابتدع فكرة أن المصريين غالبيتهم يعيشون فى فلل فارهة ولديهم أحدث السيارات يبدلونها طبقا لألوان ملابسهم ؟! حتى إعلانات الإسكان كلها تجمعات للأغنياء فقط بحمامات سباحة ونوادى للجولف وأسواق عالمية ، أما المصايف فشىء محزن طبعا أن تلك البلد التى تعانى اقتصاديا يكون بها هذا الكم من الشاليهات التى يبلغ ارخص واحد فيها نصف مليون جنيه !! هل من الممكن بعد كل ما يقدمه الإعلام والسينما ونعيشه يوميا كواقع أن نرى أحد يؤمن بأن السعادة ليست فى المال ؟! بالطبع لأ ، نحن نحتاج إلى مراجعة ما يحدث ومراعاة شعور طبقة عريضة من الناس ، فيها من لا يجد قوت يومه ولا مكان يأويه .