عندما نتحدث عن أهمية استعادة مصر لثقافتها الشعبية المتوارثة التي تمتثل للنظام العام وتقبل بالانضباط كمدخل وحيد لاستعادة الأمن والاستقرار فلابد أن نطرح علي أنفسنا سؤالا ضروريا هو: من الذي يفرض النظام والجدية والانضباط في أي مجتمع.. هل هو اعتياد الناس علي احترام القانون خشية الوقوع تحت طائلة الحساب الشديد الذي يمارس من خلال هيبة السلطة الحاكمة وقوة نفوذها.. أم أن اعتياد الناس علي احترام القانون يجيء انعكاسا لارتفاع درجة الوعي وإحساس الجميع بأن الكل أمام القانون سواء وأن المصلحة في احترام النظام والقانون منعا للفوضي التي لا تسمح بأي تقدم أو نهوض أو رقي لأي مجتمع؟ والجواب علي ذلك في اعتقادي هو مزيج من الخيارين.. خيار الوعي وخيار الخشية من الحساب فقد أثبتت التجارب في كل هذه الدول المتقدمة أن الوعي وحده لا يكفي لفرض النظام واحترام القانون وتحقيق الانضباط السلوكي وإنما لابد أيضا من إحساس الناس إحساسا حقيقيا بهيبة وجدية السلطة في تطبيق القوانين والتصدي لأي شكل من أشكال الفوضي. إن الوعي العام عندما يمتزج مع هيبة وجدية الدولة في السهر علي فرض النظام العام يفرز تلقائيا حالة من التراضي العام التي يشعر الجميع من خلالها بأن أمنهم واستقرارهم وضمان مصالحهم وراحة معيشتهم رهن بإدراك أن كل حق يقابله واجب و أن اقتسام الواجبات بعدالة يؤدي تلقائيا إلي اقتسام الحقوق بنفس درجة العدالة! ولست أظن أننا نتحدث عن المستحيل عندما نلح علي ضرورة مزج دعوات التوعية بغطاء من هيبة وجدية الدولة.. وساعتها لن يكون غريبا أن تسترد مصر أمنها الغائب واستقرارها المفقود! وفي اعتقادي أن الطريق إلي ذلك يبدأ بوعي عام تحرسه جدية الأجهزة المختصة لتأكيد حقيقة مفادها أن الشارع هو ملكية عامة ليس بمنهج الفوضي المستباحة حاليا وإنما بمنهج الحرص والاعتزاز الذي ننشده حفاظا علي هذا الوطن ومتطلبات الخروج السريع من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والأمني المزعج لنا جميعا! فهل نحن فاعلون؟ هذا هو السؤال.. وهذا هو الطريق! خير الكلام: بعض الأشياء تضيع لأننا لا نعرف قيمتها إلا بعد فوات الأوان! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله